آخر تحديث: الثلاثاء، ٥ سبتمبر/ أيلول ٢٠١٧ (٠١:٠٠ - بتوقيت غرينتش)مكة المكرمة - عمر البدوي
< في أيام الحج عبر التاريخ كان اللحم يفيض عن حاجة الناس بسبب محدودية الإمكانات واكتفاء الناس من اللحوم، فكانوا يلجأون إلى تشريق اللحوم في أيام التشريق وتجفيفها لحملها معهم إلى بلدانهم.
ولكن مع مرور الزمن تحول توزيع لحوم الهدي والأضاحي والاستفادة منها عبئاً كبيراً ينوء به الحاج، وأيضاً سكان مكة، فلذلك كان كثير من الحجاج يقومون بالذبح في الطرقات ثم يترك ذبيحته كما هي لتلوث المكان، وتكون مواقع لانتشار الأمراض والروائح الكريهة، ونتيجة لذلك كانت آلاف من الهدي والأضاحي تترك ومخلفاتها في العراء، فتقوم الجهات المسؤولة في أمانة العاصمة المقدسة بدفنها في مواقع جماعية يتم حفرها من طريق الــجرافات مــن دون الاستفـــادة منهــا.
وقال الباحث السعودي في المدن الإبداعية الدكتور سعيد العمودي، والمهتم بتحويل مكة لمدينة إبداعية في حديث لـ«الحياة»، مع تزايد المأساة والتلوث البصري والبيئي للهدي والأضاحي التي يعاني أصحابها من توزيعها أو حتى تخزينها، لذا تم إنشاء أول مبادرة لذلك بمشروع المملكة العربية السعودية للإفادة من الهدي والأضاحي عام 1403هـ الموافق 1983، وأسندت مهمة إدارته إلى البنك الإسلامي للتنمية، بمشاركة عدد من الجهات الحكومية السعودية، وكان الهدف هو الاستفادة من لحوم الهدي والأضاحي الفائضة ونقلها لفقراء العالم.
وفي 1420هـ تطور هذا المشروع، حيث تم إنشاء أكبر مجزرة آلية في العالم في المعيصم بهدف الاستفادة القصــوى من لحوم الهدي والأضاحي.
هذا المشروع المميز والفريد في العالم لخدمة الفقراء والمحتاجين، يعمل فيه 40 ألف موظف في تفاصيله كافة من الإدارة والإشراف والذبح والشحن والتوزيع، ويتم في المشروع ذبح مليون رأس من الغنم سنوياً والآلاف من الجمال والأبقار، وتوزع على 30 مليون إنسان من الفقراء واللاجئين في 27 دولة في آسيا وأفريقيا. ليس هذا فحسب، ولكن أيضاً تم إنشاء محطة معالجة مخلفات الذبح وفق نظام متطور للتخلص من هذه المخلفات بطاقة نحو (500 طن يومياً) وتحويلها إلى أسمدة طبيعية مع تصفية الدهون واستخدامها صناعياً بحيث يمكن التخلص من جميع مخلفات الذبح خلال ثمانية أيام بعد انتهاء موسم الحج.
هذا المشروع الفريد من نوعه على مستوى العالم الذي يخدم الغني الذي يقدم اللحم تقرباً لله ويساعده في نقله للفقير المحتاج، يؤكد بوضوح أثر التفكير الإبداعي وأثره الكبير في تحويل المشكلات التي تعاني منها المجتمعات إلى حلول إبداعية مستدامة، وهذا المشروع واحد من الحلول الإبداعية التي تؤكد أن مكة المكرمة بجهود ملوكها خدام الحرمين الشريفين هي مدينة إبداعية تبحث دوماً عن الحلول التي تحسن حياة الناس من حجاج وسكان.
الرابط :
تعليقات
إرسال تعليق