مكة المكرمة – عمر البدوي
رحلة الحج التي قد تكلف بعض مسلمي المناطق البعيدة عن مكة المكرمة مشاق بالغة ، من جهة المسافة أو المصاريف أو الشعور بالغربة وهو يفارق أهله إلى حيث شغف قلبه وتعلق بهذه المناسبة الثمينة ، ولذا فإن العودة شاقة على نفسه التي طاب لها المقام في بقاع الله الطاهرة .
يوم يكون حاجاً وقد قدم من بلاد بعيدة ، لا تكون مناسبة مخصوصة ولا متعلقة بنفسه فقط ، بل بالبلدة كلها التي يسكنها ، يصبح شأناً عاماً لما للحج من مكانة في قلوبهم وموقع أثير من نفوسهم ٬ وربما انتظر الحاج سنوات طويلة ، ودفع تكاليف باهظة ، وقطع مسافات كبيرة ، من أجل نيل هذه الفرصة الثمينة .
ويوم يتقرر موعد العودة وساعة الرحيل عن البقاع المقدسة ، يؤثر أغلبهم أن يحمل معه بعض الذكرى ، وشيئاً من الهدايا والتحف التي تساعده على استبقاء هذه الذكرى جزءاً من أثاث بيته ، دائمة الحضور أمام عينيه ، فضلاً عن قطع من الهدايا والتذكارات لأهل بيته ، تكون جسراً موصولاً لهم ببعض عبق هذا المكان الطاهر الذي تحن إليه قلوبهم الشغوفة به .
ينتشر حزام من الأسواق في محيط الحرم المكي والنبوي ، فضلاً عن عشرات البسطات العشوائية التي تنتشر بلا نظام في الأرصفة والطرقات والزوايا والأركان ، وفي كل مكان يصادف أن يمرّ به الحاج أو يصل إليه.
لا تكاد تخلو من كل ما يلزم الحاج ويحتاج إليه خلال إقامته ، ويغلب على البضاعة المتكدسة والمتنوعة ، الهدايا والقطع الصغيرة والمنوعة مما يسهل حمله ويصلح أن يكون تذكاراً لهذه الزيارة الميمونة إلى بقاع الله الطاهرة .
بانتهاء موسم الحج ، يبدأ موسم آخر من الحراك التجاري الذي تعيشه منطقة البلد بمدينة جدة ، حيث ينتظر الحجاج لأيام قبل أن تحين ساعة الإقلاع والرحيل إلى بلدانهم من مطار الملك عبد العزيز بجدة .
قبل ذلك لا بأس من زيارة عابرة إلى أسواق مدينة جدة العامرة ، تتجهز المتاجر والحوانيت المنتشرة هناك لموسم قدوم الحجاج بكل ما يمكن توقعه ، ومما قد يفكر الحاج في شرائه إما بدافع الحاجة إليه أو مجرد الذكرى .
تنتشر المسابح والخواتم والمصاحف والأقمشة بأنواعها والتحف والسجادات التي تتخذ مصليات على الأرض ، وسوى ذلك مما يجده الحاج رخيصاً يسع شراؤه ، وخفيفاً يمكن حمله .
يقول نايف علي وهو عامل يمني يبيع في إحدى الحوانيت القديمة في منطقة البلد بمدينة جدة ، أن موسم ما بعد الحج من أكثر المواسم اكتظاظاً ، إذ يشهد السوق حراكاً تجارياً وتدفقاً من الحجاج المتسوقين ، سيما وأن الأسعار هنا متوسطة ومناسبة لجميع أنواع الدخول ، كما أن البضائع متوفرة وتلبي كل المطالب ، ويستغل بعض الحجاج وجودهم للحصول على بصاعة جيدة وبسعر أقل بالنظر إلى الأسعار في البلدان التي قدموا منها .
ويضيف غالباً تكون أسواق جدة المحطة الأخيرة قبل مغادرتهم ، إذ غالباً ما يتوجهون إلى أسواق مكة المحيطة بالحرم أو تلك المتوافرة بكثرة في المدينة .
سوق مثل " سوق العتيبية " بشارع الحجون العام في مكة ، من أهم الأسواق الشعبية التي تتمتع بحركة تسوقية كبيرة وتجتذب الكثير من الحجيج ، ويضم أكثر من 2000 محل تجاري مهتمة ببيع الملابس والعطارة والبهارات، والمطاعم والحلويات والساعات، وأدوات الخياطة ولوازم الأعراس، والذهب ومستلزمات النساء والخردوات والهدايا والأقمشة والأواني المنزلية.
تعليقات
إرسال تعليق