جدة - عمر البدوي
< يقضي محمد الشاوي الكثير من الوقت مترحلاً في أطراف المملكة، يبحث عن نوادر تضاريسها وآثارها، شغف من نوع خاص يتمتع به الشاوي، فهو مغرم بالجبال والصخور والحرات وجغرافيا المملكة كثيرة التنوع والزاخرة بالعجائب. ومما يزيد متعته تلك الآثار التي يصادفها وتعود إلى آماد ضاربة في التاريخ لأجيال وحواضر وأمم عاشت ودرجت على تراب الجزيرة قبل أن تغادرها وينقطع ذكرها إلا من بعض الأثر الذي احتفظت به الأرض وفاءً لمن سكن إليها يوماً ما.
الشاوي يشعر بالأسى، لأن هذه الآثار تكاد تفقدها البلاد قبل أن تستثمر فيها الجهات الرسمية، باعتبارها دليلاً على تجذر إنسان هذا المكان، يشعر بالحزن أكثر عندما يجد يد العبث والإهمال تطاول تلك الآثار والمواقع الثمينة بفعل الجهل بها وقيمتها.
ما زال في هذه الأرض ما لم يكتشف بعد، هذه الأرض تفاجئك في كل مرة بقدر ما تحتفظ به من المعالم والمظاهر الطبيعية الساحرة التي لم نتعرف عليها بعد، هكذا يقول الشاوي الذي يجتمع ولفيف من الشبان على حب المعالم والظواهر والآثار، ويسافرون لها مئات الكيلوات في طول السعودية وعرضها.
يقول الشاوي في حديثه لـ«الحياة»: «تجولت في كثير من مناطق المملكة وشاهدت الحرات وفوهاتها البركانية الهائلة وجبال شمال غرب المملكة وتشكيلاتها الفريدة ونقوشها وكتاباتها القديمة، وكذلك الربع الخالي وكثبانه الثابتة والمتحركة والطولية والهلالية والنجمية، وشاهدت رياض نجد وجبال الحجاز وأودية تهامة، وبلادنا زاخرة بالجمال والتنوع».
ويعتقد الشاوي أن كثيراً من أرض الجزيرة العربية ما زالت مجهولة غير مكتشفة ولم تنل حظها من الاهتمام والتعريف بها، والسبب يعود لكونها بلاداً شاسعة مترامية الأطراف. وعما نواجهه فعلاً من إهمال التراث والطبيعة وعدم توثيقها والاستفادة منها سياحياً وثقافياً يقول: «نعم، نواجه إهمالاً كبيراً من الجهات المسؤولة، وكذلك عدم وعي المواطن بأهمية ذلك الإرث الحضاري العظيم».
وعن رؤية المملكة ٢٠٣٠ التي تعتمد على العمق العربي ما قبل الإسلام، وتمكينه لاستثمار الجغرافيا وتاريخ الطبيعة في هذا المجال، خصوصاً وأنه اكتُشفت بعض القطع الأثرية المدفونة في تراب السعودية تعود لآلاف السنين، يوصي الشاوي: «لا بد من تكاتف الجهود بين الجهات المسؤولة والهواة في توعية الناس، وإبراز ذلك بشكل قوي، الجهات المسؤولة للأسف لا تهتم بالهواة ولا تدعمهم».
ويضيف: «بلادنا مهد الحضارات ومنها انطلقت البشرية إلى أنحاء المعمورة، هذا الإرث الحضاري الكبير الممتد في عمق التاريخ هو أمانة يجب أن نحافظ عليها ونعرف قيمتها، ونصيحتي للشباب أبناء الوطن أن يكونوا على قدر كبير من المسؤولية والوعي، الوعي الحضاري والبيئي، فتعاليم ديننا الإسلامي تحث على التحلي بمكارم الأخلاق، يجب أن نشكر الله على ما حبانا به من نعم ونحافظ على مقدرات بلادنا، فهي لنا ولأجيالنا المقبلة».
الرابط :
تعليقات
إرسال تعليق