التخطي إلى المحتوى الرئيسي

«شارع الفن» فكرة عفوية تتحول «مزاراً سياحياً»


جدة - عمر البدوي 

يبدو وكأن أبها حازت قصب السبق بين مدن السياحة الداخلية المقبولة، فعلى رغم أنها تشترك مع بقية منافساتها من مدن السعودية في عدم انضباط الأسعار وشح الابتكار في الاستثمار السياحي وتواضع الخدمات المساندة، إلا أنها بقيت قبلة للسياح المحليين، ما تسبب في خلق زحام غير طبيعي عانته المدينة وسكانها ومصطافوها، غير أن عدداً من الأفكار السياحية الرائدة خطفت الأضواء، وأبقت الباب موارباً عن فرص الاستثمار السياحي الكامنة في المدن السعودية وتعطش أهالي المناطق المترامية إلى مثيلاتها.
كان شارع الفن حديث الناس ومحل تجمعهم هذه الأيام، فلا تكاد تخلو قائمة مصطاف يقصد مدينة أبها من تضمين هذا الشارع في أعلى هرم تفضيلاته، وما إن يزوره حتى يذهل لجمال تصميمه وبراعة الأنشطة التي تجري على جانبيه، صنوف من المواهب التي طرقت أبواباً مختلفة من الفن احتشدت في هذا الشارع الذي يكسوه الجمال في كل متر منه. يمتد الشارع إلى مسافة تزيد على ۲٥۰ متراً، وحوى ۱۰ معارض فنية بجانب المراسم المفتوحة، إلى جانب معرض مغلق يفتتح أسبوعياً ليضم أحد أعمال أشهر الفنانين، إضافة إلى تزيينه بالمظلات الملونة بإضاءات رائعة. وتستمر مدة الفعالية فيه 45 يوماً، واستفاد الكثير من الهواة والمبدعين منه لعرض أعمالهم الفنية على جانبي الطريق، الذي يبدأ بقرية تراثية ومعارض ومراسم فنية مفتوحة، يرتفع في الشارع صوت موسيقى لأحد مشاهير الغناء السعودي، يلهب ذلك خيال وريشة وذائقة الشباب والفنانين جميعاً، ويلقي بشاعرية مصنوعة محلياً على المكان، ويعزز انتماء الفن إلى الأرض التي أعطشها طول الغياب عنه، قبل أن تستعيد شيئاً من وهجه هذا العام في عدد من المناسبات التي انتصرت لنور الإلهام الفني وعبقرية الشعر والرسم والغناء على امتداد البلاد.
يمتد الشارع وفي الخلفية «مسرح المفتاحة»، الذي يحتفظ بعبق ماضيه، ويحن إلى أيامه الخوالي يوم كان الفنان السعودي يصافح آذان جمهوره المحلي ويشنف آذانهم بمقطوعاته، ولكن شارع الفن الذي تفرع وأورق على حوافه، ربما يستعيد روحه المكان من جديد كما يقول علي الفلاحي، الذي زار الشارع غير مرة ولا يكاد يمل. المشرف على هذه الفعالية وصاحب الفكرة الفنان عوض آل زارب سعيد بالتفاعل الكبير والروح الفنية التي جذبت الكثير من الهواة والمبدعين. تقدم آل زارب بمشروعه إلى فرع الهيئة العامة للسياحة العام الماضي، ليتم التنسيق لهذه الفعالية الفنية التي لاقت دعماً من فرع الهيئة وتشجيعاً من المهندس محمد العمرة، ونفّذ هذا السيناريو الفني الذي يتيح لعابري السبيل والمارين بالشارع مشاهدة الجماليات الفنية والمشاركة فيها، يحضر كل يوم إلى الشارع ليرعى فكرته التي شبت عن الطوق، وأصبحت حالة فنية واجتماعية تستحق التوقف والاهتمام.



الرابط :


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...