محجبات تركيات يتباركن بعلم عليه صورة أردوغان
المخالفون لسياسة أردوغان الخارجية يجدون أنه لا يستحق تنصيبه خليفة للمسلمين ولو مجازاً، فدولته تمتلك علاقة منسجمة مع الاحتلال الإسرائيلي.
العرب / عمر علي البدوي [نُشر في 28/08/2013، العدد: 9303، ص(12)]
اندلعت شرارة خلاف بين تيارين سعوديين في أروقة شبكة التواصل الاجتماعية الأشهر "تويتر" تحت غطاء هاشتاق "أردوغان خليفة المسلمين" على خلفية مواقفه المناصرة لمؤيدي الرئيس المصري المعزول محمد مرسي.
بدأ النقاش الحاد عندما أطلق أحد الناشطين الإسلاميين هاشتاق تنصيب رئيس الوزراء التركي خليفة للمسلمين، أردوغان القادم من خلفية سياسية إسلامية ظهرت كأوضح ما تكون إبان رياح الربيع العربي التي عصفت ببعض الدول العربية.
والمسائل الخلافية التي يزخر بها مجتمع تويتر بنسخته السعودية وجد الهاشتاق حجماً لا يستهان به من المؤيدين راصدين في معرض تحشيدهم للفكرة كماً من المواقف التي أبدى فيها أردوغان مواقف اعتبرت بطولية وصادقة لنصرة قضايا المسلمين.
وفي المقابل وجد المخالفون التقليديون لتيار الإسلاميين فرصة للتندر بالفكرة ورصد النقائص التي تنقض استحقاق أردوغان لهذا المنصب التاريخي الذي يحرك أشواق المسلمين ويرمز إلى عهود من القيادة الدولية، سيما وقد أخذ هذا المنصب بعداً إضافياً بعد موجة الربيع العربي التي أسهمت في تنصيب تيارات الإسلام السياسي في سدة حكم البلدان الثائرة.
ويجد المخالفون لسياسة أردوغان الخارجية أنه لا يستحق تنصيبه خليفة للمسلمين ولو مجازاً، فهو يحكم في إطار دستور علماني يحظر مظاهر التدين الفاقعة، فضلاً عن نصيحته لمصر ما بعد الثورة بتمكين العلمانية من حكم البلاد، وتمتلك دولته علاقة منسجمة مع الاحتلال الإسرائيلي.
سلسلة المواقف العنترية
يملك أردوغان تاريخاً تنموياً داخلياً أسهم في تلميع صورته وإطالة أمد بقائه في منصبه إلى جانب حزبه الإسلامي في دولة شديدة التعلمن بعد عهود من انحراف وفساد التيارات العلمانية والقومية المنافسة.
إلى جانب مشروعه الداخلي الذي تعرض لأزمة خانقة خلال تعامله الحاد مع مظاهرات ميدان تقسيم، يملك أردوغان مشروعاً سياسياً توسعياً، وفي معرض سعيه لتصفير المشاكل مع جارات تركيا ضمن خطته الاستراتيجية الأوغلية وقع بخلاف ما يرمي إليه عندما تسبب في إقلاق الكثير من الحلفاء وزيادة توتير بعض العلاقات غير السويّة ، فضلاً عن سياسته المغامرة خلال ثورات الربيع العربي التي اصطدمت بواقع متعثر ومعقد في المحطة السورية.
إلى جانب ذلك يملك رئيس الوزراء التركي خزينة ملهمة من المواقف السياسية الصارخة التي زادت من بريقه وتوهجه لدى العرب والمسلمين بوصفه نصيراً للمستضعفين، زاد من ذلك تضعضع الحضور العربي السياسي وخيبة أمل الشعوب العربية في قيادييها.
كان موقف أردوغان موقفًا "حازمًا" ضد خرق إسرائيل للمعاهدات الدولية وقتلها للمدنيين أثناءالهجوم الإسرائيلي على غزة، فقد قام بجولة في الشرق الأوسط تحدث فيها إلى قادة الدول بشأن تلك القضية، وكان تفاعله واضحاً مما أقلق إسرائيل ووضع تركيا في موضع النقد أمام إسرائيل، وقال رجب أردوغان "إني متعاطف مع أهل غزة".
وخلال الحصار الإسرائيلي على غزة توجه أسطول الحرية المحمل بالأدوية والأغذية لكسر الحصار وتعاملت معه إسرائيل بفظاعة مما تسبب في قتل عدد من الأتراك على متن الأسطول وزاد ذلك من أسهم أردوغان في مناصرة القضية الفلسطينية.
كما غادر أردوغان منصة مؤتمر دافوس احتجاجًا على عدم إعطائه الوقت الكافي للرد على الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريس بشأن الحرب على غزة بعد أن دافع الرئيس الإسرائيلي عن إسرائيل وناقش موضوع صواريخ القسام .
احتشد الآلاف ليلاً لاستقبال رجب طيب أردوغان بعد ساعات من مغادرة مؤتمر دافوس حاملين الأعلام التركية والفلسطينية ولوحوا بلافتات كتب عليها "مرحبا بعودة المنتصر في دافوس" و"أهلا وسهلا بزعيم العالم " وعلقت حماس على الحادث بالقول: "على الحكام العرب أن يقتدوا به".
وسوى ذلك من مواقفه السياسية مثل زيارته للمنكوبين المسلمين في بورما التي اعتبرها البعض تأتي في سياق تصويره كبطل إنساني والتسويق لها سياسياً والترويج لحزبه في الداخل التركي كما لو أنه يعبر عن طموحات تركيا العظمى ويمنحها مكانتها العالمية المنشودة.
خلال ثورات الربيع العربي وقف أردوغان مناصراً وبقوة للشعوب الثائرة، وانتقدت مواقفه التي اعتبرها المراقبون انتصاراً لتيار الإسلام السياسي الذي صعد على ظهر الثورات إلى كراسي التحكم بمصائر البلاد الثائرة.
في مصر التي شهدت دراما ثورية غير مسبوقة انتهت بعزل الرئيس الإخواني المنتخب محمد مرسي مما دفع بأنصاره للاعتصام لأكثر من شهر في ميداني رابعة العدوية والنهضة، أجبرت القيادة الحاكمة بعدها إلى فض الاعتصام بالقوة مما تسبب في وقوع ضحايا ونتائج غير محسوبة، سارع أردوغان إلى انتقاد الطريقة التي استخدمها الجيش والداخلية المصريتين لإنهاء اعتصام الإسلاميين، ورفع أصابع يده دون الإبهام واتخذ الإسلاميون على امتداد العالم ذلك شعاراً لمناصرة مؤيدي مرسي.
خلاف سرمدي
لا تكاد تهدأ الجبهة وخطوط التماس الفكري والأيدولوجي بين تيارات الخلاف الثقافي في السعودية حتى تنشب حرب جديدة تستعر على وقع الأحداث السياسية والفكرية التي تقع داخل البلاد أو في محيطها الإقليمي والدولي، وكثيراً ما يستنجد المتخاصمون ثقافياً بكل الرموز والمشاريع الخارجية. فمع كل خطاب للعاهل السعودي بخصوص قضية سياسبة خارجية ينشب عراك تويتري محموم في درجة تمثيل الخطاب لإراداتهم، فضلاً عن الخلاف المحتدّ الذي اشتعل في ذات الشبكة على خلفية خطبة إمام الحرم المكي الشريف الجمعة الفائتة الشيخ عبد الرحمن السديس التي نبّه من خلالها إلى موقف السعودية من أزمة مصر مما دعا التيارات المتباينة وكعادتها إلى استخدام ذلك في فتح جبهة جديدة من صراع الديكة.
الرابط : http://www.alarab.co.uk/?id=2371
تعليقات
إرسال تعليق