التخطي إلى المحتوى الرئيسي

«قمة جدة»... تنسيق إقليمي لمواجهة التحديات

مجلس الدول المشاطئة للبحر الأحمر وخليج عدن يعقد أولى اجتماعاته الخميس

الثلاثاء - 10 صفر 1444 هـ - 06 سبتمبر 2022 مـ رقم العدد [ 15988]

يعقد مجلس الدول المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، أولى قممه في مدينة جدة، الخميس المقبل، للشروع في وضع الآليات العملية والالتزامات الاستراتيجية تجاه التهديدات الأمنية والبيئية التي تحدق بواحد من أهم الممرات المائية في العالم. ويضم المجلس الذي تأسس مطلع 2020، ثماني دول من آسيا وأفريقيا، وينخرط قادة وزعماء تلك الدول في أول اجتماعاتهم لتوسيع التعاون السياسي والاقتصادي، وزيادة التنسيق والتشاور في الموضوعات المتعلقة بتعزيز أمن الملاحة وحماية التجارة العالمية التي تعبر من الممرات المائية والمضائق الحيوية في البحر الأحمر وخليج عدن. وقال الباحث السياسي عبده سالم، إن العرف التاريخي درج على أن النظام الأمني لبحر العرب وفيه خليج عدن، يختلف عن النظام الأمني للبحر الأحمر وفيه باب المندب، وإن التاريخ حمل بذور تنافس بين المعادلتين، مشيراً إلى أن ما حدث بإنشاء المجلس الجديد، هو إدماج النظامين الأمنيين لأول مرة في منظومة واحدة، ومن شأن ذلك تقليص المعادل الإيراني وبقية المهددات التي تتربع في حوض بحر العرب، وإعطاء البعد العربي حرية أكبر وسيطرة أوسع وتأثيراً أكثر في هاتين المنطقتين المهمتين. ودعا سالم، المهتم بقضايا البحر الأحمر ومنطقة القرن الأفريقي، إلى أن تستكمل قمة جدة، هذا البناء الأمني بمفهومه الواحد، بحيث لا ينفصل أمن البحر الأحمر، مع النظام الأمني لبحر العرب، وأن الانفصال طالما أثر على أمن جميع الدول المشتركة في محاذاة هذه المياه، وفتح ثغرة لتسرب اللاعبين الدوليين والإقليميين، مثلما حدث إبان مرحلة الحرب الباردة. وأضاف: «نأمل في أن يتم استيعاب النظام الأمني لبحر العرب، للحد من تدخلات دول منافسة تهدف إلى التأثير على النظام الأمني للبحر الأحمر، وأن التهديدات البيئية لا تقل ضراوة عن التهديدات الأمنية، ومن ذلك خزان صافر الذي ينذر بكارثة بيئية في حال استمرت جماعة الحوثي استخدامه كوسيلة، في حال تعرضها للضغط والخطر، والتهديد بتسريب نفطي يؤثر على الشواطئ الطبيعية والأحياء البحرية واستقرار المنطلقة ككل».
من جانبه، قال الباحث في الدراسات الاستراتيجية والعسكرية الدكتور محمد الحربي، إن قمة جدة تأتي في توقيت مهم بالنظر إلى ما يشهده العالم من أحداث متسارعة على المستوى السياسي والاقتصادي والعسكري، وتنافس القوى الكبرى لرسم خريطة جيوسياسية حديثة بعد تداعيات «كوفيد - 19»، فضلاً عن تداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية، على الطاقة والنفط وسلاسل الإمداد والتوريد، ونذر الحرب الباردة المتفاقمة بين الولايات المتحدة والصين. وأشار الحربي إلى أن العالم وهو يشهد تحولات جذرية في النظريات الجيوسياسية، خصوصاً ما يتعلق منها بنظرية «قلب العالم» التي أضحت على ضوئها منطقتا الخليج العربي والبحر الأحمر كتلة سياسية واحدة بنهاية القرن الـ20 وقلب العالم الحديث، تلعب فيها السعودية دورها كأهم مراكز الثقل السياسي والاقتصادي والعسكري والديني على خريطة العالم، بتجسيدها مفهوم التنوع والتوازن الاستراتيجي، وتعزيز الأمن والاستقرار والرفاه والتنمية الشاملة المستدامة في كل المجالات، ومجابهة التهديدات والتحديات الإقليمية والدولية المختلفة المرتبطة بهما، الأمر الذي بات لازماً بإزائه، وضع وتفعيل رؤية استراتيجية غير نمطية فاعلة ومتقدمة وواقعية وقابلة للتطبيق، ليتحقق معها تأمين منطقتي الخليج العربي والبحر الأحمر في مواجهة التهديدات والتحديات الدولية والإقليمية المختلفة.
من جهته، لفت الباحث ثابت الأحمدي إلى أن الدول التي تطلُّ على البحر الأحمر، مسؤولة بصورة مباشرة عن أمنه، إضافة إلى الدول الكبرى المرتبطة به من ناحية المصالح، وأن هذه الدول في أمس الحاجة لصياغة استراتيجية بحرية شاملة موحدة، تضع الأسس الأولية التي من شأنها حماية البيئة البحرية، باعتبار وحدة الجغرافيا البحرية التي لا تعرف الحدود، وأن ما يطرأ على منطقة ما في أي مكان من البحر الأحمر يؤثر على بقية المناطق المتصلة به. وأضاف: «المهددات البحرية اليوم كثيرة، لكن تأتي إيران في المقام الأول، كونها توجد في شرق أفريقيا من سنوات طويلة، وبينها وبين إسرائيل تخادم سري؛ كون إسرائيل أيضاً حاضرة في شرق أفريقيا، تحديداً في إريتريا، كما يمثل الحوثي مخلباً إيرانياً بجنوب البحر الأحمر في مساحة تقارب 440 كيلومتراً، هي مساحة اليمن على البحر الأحمر، ويستغل الحوثي هذه المساحة في التهريب والإرهاب البحري وتهديد الملاحة الدولية، وهو ما يستدعي وضع حد قاطع لهذا العبث من قبل الدول المطلة على البحر الأحمر». وأمِل الأحمدي في أن تضطلع قمة جدة بتوصيات بحرية استراتيجية، تضع حداً فاصلاً للمهددات الإيرانية في البحر الأحمر، وصياغة استراتيجية خاصة بأمن الجزر والموانئ، ابتداء من باب المندب وحتى صنافير وتيران السعوديتين في الضفة الشرقية للبحر الأحمر التي تطل عليها أربع دول، فضلاً عن الضفة الغربية التي تطل عليها أربع دول أخرى.
وكان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وجه الدعوة لقادة دول المجلس للمشاركة في أعمال ومناقشات القمة التي تستمر يوماً واحداً، في مدينة جدة على ساحل البحر الأحمر، حيث تحتفظ السعودية بأطول السواحل عليه (ما يعادل 36 في المائة من سواحل البحر الأحمر). ويتناول جدول أعمال القمة مجموعة من الموضوعات، تتصدرها تطورات الوضع في اليمن والقرن الأفريقي، وأمن الملاحة المائية وطرق التجارة الدولية وما تمثله من أهمية اقتصادية وتجارية واستثمارية للاقتصاد العالمي بأكمله.



الرابط:

https://aawsat.com/home/article/385




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

«تتبع الحجارة» عنوان 100 يوم من الفن المعاصر في بينالي الدرعية

السعودية تشهد اليوم واحدة من أكبر المناسبات الفنية العالمية   السبت - 7 جمادى الأولى 1443 هـ - 11 ديسمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15719] الرياض: عمر البدوي أصبح حي جاكس جاهزاً لانطلاق الدورة الأولى من بينالي الدرعية للفن المعاصر، واستقبال المتطلعين لزيارة واحدة من أكبر المناسبات الفنّية العالمية، ابتداءً من اليوم (السبت)، حتى 11 مارس (آذار) المقبل، وهو أول بينالي دولي يتطرق لموضوعات وأشكال الفن المعاصر في السعودية، ويعرض أعمالاً لفنانين عالميين ومحليين، مع مجموعة من الورش الثقافية والتجارب الممتعة. يأتي بينالي الدرعية، كتجربة استثنائية، ومنصة إبداعية تمتد لمائة يوم، تكشف جوهر الفنون السعودية بمختلف أنماطها، وتُفسح للفنانين مساحات للحوار وإثراء تجاربهم، لتعزيز المشهد الثقافي والفني، وتمكين المواهب المحلية، واستقطاب مجموعات الفنانين الدوليين لإغناء الحدث الفني المهم. وقال راكان الطوق، المشرف على الشـــؤون الثقافية والعلاقات الدولية في وزارة الثقافــــة الســـــعودية، إن استضافة المملكة لأول بينالي للفن المعاصر، يعدّ إنجازاً استثنائياً، وإن أهميته تأتي من كونــــه نقطة التقــــــاء للعالم،...