أمين مجمع الملك سلمان: اختبار كفايات اللغة يسد ثغرة عالمية
كشف الدكتور عبد الله الوشمي، الأمين العام لمجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، عن مهمة المجمع الذي أنشئ عام 2020 كإحدى مبادرات وزارة الثقافة المتعلقة بـ«رؤية السعودية 2030»، ودوره في المحافظة على اللغة كجزء من الهوية، والوعي بأهمية حماية ورعاية الجذور ومكونات الهوية الأصيلة، واستثمارها في الوجوه المختلفة.
وتطرق الوشمي في حوار مع «الشرق الأوسط» إلى العديد من المبادرات والهموم المتعلقة بأحوال اللغة العربية حول العالم، وأشار إلى أن اختبار كفايات اللغة العربية الذي أطلقه المجمع، يمضي الآن في مرحلة البناء، ويهدف إلى سدّ ثغرة عالمية في هذا المجال، وتوفير آلية معتمدة لقياس مهارات متعلمي العربية من غير الناطقين بها.
ونفى الوشمي أي تعارض بين أعمال المجامع العربية المعنية باللغة العربية، لافتاً إلى أنها تبنت إنشاء اتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية لتطوير التنسيق والتكامل بينها... وفيما يلي نص الحوار:
> كيف ينسجم عمل المجمع مع «رؤية 2030» وتطلعها لتعزيز وحضور «العربية» في الفضاءات العامة والدولية؟
- أُسّس المجمع منذ البداية بصفته مبادرة من مبادرات وزارة الثقافة المتعلقة بـ«الرؤية السعودية 2030»، وأوكلت إليه مهمة المحافظة على جزء من أجزاء الهوية (هو اللغة)؛ وذلك بوعي كبير بأهمية المحافظة على الجذور ومكونات الهوية الأصيلة، واستثمارها بوجوهها المختلفة؛ لتكون دافعاً أساسياً نحو التنمية، وتقديم الشخصية السعودية إلى العالم، ويحمل المجمع في اسمه صفة «العالمية»، بحيث برامجه المتنوعة لا تقتصر على الجانب المحلي فحسب، بل تمتد إلى العالم؛ في إعادة لتعريف الدور السعودي الذي انطلقت من أرضه اللغة العربية منذ فجر التاريخ، ولا يزال هو الممثل لهذه الثقافة العريقة.
كما أن المجمع معني بنقل اللغة من مستواها العلمي المهم إلى أن تشمل مستويات عديدة، فمن حق الإعلامي والرياضي والسياسي وعالم الاجتماع والنفس وغيرهم أن يكون لهم رؤى في نمو اللغة وتداولها؛ بل يجب عليهم ذلك، والمجمع معني بتفعيل هذا النهج، كما أنه معني بإطلاق برامج تضع اللغة في متناول الجميع وتحت نظرهم؛ ولذلك أطلقنا منصة المستشار اللغوي وتحدي الإلقاء للأطفال، ومؤشر اللغة العربية، وقريباً تنطلق قواعد البيانات وغيرها.
> هناك أكثر من 10 مجامع للغة في العالم العربي، كيف يتم التنسيق بينها بحيث لا تتعارض في المخرجات؟
- نؤمن بأن خدمة اللغة العربية مسؤولية الجميع، والميدان يتسع للجميع، باختلاف اختصاصاتهم وأعمالهم ومسؤولياتهم. وعمل مجامع اللغة العربية مقدّر ومشكور ومميز، والمجال في حاجة إلى المزيد من الأعمال والمبادرات والأنشطة، لا سيما ما يتصل بتخطيط مكانة اللغة العربية واكتسابها، وتداولها. كما أن مجامع اللغة العربية تبنت إنشاء اتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية للتنسيق والتكامل في مسارات العمل والبرامج المشتركة، ومجمع الملك سلمان ومركز الملك عبد الله ينشطون في هذا الاتحاد. وكان من أولى مبادرات مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية تنفيذ الندوات العلمية الدولية بالشراكة مع أعضاء المجامع اللغوية العربية، حيث نفذنا ندواتنا مع مجامع العراق ومصر والسودان، كما نفذنا برامجنا مع الرابطة الدولية لأساتذة اللغة العربية في أميركا، واتحادات مدرسي اللغة العربية في العالم، والعمل مستمر بمبدأ الشراكة والتعاون والتكامل.
> أطلقتم «برمجان العربية»، ما الحلول التقنية التي ستقدمها التقنية لتعويض الطرق التقليدية في التعامل مع مهام مجامع اللغة ووظائفها؟
- أُطلق «البرمجان» لأجل تحفيز العقول، وتشجيع الإبداع والتطوير وإذكاء روح المنافسة لابتكار حلول معالجة اللغة العربية. وقد شارك في هذا المشروع ما يزيد على 1000 مشارك من جميع أنحاء العالم. وكثير من هذه الحلول تخدم أعمال المجمع، سواءٌ في مجالات اللغة العربية، أو في توظيف الذكاء الاصطناعي لخدمتها. وقدم بعض المشاركين مشاريع تخدم الشعر العربي من ناحية التقطيع، والتعرف على البيت المكسور، وغير ذلك من الوظائف اللغوية التي تفيد الشعراء والمهتمين باللغة العربية. كما شاركت بعض المشاريع في خدمة المعاجم العربية عبر التعرف الآلي على الدلالة الصحيحة للكلمة بناءً على السياق، وهذا مفيد في تطبيقات وأجهزة القراءة، أو في متصفحات الشبكة العالمية، بحيث تتيح للقارئ التعرف على معنى الكلمة مباشرة دون أن يضطر إلى قراءة كل معاني الكلمة. كل هذه الحلول وغيرها يسعى المجمع إلى توظيفها لخدمة اللغة العربية، ونقلها من استعمال الوسائل التقليدية إلى أدوات مبنية على الذكاء الاصطناعي؛ وهو ما يوفر الوقت والجهد، ويرتقي بالخدمات المقدمة من المجمع.
> ما سبب اتخاذ قرار إطلاق اختبار كفايات اللغة العربية، وما جوانب التفرد في بنائه وتنفيذه؟
- يعمل المجمع ضمن خطة استراتيجية وبالمواءمة الدائمة مع رؤى مكتب تنمية القدرات البشرية في السعودية، وسبب إطلاق اختبار كفاية اللغة العربية هو أن المجمع هدف في هذا المشروع إلى سدّ ثغرة عالمية في هذا المجال، وهي عدم وجود اختبار كفاية لغوية معتمد لقياس مهارات متعلمي العربية من الناطقين بغيرها في العالم، في حين توجد اختبارات لغوية للعديد من اللغات العالمية، وأبرزها الإنجليزية TOEFL وIELTS، والفرنسية TFI، والصينية TOCFL، والإسبانية DELE. ومن هذا المنطلق، نصّ قرار مجلس الوزراء القاضي بإنشاء المجمع على أن من اختصاصاته بناء اختبارات كفاية اللغة العربية وتطبيقها. ويضم المشروع جوانب تفرد في بنائه وتنفيذه، منها أن المجمع يعمل على مشروع بناء اختبار مقنن لقياس كفايات اللغة العربية لمتعلميها من غير الناطقين بها، بحيث يقيس المهارات الأربع (القراءة، الاستماع، الكتابة، التحدث)؛ وذلك ما لم تغطه بعض المحاولات السابقة لإيجاد مثل هذا النوع من الاختبارات. إضافة إلى ذلك، فإن اختبار المجمع يُبنى وَفق الممارسات المتعارف عليها عالميّاً في علم القياس.
ويتضمن المشروع مراحل، من ضمنها، تقويم والاستفادة من الممارسات العالمية في اختبارات اللغة الثانية، ووضع الإطار العام للاختبار ومكوناته، وتفسير المستويات اللغوية مع مواءمتها للإطار الأوروبي المشترك للغات (CEFR)، ووضع الهيكل التفصيلي للاختبار على نحو يتواءم مع هيكل اختبارTOEFL المحوسب.
وبعد ذلك، إعداد أسئلة الاختبار، وتحكيمه، ووضع معايير التقويم للمهارات الإنتاجية، ثم تجربة الاختبار، وإعداد النسخ النهائية منه.
ويتعاون المجمع في مرحلة بناء الاختبار مع هيئة تقويم التعليم والتدريب، وهي الجهة السعودية المختصة بالتقويم والقياس واعتماد المؤهلات، وأحد بيوت الخبرة المتميزة في صناعة الاختبارات والمقاييس وتطبيقها على المستويين المحلي والعالمي.
وأما ما يتعلق بتنفيذ الاختبار، فسيطبق المجمع الاختبار محليّاً وعالميّاً، وذلك بالتعاون مع الجهات التعليمية والأكاديمية المعنية بتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها؛ حيث سيتاح التسجيل في الاختبار للراغبين في الحصول على درجة توضح تمكنهم من مهارات اللغة العربية؛ للحصول على قبول في الجامعات العربية، أو أقسام اللغة العربية في الجامعة العالمية، أو الراغبين في الحصول على وظيفة تشترط التمكن من مهارات اللغة العربية، ونحو ذلك.
> هل سيكون لكم دور إزاء وجهة النظر التي تنتقد استخدام كلمات وأسماء غير عربية في تسمية المشاريع أو إجراء المؤتمرات داخل السعودية؟
- من أعمال المجمع الاستراتيجية، العمل على بناء السياسات اللغوية والسعي إلى تفعيلها محليّاً وإقليميّاً ودوليّاً؛ ومن ذلك العمل في مسار سن التشريعات والقوانين والأطر الاسترشادية لخدمة اللغة العربية وتعزيز حضورها وفاعليتها. ويتوقع أن يكون لهذه الأطر النظامية تأثير مباشر في توجيه المشهد اللغوي بما يحفظ مكانة اللغة العربية ويحقق التطلعات، ونعتقد أن لجميع مؤسساتنا السعودية الحرص نفسه على التزام الهوية العربية، ويسعد المجمع بالتعاون الوثيق معهم، كما أننا ننفذ قريباً برنامجاً موسعاً لإطلاق معاجم لغوية بالتعاون مع مؤسسات سعودية عدة، وستكون البداية بلقاءات علمية نستعرض فيها الجهود السعودية في هذا المضمار؛ وهو ما يكمل البرنامج التدريبي الموسع الذي نفذه المجمع لأكثر من 1700 موظف في قطاعات متنوعة لهذا العام.
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
التسميات
الشرق الأوسط- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
تعليقات
إرسال تعليق