التخطي إلى المحتوى الرئيسي

سعوديون يواجهون «الإسراف» بـ «حفظ النعمة»



جدة – عمر البدوي 

على رغم ما فجّرته مقاطع الاستعراض بتبذير النعم والتفاخر بالإسراف من إمتعاض شديد بين غالبية فئات المجتمع، إلا أن كثرة رواج المقاطع التي تحوي مشاهد تصور تبذيراً وتجهل قيمة النعم، ساهم في إطلاق كم وافر من الحملات المطالبة بردع مثل تلك التصّرفات ومعاقبة مرتكبيها.
مقاطع مصوّرة لمواقف مختلفة من بينها صبّ العود على أيادي الضيوف، بدلاً من استخدام الماء في غسلها، وأخرى تُنثر فيها أكياس الهيل على الأرض، مثّلت بالنسبة إلى أبطالها مشاهد كرم لا يليق إلا بهم، فيما فسّرته الغالبية بالتجاهل الواضح لقيمة النعم.
مواقع التواصل الإجتماعي شهدت تفاعلاً واسعاً مع الأزمة الفكرية التي تتبنّاها مثل تلك المشاهد، ما دفع روادها من السعوديين إلى مطالبة المسؤولين بالتدخّل والحدّ من استفحال هذه الظاهرة، وتفعيل دورهم في التوعية والتوجيه منعاً لتمددها.
وتبنّت دوائر حكومية مهمات تخدم الهدف ذاته، مثل مبادرة أمانة محافظة جدة في حفظ النعمة، إذ وزعت الإدارة العامة للنظافة والمرادم نحو 900 حاوية لحفظ النعمة لمنتجات المخابز، على نطاق 9 عقود لشركات النظافة في المحافظة وتشمل 14 بلدية فرعية.
وكان إجمالي النفايات في المحافظة بلغ نحو 6 آلاف طن يومياً، تشكّل الأطعمة منها نحو 60 في المئة. وسبق وأن أعلنت الأمانة عن مبادرة لحفظ النعمة ألزمت بموجبها المطابخ وقاعات المناسبات في محافظة جدة بالتعامل مع فائض الأطعمة بطريقة لائقة وحضارية، تتماشى مع تعاليم الدين الحنيف في حفظ النعمة.
في السياق عينه، أطلق شباب محافظة القنفذة (جنوب مكة المكرمة) وأبناؤها مبادرة «خلوها تدوم»، التي تهدف إلى حفظ النعمة على هامش «سفراء» أحد أبرز مشاريع مكتب الدعوة بحلي. وتهدف المبادرة التي دشّنها مدير المكتب أحمد الصحبي في إحدى مناسبات الأفراح في بلدة السلامة، إلى زيادة الوعي الثقافي والإجتماعي من خلال الحفاظ على الطعام الفائض في المناسبات والإستفادة منه، وجمعت تواقيع لمبادرة «خلوها تدوم» بمشاركة شيوخ المنطقة ووجهائها وأعيانها.
وتحدّث الصحبي إلى «الحياة» عن تفاصيل المبادرة موضحاً، أنها «تسعى إلى تعميم هذا التقليد في قرى الوادي، وتذهب أبعد من ذلك إذ تحض المناطق المجاورة على تطبيق المبادرة في مواجهة ما ينتشر هذه الأيام من مشاهد الإسراف والإستخفاف بنعم الله، بل وتصويرها عبر الهواتف بغرض التفاخر بهذه السلوكيات التي تعبّر عن ثقافة مختلة وجهل بمعاني الكرم والضيافة».
وأضاف الصحبي: «المبادرة محاولة عملية لمواجهة الظواهر السلبية بأخرى تعكس الجانب الإيجابي لدى مجتمعنا، لا سيما الشباب الذين ساهموا في تنشيط الفعالية، وتراهن في شكل حقيقي على وعيهم وفكرهم المتحضر».
وعن تفاصيل تنفيذ المبادرة، أشار بركات الغبيشي أحد سكان السلامة أولى القرى التي فعّلت المبادرة، إلى أن «شباب القرية سارعوا إلى توفير الحاويات المخصصة بعد ختمها بشعار المبادرة، وطباعة البوسترات الدعائية لتمكينها من الانتشار». وذكر أن المبادرة تستهدف المناسبات وحفلات الزفاف في المقام الأول، التي تتكرر مرات عدة شهرياً، وتنجم عنها كميات كبيرة من الأطعمة الفائضة.
ولفت الغبيشي إلى أن «نفاد الأطعمة الفائضة يوضح الأثر الفعلي للحملة، إذ استطاعت كسر حواجز الحرج والأنفة لدى الجميع، عبر إسهام شيوخ القبائل وكبار البلدة قبل غيرهم إلى أخذ حصصهم مما تبقى وفاض من الأطعمة. كذلك أبناء جاليات مختلفة ممن اعتادوا المشاركة في مثل هذه المناسبات».
وسبق أن نفّذت هذه المبادرة في مناطق سعودية عدة عبر جمعيات مختصة، مثل جمعية «إطعام» التي كانت رائدة في هذا المجال. لكن الأمر زاد إلحاحاً في ظل ما شاع وبات يُعرف بـ «الهياط».


الرابط :

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

«تتبع الحجارة» عنوان 100 يوم من الفن المعاصر في بينالي الدرعية

السعودية تشهد اليوم واحدة من أكبر المناسبات الفنية العالمية   السبت - 7 جمادى الأولى 1443 هـ - 11 ديسمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15719] الرياض: عمر البدوي أصبح حي جاكس جاهزاً لانطلاق الدورة الأولى من بينالي الدرعية للفن المعاصر، واستقبال المتطلعين لزيارة واحدة من أكبر المناسبات الفنّية العالمية، ابتداءً من اليوم (السبت)، حتى 11 مارس (آذار) المقبل، وهو أول بينالي دولي يتطرق لموضوعات وأشكال الفن المعاصر في السعودية، ويعرض أعمالاً لفنانين عالميين ومحليين، مع مجموعة من الورش الثقافية والتجارب الممتعة. يأتي بينالي الدرعية، كتجربة استثنائية، ومنصة إبداعية تمتد لمائة يوم، تكشف جوهر الفنون السعودية بمختلف أنماطها، وتُفسح للفنانين مساحات للحوار وإثراء تجاربهم، لتعزيز المشهد الثقافي والفني، وتمكين المواهب المحلية، واستقطاب مجموعات الفنانين الدوليين لإغناء الحدث الفني المهم. وقال راكان الطوق، المشرف على الشـــؤون الثقافية والعلاقات الدولية في وزارة الثقافــــة الســـــعودية، إن استضافة المملكة لأول بينالي للفن المعاصر، يعدّ إنجازاً استثنائياً، وإن أهميته تأتي من كونــــه نقطة التقــــــاء للعالم،...