< لم تكن نيّة السعودية إحالة ملف كامل إلى مجلس الأمن وجامعة الدول العربية، تُثْبِت فيه التدخُّلات والممارسات الإرهابية لحزب الله في اليمن، وتطالب بإجراءات قانونية دولية في حقه، إلا نتيجة لسلسلة من التجاوزات المستمرة لتدخلات «حزب الله» في الخليج، إذ أعلنت الحكومة اليمنية أخيراً أن «حزب الله» في لبنان «تورَّط بشكل مباشر بالقتال مع الميليشيات الحوثية في اليمن وبالحضور في ساحات القتال على الحدود اليمنية - السعودية».
تعود انتهاكات «حزب الله» اللبناني في الخليج إلى تاريخ طويل وغائر جداً إنفاذاً لأوامر طهران ونياتها العدائية، إذ يعتبر الحزب أحد أكثر أوراقه ولاءً واستجابة لرغباته، في يناير (كانون الثاني) 2016 اعترفت إيران رسمياً على لسان قائد الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري بوجود 200 ألف مقاتل إيراني خارج بلادهم في «سورية والعراق وأفغانستان وباكستان واليمن».
كما قامت البعثات الديبلوماسية الإيرانية بتشكيل شبكات تجسس في مختلف الدول والتي يتم من خلالها تنفيذ الخطط والعمليات الإرهابية، ومن الدول التي اكتشفت وجود شبكات تجسس إيرانية على أراضيها: السعودية 2013 والكويت 2010 و2015 والبحرين 2010 و2011 واليمن 2012 والإمارات 2013.
ويشارك «حزب الله» في تدريب المخربين في اليمن والكويت والبحرين والعراق ويشارك ميدانياً في سورية، ويحاول كل ما استطاع إلى ذلك سبيلاً تطبيق الأجندة الإيرانية والإضرار بأمن الخليج واستقرار دوله وشعوبه. في العام 1983 قام عناصر من «حزب الله» و«حزب الدعوة» الشيعي المدعوم من إيران بمجموعة هجمات طاولت السفارة الأميركية والسفارة الفرنسية ومصفاة النفط وحياً سكنياً، نجم عنها مقتل خمسة وجرح ثمانية أشخاص.
ثم في أواخر أيار (مايو) 1985 حاول «حزب الله» اغتيال أمير الكويت - آنذاك - الشيخ جابر الأحمد الصباح، أثناء توجهه من قصر السيف وهو قصر الحكم إلى قصر دسمان مقر سكنه، بواسطة سيارة مفخخة. وبعدها بشهر ونصف الشهر استهدف «حزب الله» مقهيين شعبيين بمدينة الكويت خلفا عشرات القتلى والمصابين، وفي العام التالي 1986 أحبطت الكويت مسلسل اختطاف الطائرات الكويتية موقتاً بعد محاولة 16 شخصاً اختطاف طائرة كانت متوجهة إلى آسيا، ولكن وفي العام نفسه اختطف عماد مغنية طائرة كويتية كانت في طريقها إلى تايلاند وهبط بها في مدينة مشهد الإيرانية بغرض إجبار الكويت على إطلاق سراح متورطين من «حزب الله» في تفجيرات 83.
في عام 2016 أصدرت محكمة الجنايات الكويتية حكماً بإعدام اثنين من المدانين في القضية المعروفة بـ«خلية العبدلي» وأحدهما إيراني الجنسية، وذلك بتهم ارتكاب أفعال من شأنها المساس بوحدة وسلامة أراضي دولة الكويت والسعي والتخابر مع إيران وحزب الله للقيام بأعمال عدائية.
الأمر نفسه حدث في السعودية، إذ تسعى إيران ووسيطها التخريبي «حزب الله» إلى تنفيذ عمليات تخريبية على أهداف استراتيجية داخل المملكة، بدأ ذلك في موسم الحج عام 1987 عبر ما يعرف بـ«حزب الله الحجاز» الذي تورط في استهداف مقر شركة «صدف للبتروكيماويات» في المنطقة الشرقية، ثم تنفيذ عمليات تشويش وتخريب العام 1989 بالقرب من الحرم المكي.
ونظراً للقبضة الأمنية الشديدة للسلطات السعودية ضد تحركات «حزب الله» وخلاياه المحلية غيّر من طبيعة عملياته بمحاولة استهداف سفارات المملكة في الخارج في تايلاند وتركيا وباكستان، والدأب لاغتيال ديبلوماسيين سعوديين، وفي العام 1996 كشفت تقارير أمنية عن تورط أسماء في «حزب الله الحجاز» وصنوه في لبنان بجريمة تفجير الخبر الذي راح ضحيته 19 قتيلاً.
وسبق أن أعلن وزير الدولة للشؤون الخارجية في البحرين غانم البوعينين إن دول الخليج «تعتبر حزب الله منظمة إرهابية وقررت النظر في اتخاذ إجراءات ضد مصالحه في أراضيها»، وذلك في ختام لقاءٍ لوزراء خارجية مجلس التعاون في مدينة جدة السعودية في 2 حزيران (يونيو).
وأثناء قيام الثورة الخمينية، نشرت صحيفة محلية في إيران عام 1979 مقابلة مع الإيراني آية الله صادق روحاني طالب فيها بضم البحرين إلى إيران، ثم كرر هذا الطلب النائب في مجلس الشورى الإيراني حسين علي شهرياري وزعم أن البحرين كانت محافظة إيرانية. وفي عام 2003 تم إحباط مخطط إرهابي بدعم إيراني لتنفيذ أعمال تفجير في مملكة البحرين، والقبض على عناصر خلية إرهابية جديدة كانت تتلقى الدعم من الحرس الثوري الإيراني و«حزب الله» اللبناني. وفي أحداث 2011 التي شهدتها البحرين ألقت السلطات البحرينية القبض على خمسة من العمال اللبنانيين المقيمين في البحرين للاشتباه في صلتهم بـ«حزب الله» في لبنان، وعلقت كل من شركة «طيران الخليج» وشركة «طيران البحرين» رحلاتهما إلى بيروت. كما شهدت البحرين جملة من الحوادث المتفرقة، فأعلنت خلال 2012 تفجير قنابل أودت بحياة بعض العمال الآسيويين، وقالت وكالة أنباء البحرين في بيان لها إن أساليب «الإرهابيين» تثبت أنهم دُربوا «خارج البحرين وأن بصمات حزب الله واضحة تمامًا».
وكانت قناة الإخبارية السعودية الرسمية بثت مقاطع فيديو تضمنت وثائق واعترافات منسوبة إلى عناصر قالت إنهم من «حزب الله» اللبناني، يقومون بتدريب عناصر من ميليشيا تابعة للحوثيين.
وتظهر المقاطع جانباً من تحضير عمليات داخل العاصمة السعودية الرياض وعلى الحدود اليمنية - السعودية. ويظهر تسجيل فيديو قدمه مسؤولون سعوديون لـ«رويترز» ومؤسسات إعلامية أخرى، عضواً مزعوماً في «حزب الله» كنيته أبوصالح اللبناني، يجلس في خيمة ويبحث التكتيكات مع مقاتلين حوثيين في الصيف الماضي.
ومعظم التسجيل صامت، لكن في أحد المقاطع القليلة غير الصامتة ظهر وهو يقول: «عندي عملية خاصة بقلب الرياض».
ورداً على سؤال من أحد الحاضرين عما إذا كانت عملية انتحارية، قائلاً: «إنه يطلق عليها عمليات استشهادية».
الرابط :
تعليقات
إرسال تعليق