التخطي إلى المحتوى الرئيسي

قرية «رجال ألمع» التراثية.. عبق التاريخ وحراك الثقافة



أبها - عمر البدوي 

على مسافة 45 كيلو متراً مدينة أبها تبرز قرية رجال ألمع، فوق هامات جبال شاهقة، بأبنية تروي تصاميمها المعمارية تراث المنطقة وتاريخها، لتذكر بأزمنة نحت فيها الإنسان الحجر وحفر الجبال ليسكن جوفها آمناً من قسوة الطبيعة.
يحاول أبناء رجال ألمع الاحتفاظ بعبق تاريخهم؛ وفاءً وتقديراً لجغرافيا المكان الذي حوى ذكريات أجيالهم المتعاقبة، وعبر متحف القرية الذي يعرض المقتنيات الأثرية للمنطقة، يحاول أهل المدينة اختصار مسافات واسعة من التاريخ ومكابدة الجغرافيا وظروف الحياة في مساحة تراثية صغيرة.
وانطلق متحف رجال ألمع بمبادرة عامة من أهالي المحافظة؛ لحفظ تراث منطقتهم، وتولى أبناء القرية جمع المقتنيات القديمة التي تبرع بها الأهالي، وأسهمت نساء القرية في نقش القصر بإشراف الفنانة الألمعية فاطمة علي أبو قحاص، قبل أن يتبرع الكثير منهن بحليهن القديمة من الفضة وبعض مدخراتهن من الزينة، ليكتمل المتحف، قبل أن يلقى الكثير من الدعم والاهتمام والتشجيع من المهتمين بالسياحة.
قصة إنشاء متحف رجال ألمع تعود إلى عام 1985، حين طرح أهالي ألمع اقتراحاً لإنشائه، فحرص القائمون عليه حينها على جمع القطع التراثية والعملات وكل ما يعكس سمات الحضارة القديمة والفن المعماري، ويتضمن المتحف اليوم أكثر من 2800 قطعة أثرية و500 كيلوغرام من الفضة القديمة تحولت اليوم إلى شاهد على حضارة قديمة يستمتع بها الزائر.
وافتتح المشروع في عام 1987 بحضور أمير منطقة عسير السابق خالد الفيصل، وبعد مرور كل هذه السنوات على افتتاحه، لا تزال القرية تستقبل آلاف الزائرين سنوياً خلال أيام العطل والإجازات الرسمية، قبل أن يعود الهدوء ليسكن القرية التي ودعت ضيوف متحفها.
لكن الحركة لا تتوقف على أرض المتحف، إذ تنشط الفعاليات الثقافية والأدبية لأهل المدينة عبر مجلس ألمع الثقافي، وعن ذلك يقول أمين المجلس السابق علي فايع الألمعي لـ«الحياة»: «مجلس ألمع الثقافي كان وليد فكرة لزملاء≠ مهمومين بالعمل الثقافي في رجال ألمع، وجدوا الظروف المناسبة لمثل هذا العمل الخلاق، اختاروا القرية التاريخية مقراً لتفعيل نشاط المجلس، لما يحمل المكان من عوامل جذب سياحي وحضور ثقافي وعمق إنساني، واتفقوا على تسميته مجلساً نظير ما يدور فيه من الحوارات الثقافية».
واهتم المجلس باستضافة شخصيات ثقافية على مستوى المملكة وبنى منهجاً قائماً على تكريم شخصية ثقافية كل عام تعرف اليوم بشخصية المجلس الثقافية وفق معايير يحددها أعضاء المجلس الذين يبلغ عددهم 12 عضواً فاعلاً يمثلون روح الشباب وحكمة الكبار، فيما يتولى الإنفاق على المجلس أحد أعضائه الفاعلين وهو إبراهيم آل مسفّر الألمعي.
ويضيف فايع: «أكمل المجلس منذ افتتاحه ثلاث سنوات، كانت حافلة بالعديد من الفعاليات الثقافية، وتم خلالها تكريم ثلاث شخصيات ثقافية، والآن يدخل المجلس سنته الرابعة بآمال وطموحات كبيرة تؤسس للفعل المدني الذي يقترب من الثقافة ويحافظ على الروح الوطنية ويسعى جاهداً لإحداث أثر في الساحة الثقافية»، ويتابع: «لا أبالغ إن قلت إن هذا المجلس أضحى اليوم منارة ثقافية يسعى إليها كبار أدباء الوطن ومثقفيه».






























الرابط :

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...