التخطي إلى المحتوى الرئيسي

مقبول العلوي: الروائي الجيد من يفهم ما يدور حوله




جدة - عمر البدوي 

{ مع مطلع آذار (مارس) المقبل يكون قد مر عام، على إعلان اسم الروائي السعودي مقبول العلوي فائزاً بجائزة «كتاب العام» التي تتبناها وزارة الثقافة والإعلام، وتسلم في حفلة افتتاح معرض الرياض الدولي للكتاب، عن روايته «زرياب». وكانت روايته «فتنة جدة» (2010) وصلت إلى اللائحة الطويلة لجائزة «البوكر» فضلاً عن روايته «سنوات الحب والخطيئة» (2011) التي ترشحت لجائزة الرواية السعودية عام 2012. ويستعد العلوي خلال أيام للسفر إلى السودان لتسلم جائزة الطيب صالح للإبداع في دورتها السادسة في فرع القصة القصيرة.
العلوي المولود في محافظة القنفذة ويعمل في مدارسها في تخصص التربية الفنية، صدرت له قبل أسابيع قليلة روايته الجديدة «البدوي الصغير»، وفيها نتف من تاريخ وأحداث مسقط رأسه «وادي حلي» وبعض من مرّ بها مثل ولفريد تسيغر وأبو جهاد خليل الوزير نائب رئيس منظمة التحرير الفلسطينية وشيء من هذا القبيل. فإلى نص الحوار:


> حصلت غالبية رواياتك على احتفاء لائق في شكل جوائز.. هل هو الجهد الواسع الذي تبذله لإنتاج العمل، أم عبقرية اختيار الموضوع؟
- هو توفيق من الله أولاً. ربما أن أعمالي وجدت احتفاء، وهذا أجده في واقع الأمر يشكل لي دافعاً كبيراً في بذل المزيد من الجهد؛ لأن القارئ هو رأس مالي أولاً وأخيراً، وأعول عليه كثيراً وعلى آرائه ونقده. نعم، أنا أبذل جهداً واسعاً، خصوصاً في أعمالي، ذات الصبغة التاريخية؛ لأنها تحتاج إلى اطلاع واسع في أمهات الكتب؛ لتكون عوناً مهماً في كتابتها.

> كيف كان شعورك عندما ترشحت لجائزة «بوكر» منذ تجربتك الروائية الأولى؟
- كانت مشاعر مربكة قليلاً لي، فكون عملك الأول قد ترشح ضمن قائمة «بوكر» وفي أول إطلالة لك شيء مهم بالفعل، وقد مهَّد الطريق أمامي ووضعني في الوقت ذاته أمام مسؤولية كبرى في كيفية تجاوز العمل الأول، الذي ترشح لهذه الجائزة العالمية الكبرى.

> روايتك «زرياب»، حصلت على جائزة معرض الرياض الدولي للكتاب في الرواية، تمضي الآن سنة على هذه الذكرى.. كيف التقطت هذه الشخصية من أحشاء التاريخ وقدمتها إلى العالم في رواية؟ أهو محض صدفة أم تعلق شخصي أم سر آخر ترويه لنا؟
- منذ أن قرأت عن زرياب في الكتب أصبح يشكل هاجساً لي. هذه شخصية عظيمة لها بصمات كبرى في سير الحضارة. بعضهم يرونه مجرد مغنٍّ، ولكن هو رجل لديه مواهب أخرى كثيرة. كان رجلاً مثقفاً حقيقياً بمقاييس ذلك العصر الزاهي. رجل أحدث نقلة نوعية كبرى في الحياة، وغيَّر كثيراً من رتابتها ، وأصبغ عليها روحاً جديدة. هو شخصية جديرة أن تكون محط الكثير من الدراسات المكثفة، ولو كان هذا الرجل ينتمي إلى دول أوروبا لفعلوا من أجله الكثير.

>هل كان «زرياب» موقفاً شخصياً من الموسيقى، أحببت تمريره تمرره عبر الرواية في ظل مجتمع يتعطش إلى الموسيقى؟
- حري بالقول أنني شخص أعشق الموسيقى، وأراها سبباً مهماً في التخفيف من جفاف الحياة وتعبها. استمعت في سن الشباب الأولى إلى الكثير من الموسيقى العالمية، ووجدتها لغة عالمية لا تحفل باللغات ولا بالحدود والأعراق. ومن المؤكد أن عشقي للموسيقى كان سبباً مهماً في كتابة رواية «زرياب».

> عندما تزور معرضاً خليجياً للكتاب، ستجد الاكتظاظ واضحاً للشبان والفتيات على دور النشر المختصة بالروايات ومنصات توقيع الكتاب الشباب لا ينقصها الاكتظاظ.. أهو مؤشر إيجابي بالضرورة، في ظل من يتهم ذلك بالسطحية؟
- هي بالفعل ظاهرة ملاحَظة، وأنا أرى القراءة اختياراً في حقيقة الأمر. من حق أي شخص أن يكتب، وأن يجد القراء لما يكتبه بغضّ النظر عن كون هذه الأعمال سطحية أو غير ذلك. الأمر متروك للأذواق، والبقاء لأصلح دائماً في نهاية الأمر. ولكن كون أنك تجد قرّاءً في سن الشباب في عصر الانفتاح الإعلامي ووسائل التواصل الاجتماعي يبدو الأمر رائعاً بالفعل.

> ماذا ينقص الروائي السعودي لينافس عالمياً؟
- الروائي السعودي وصل إلى العالمية من خلال الترجمة والفوز بالجوائز المهمة، التي فتحت آفاقاً واسعة أمامه ليصل إلى أكبر قدر من القراء في مختلف أنحاء العالم، والأسماء كثيرة. من أراد أن يبحث عنها فما عليه سوى البحث عبر الإنترنت، وسيجد الكثير من الأعمال الإبداعية السعودية وصلت إلى القرّاء في مختلف أنحاء العالم. والذي ينقصه أعتقد بأنها الترجمة للغات أخرى. أجد قصوراً كبيراً في هذه الناحية، ولكن الأيام المقبلة كفيلة بتحقيق ذلك، شرط أن تكون هذه الأعمال جديرة بالترجمة، ومتجاوزة في المستوى والشكل والمضمون.

> تفتقر البيئة المحلية إلى الاشتغالات التي تساعد في صنع أعمال عميقة، وهو ما يضطر الروائي إلى الإطناب في التاريخ فاقداً القدرة على الابتكار وتجديد مواضيعه ومناولاته؟
- لدينا أعمال عميقة ومتفردة، ولا يجوز لنا أن نغمط حق المبدع، ونقول له إنه يصنع أعمالاً غير عميقة، واللجوء إلى التاريخ في كتابة بعض الأعمال هو نوع من البحث والتقيب في أحداث وشخصيات جديرة بالكتابة عنها، وهي قد تفرض نفسها عليك، وقد تجد أنها تشابه الكثير من الواقع المعاش، على رغم حدوثها في حقب زمنية بعيدة. نحن لدينا مكون تاريخي كبير لو تيسر لغيرنا لكتبوا كثيراً من الأعمال المستقاة منه. أما الابتكار وتجديد الموضوع وتناوله فهذه مهمة الروائي، وهذا ما يصنع الفوارق بين كاتب وآخر.

> تشهد منطقتنا مخاضاً سياسياً محموماً قلَّ أن يسلم منه أحد.. ما قدر الروائي في هذه المعمعة، إن انهمك في الشأن السياسي فقد السيطرة على اتزان فكره وجريان قلمه، وإن انعزل واعتكف عن واقعه كان كمن انحسم اتصاله ونجع بقلمه، كيف تخلق التوازن المثمر؟
- كلامك صحيح، والروائي الناضج المطّلع على الأمور عليه أن يسعى للفهم في ما يدور حوله، وألا يتقوقّع على ذاته.
الفهم مدخل مهم لسبر الأغوار يسانده بالطبع الاطلاع والقراءة لما بين السطور فيما يدور من حوله، لكن عليه -أي المبدع- ألا يشغله ذلك عن الحس الإبداعي حتى لا يكرر ما يقوله الآخرون. لا بد من أن تكون له بصمته على الأمور.

> يغلب على رواياتك النفَس التاريخي.. أيسعك أن تكتب في غير هذا الباب؟
- لي أعمال غير تاريخية منشورة، وأنا أسعى إلى تنويع تجربتي الكتابية؛ لأن الجمود يقتل الإبداع والمبدع في آن واحد.
أسعى إلى تطوير تجربتي من خلال الاطلاع والقراءة على أعمال الكتّاب الآخرين؛ للاستفادة القصوى من تجاربهم.

> ما مشاريعك الأدبية المستقبلية؟
- هناك الكثير من المشاريع التي بدأت في كتابتها، وهناك أعمال انتهيت منها، منها عمل روائي عن الحلاج فرغت منه بعد جهد كبير، استنزف كل وقتي في كتابته. وهناك رواية نشرت لي منذ أسابيع قليلة عن دار الساقي، وعنوانها: «البدوي الصغير» وهي من الروايات غير التاريخية.


الرابط :

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

«تتبع الحجارة» عنوان 100 يوم من الفن المعاصر في بينالي الدرعية

السعودية تشهد اليوم واحدة من أكبر المناسبات الفنية العالمية   السبت - 7 جمادى الأولى 1443 هـ - 11 ديسمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15719] الرياض: عمر البدوي أصبح حي جاكس جاهزاً لانطلاق الدورة الأولى من بينالي الدرعية للفن المعاصر، واستقبال المتطلعين لزيارة واحدة من أكبر المناسبات الفنّية العالمية، ابتداءً من اليوم (السبت)، حتى 11 مارس (آذار) المقبل، وهو أول بينالي دولي يتطرق لموضوعات وأشكال الفن المعاصر في السعودية، ويعرض أعمالاً لفنانين عالميين ومحليين، مع مجموعة من الورش الثقافية والتجارب الممتعة. يأتي بينالي الدرعية، كتجربة استثنائية، ومنصة إبداعية تمتد لمائة يوم، تكشف جوهر الفنون السعودية بمختلف أنماطها، وتُفسح للفنانين مساحات للحوار وإثراء تجاربهم، لتعزيز المشهد الثقافي والفني، وتمكين المواهب المحلية، واستقطاب مجموعات الفنانين الدوليين لإغناء الحدث الفني المهم. وقال راكان الطوق، المشرف على الشـــؤون الثقافية والعلاقات الدولية في وزارة الثقافــــة الســـــعودية، إن استضافة المملكة لأول بينالي للفن المعاصر، يعدّ إنجازاً استثنائياً، وإن أهميته تأتي من كونــــه نقطة التقــــــاء للعالم،...

ماذا يخطر في بالك ( 5 ) ؟

هنا أنقل بعضاً من منشوراتي على صفحتي في ( الفيس بوك ) . راجياً لكم النفع والفائدة  . ضعف التقدير يقود إلى سوء التقرير . .................. كلما كان واقعك ثرياً وغنياً ، بارت بضاعة خيالك الواهم . …………… إذا أحببت شيئاً ثم التقيت به بعد غياب فكأن الروح ردت إليك بعد غيبة الموت ، أو العقل عاد بعد جنون ، أو الذاكرة استفاقت بعد غيبة . كل الأشياء الرمادية تسترجع ألوانها الزاهية ، والروائح الزاكية تستجرّ عنفوانها ، والمشاعر اللذيذة تستعيد عافيتها . ما يفعله الشوق بك من ذهاب العقل وغيبة الذاكرة وموات الروح ، يفعل بك الوصل أضعافه من الفرح والطرب والنشوة . لقد جُبل هذا القلب على الإلف بما يحبه والتعلق به حتى يكون بمثابة الطاقة الموصولة بألياف الكهرباء ، أو الزيت الذي يقدح النور ، والجمر الذي يستفز أعواد البخور . وإذا غاب المحبوب واستبد بك الشوق انطفأ نور الوجه وضاقت النفس وذهب الفرح حتى يعرف ذلك في حدة طبعك وانغلاق عقلك وعبوس وجهك ، فإذا التقى المحبوبان والتأم القلب عادت المياه لمجاريها وشعشع الوجه واتسع الثغر وانفرجت الأسارير . سبحان من خلق . ……………… إذا كنت...