«البنت إذا كانت عطشانة وحطيتلها بطل ماي ويمه بلاك بيري، راح تاخذ البلاك بيري وتكتب: عطشانة حدي» رسالة بلاك بيري
أعتقد أن واحدا من أسباب نجاح فكرة شبكات التواصل الاجتماعية والأجهزة التقنية الجديدة التي تجري مجراها؛ هي عملها على تخليص مستخدمها من حالة الاغتراب التي يعانيها الإنسان، فكلمات مثل قبول الصداقة والإعجاب بالمنشورات والتعبير عن حالتك الآنية وما تفكر فيه على الفيس بوك: كلها جوانب تدغدغ الإنسان وتبعث له الشعور بالثقة في نفسه وإحساسه بالقبول الاجتماعي
وكذا في تويتر فاستخدام تعبير (متابعة) وأتباع ودواليك مما يغري المشاهير ورجال الفكر والثقافة والسياسة ممن يستخدم هذه التقنيات لاكتشاف انتشار أفكاره ومناصري توجهه واستخدامها كقراءة عاجلة ومبسطة لحالة القبول الفكري له وربما التوافق على مستوى الرموز في التوجه والمسار، ناهيك عن جوانب لها انعكاسات شعورية بالثقة والاطمئنان مثل (إعادة التغريد – التفضيل – والهاشتاق: كتعبير عن تسليط ضوء الاهتمام حول شخص أو فكرة ما)
في البلاك بيري غزل من نوع خاص لمشاعر الإنسان البسيط الذي يجد ما يطحنه في بقية الشبكات الاجتماعية التي ابتلعها الرموز بشهرتهم الذائعة وحضورهم المتوهج، فعلى مستوى العامة وجد الناس ما يغريهم من (قبول الإضافة) و(إعادة توجيه الرسائل) والإهداءات
وأصبحت إشارة (ping) تدل إلى استدعاء من نوع خاص للمحادثة الشخصية المتبادلة، وإشارة (تجاهل) طلب صداقتك مؤشراً قاسياً على الرفض وانزعاج من شخصك، بينما صوت الرسائل والتحديثات لدى المراهق نافذة إلى العالم وكأنه يمور بالحركة ويعيش في نشاط مستمر لا ينقطع
وأعرف شاباً قليل ذات اليد إذا انقطعت الخدمة عن هاتفه يشعر بالضيق، لكأنه انقطع عن شريان الحياة بمجرد حرمانه التواصل مع أصدقاء قد تربطه بهم علاقات مباشرة في المدرسة والشارع والملعب ولكن يجد في قوائم الاتصال لديهم شيئاً مثيراً ومختلفاً ويستحق المتابعة
هذا الإحساس بالانقطاع أوجد (فزعة) من نوع خاص وكأنه أبدل معاني التشارك والتعاون على أساس انعكاسات هذه التقنيات على الحياة الاجتماعية، فيكفي أن تشعر مجموعة ما بانقطاع صديقهم الافتراضي أو مطالبته بالمعونة حتى يبادروا بدعمه وتحمل بعض تكاليف إعادة تنشيط الخدمة
كما أن الصور الرمزية والرسائل الشخصية أصبحت كافية للتعبير بالإنابة عن الإنسان ومزاجه وحالته النفسية والصحية لمجرد البحث عن أشخاص يشاركونه المغنم أو المغرم، ويبادلونه الشعور بالاهتمام والاحترام
كتب عبدالله الوهيبي أحد مستخدمي تويتر في تغريدة ما «الهوس الذي وفرته الأجهزة الحديثة بالكرنفال الدائم من الصور الشخصية هو تعبير عن النرجسية الدفينة في أعماق كل نفس ذائقة الموت» ولاقت لدي إحساناً وتوافقاً لما رأيته
أصبح التعلق بالأدوات التقنية بادياً على الشباب المنغمسين في المراهقة بكل حمولاتها وأثقالها العاطفية والذهنية، لقد استعاضوا عن مواقعة التجارب على الأرض إلى عالم من الافتراض لا يسلم من عيب وقصور فادح
لقد زاد من إحساس بعض الشباب بالغربة والاعتزال الاجتماعي، وأوجد لهم هذه المرة بديلاً آخر وبرر لهم الانطواء المزعج الذي ربما يتحول إلى رسوبات اجتماعية تشل قدرته على التعايش والاندماج البشري، زاد من أسئلة القلق في ذهنه وإحساسه بخطر العجز عن إجابات كافية أمام ضغط التحول إلى عمر جديد في ظل غياب راشد من مؤسسة البيت والمدرسة والمسجد الفاعل
لقد خلق البلاك بيري مزيداً من الوهم لدى المراهق بقدرته الفذة في بناء العلاقات الجيدة التي لا تجد لها أثراً مباشراً في قدراته على التواصل الجيد مع الآخرين، خلق لديه وهم العلاقات الواسعة والشعور بالقبول الاجتماعي الكبير، بينما يعيش انفصالاً حاداً مع واقعه
لقد عانت الأسر والمدارس كثيراً من القدرة على تأهيل الأبناء على قوة الشخصية وبناء القدرات التعبيرية ودهمت التقنيات الجديدة لمفاقمة هذه المشكلة وترسيخ الإعياء الصارخ لدى المراهق
ضعف الشخصية داء كثير من أولياء الأمور، واليوم إلى جانب الضعف الصريح أضيف وهم القدرات الاجتماعية المتهافتة، عداد الصداقات الرقمي يتزايد ورصيد المراهق في المجتمع الواقعي ينخفض بفعل المزيد من الانطواء عن المجتمع والانكفاء على الذات ومفاقمة الأخطاء التي تجد لها التأييد والعضد من أصدقاء خارج الحدود التي تقع تحت طائلة نظر ودراية الوالدين سيما من يعاني قلة في الإلمام بهذه التقنيات الجديدة ليزيد ذلك في الطين بلة
إذا كان «تويتر» استطاع نقض عدد من الحكومات الفاسدة وحقق ثورات شعبية لا مثيل لها في تاريخ العرب، وكان «فيس بوك» متنفساً للمواهب الناضجة وفرصة لنشر أطروحاتهم وملتقى ثرياً للطبقات المتوسطة، فإن «البلاك بيري» كان ملتقى عاماً للعوام واحتوى كافة أطياف المجتمع البسيط وربما أسهم في إحياء الحراك الاجتماعي ولكنه رسخ كثيراً من الظواهر السلبية لديه .
أعتقد أن واحدا من أسباب نجاح فكرة شبكات التواصل الاجتماعية والأجهزة التقنية الجديدة التي تجري مجراها؛ هي عملها على تخليص مستخدمها من حالة الاغتراب التي يعانيها الإنسان، فكلمات مثل قبول الصداقة والإعجاب بالمنشورات والتعبير عن حالتك الآنية وما تفكر فيه على الفيس بوك: كلها جوانب تدغدغ الإنسان وتبعث له الشعور بالثقة في نفسه وإحساسه بالقبول الاجتماعي
وكذا في تويتر فاستخدام تعبير (متابعة) وأتباع ودواليك مما يغري المشاهير ورجال الفكر والثقافة والسياسة ممن يستخدم هذه التقنيات لاكتشاف انتشار أفكاره ومناصري توجهه واستخدامها كقراءة عاجلة ومبسطة لحالة القبول الفكري له وربما التوافق على مستوى الرموز في التوجه والمسار، ناهيك عن جوانب لها انعكاسات شعورية بالثقة والاطمئنان مثل (إعادة التغريد – التفضيل – والهاشتاق: كتعبير عن تسليط ضوء الاهتمام حول شخص أو فكرة ما)
في البلاك بيري غزل من نوع خاص لمشاعر الإنسان البسيط الذي يجد ما يطحنه في بقية الشبكات الاجتماعية التي ابتلعها الرموز بشهرتهم الذائعة وحضورهم المتوهج، فعلى مستوى العامة وجد الناس ما يغريهم من (قبول الإضافة) و(إعادة توجيه الرسائل) والإهداءات
وأصبحت إشارة (ping) تدل إلى استدعاء من نوع خاص للمحادثة الشخصية المتبادلة، وإشارة (تجاهل) طلب صداقتك مؤشراً قاسياً على الرفض وانزعاج من شخصك، بينما صوت الرسائل والتحديثات لدى المراهق نافذة إلى العالم وكأنه يمور بالحركة ويعيش في نشاط مستمر لا ينقطع
وأعرف شاباً قليل ذات اليد إذا انقطعت الخدمة عن هاتفه يشعر بالضيق، لكأنه انقطع عن شريان الحياة بمجرد حرمانه التواصل مع أصدقاء قد تربطه بهم علاقات مباشرة في المدرسة والشارع والملعب ولكن يجد في قوائم الاتصال لديهم شيئاً مثيراً ومختلفاً ويستحق المتابعة
هذا الإحساس بالانقطاع أوجد (فزعة) من نوع خاص وكأنه أبدل معاني التشارك والتعاون على أساس انعكاسات هذه التقنيات على الحياة الاجتماعية، فيكفي أن تشعر مجموعة ما بانقطاع صديقهم الافتراضي أو مطالبته بالمعونة حتى يبادروا بدعمه وتحمل بعض تكاليف إعادة تنشيط الخدمة
كما أن الصور الرمزية والرسائل الشخصية أصبحت كافية للتعبير بالإنابة عن الإنسان ومزاجه وحالته النفسية والصحية لمجرد البحث عن أشخاص يشاركونه المغنم أو المغرم، ويبادلونه الشعور بالاهتمام والاحترام
كتب عبدالله الوهيبي أحد مستخدمي تويتر في تغريدة ما «الهوس الذي وفرته الأجهزة الحديثة بالكرنفال الدائم من الصور الشخصية هو تعبير عن النرجسية الدفينة في أعماق كل نفس ذائقة الموت» ولاقت لدي إحساناً وتوافقاً لما رأيته
أصبح التعلق بالأدوات التقنية بادياً على الشباب المنغمسين في المراهقة بكل حمولاتها وأثقالها العاطفية والذهنية، لقد استعاضوا عن مواقعة التجارب على الأرض إلى عالم من الافتراض لا يسلم من عيب وقصور فادح
لقد زاد من إحساس بعض الشباب بالغربة والاعتزال الاجتماعي، وأوجد لهم هذه المرة بديلاً آخر وبرر لهم الانطواء المزعج الذي ربما يتحول إلى رسوبات اجتماعية تشل قدرته على التعايش والاندماج البشري، زاد من أسئلة القلق في ذهنه وإحساسه بخطر العجز عن إجابات كافية أمام ضغط التحول إلى عمر جديد في ظل غياب راشد من مؤسسة البيت والمدرسة والمسجد الفاعل
لقد خلق البلاك بيري مزيداً من الوهم لدى المراهق بقدرته الفذة في بناء العلاقات الجيدة التي لا تجد لها أثراً مباشراً في قدراته على التواصل الجيد مع الآخرين، خلق لديه وهم العلاقات الواسعة والشعور بالقبول الاجتماعي الكبير، بينما يعيش انفصالاً حاداً مع واقعه
لقد عانت الأسر والمدارس كثيراً من القدرة على تأهيل الأبناء على قوة الشخصية وبناء القدرات التعبيرية ودهمت التقنيات الجديدة لمفاقمة هذه المشكلة وترسيخ الإعياء الصارخ لدى المراهق
ضعف الشخصية داء كثير من أولياء الأمور، واليوم إلى جانب الضعف الصريح أضيف وهم القدرات الاجتماعية المتهافتة، عداد الصداقات الرقمي يتزايد ورصيد المراهق في المجتمع الواقعي ينخفض بفعل المزيد من الانطواء عن المجتمع والانكفاء على الذات ومفاقمة الأخطاء التي تجد لها التأييد والعضد من أصدقاء خارج الحدود التي تقع تحت طائلة نظر ودراية الوالدين سيما من يعاني قلة في الإلمام بهذه التقنيات الجديدة ليزيد ذلك في الطين بلة
إذا كان «تويتر» استطاع نقض عدد من الحكومات الفاسدة وحقق ثورات شعبية لا مثيل لها في تاريخ العرب، وكان «فيس بوك» متنفساً للمواهب الناضجة وفرصة لنشر أطروحاتهم وملتقى ثرياً للطبقات المتوسطة، فإن «البلاك بيري» كان ملتقى عاماً للعوام واحتوى كافة أطياف المجتمع البسيط وربما أسهم في إحياء الحراك الاجتماعي ولكنه رسخ كثيراً من الظواهر السلبية لديه .
الرابط :
تعليقات
إرسال تعليق