خطة اكتتاب أرامكو تعتبر حجر الزاوية لبرنامج الأمير محمد بن سلمان، للإصلاح الاقتصادي ووقف ارتهان الاقتصاد السعودي للنفط وحده عبر تنويع مصادره المتعددة، ومن بينها الموارد البشرية السعودية.
الأحد 2019/11/17
العهد الجديد الذي تعيشه المملكة العربية السعودية اليوم، بما ينطوي عليه من فرص ومهام تاريخية تؤشر لمستقبل واعد، وتحديات تقتضي آلية عملية واستجابة نوعية ، فرض بروز وجوه جديدة تتصدى لهذه المهام وتتبنى مسؤوليات العمل على إنجاحها وتجاوز عقباتها .
إنها مهمة وفلسفة شديدتي التعقيد، لكنها حتمية للانتقال إلى حافة التطلعات المخزونة في تضاعيف رؤية جريئة وخطة جسورة ومتطلبة. ويبرز ياسر الرميان كواحد من تلك الأسماء البارزة في طاقم العمل الحكومي، ومن رجال الصف الأول لقيادة المرحلة المفصلية من عمر البلاد التي يبدو أنها تطوي صفحة بزخم تاريخي، وتبدأ في كتابة قصة جديدة لها على تراب الأحلام العريضة وفضاء الأمنيات المشرعة .
طبقة جديدة من القيادات التكنوقراطية، تتبنى أدوات وروح العمل الجديد في ديناميكيته وسرعة تفاعله وتعاطيه مع واجبات المرحلة، وتستند إلى خبرة عريضة تلقتها من سلسلة الخبرات العلمية والعملية التي احتكت بها وباشرتها على المستوى الشخصي.
بقيت بعض الأسماء مستقرة، تحتفظ بحقائبها، وتعزز حضورها بالنجاح المتصاعد في تحقيق الأدوار المنشودة لها في خارطة البناء الجديدة، فيما تم تداول أسماء من خلفيات متعددة على مقاعد الوزارات والهيئات الحكومية لترويض التحديات التي تطرأ على سير العملية البيروقراطية، وتقارب سقف رؤية المملكة 2030 بكل آفاقها البعيدة وحدودها المديدة في القطاع الاقتصادي الذي توليه رؤية السعودية الجديدة، محل الصدارة في الاعتماد عليه بتوسيعه وتنويعه وتعزيز أرضيته المحلية، وطرق فضاءات جديدة لا تخلو من المخاطرة الحميدة، مؤداه بناء اقتصاد وطني متين منخفض الاتكاء على واحدية سلعة النفط، ومنفتح على مقدرات محتملة من شأنها أن ترفع من تنافسية السعودية في سلع أخرى دون إثقالها بأعباء الواجبات المستقبلية وأكلافها الخارجية .
الرميان يترأس مجلس إدارة شركة أرامكو السعودية، وهو محافظ صندوق الاستثمارات العامة السعودي، ورئيس مجلس إدارة معادن، والمستشار في الأمانة العامة لمجلس الوزراء بمرتبة وزير، ورئيس الاتحاد السعودي للغولف منذ أكتوبر 2017، ورئيس مجلس إدارة مركز دعم اتخاذ القرار السعودي.
أهنئ أخي معالي الأستاذ ياسر بن عثمان الرميان، محافظ صندوق الاستثمارات العامة، بمناسبة تعيينه رئيسًا لمجلس إدارة أرامكو السعودية، والتي تأتي كخطوة مهمة لإعداد الشركة للطرح العام، راجيًا له كل التوفيق والنجاح.
1,521 people are talking about this
ولد في العام 1970، وحصل على بكالوريوس في المحاسبة من جامعة الملك فيصل، وشهادة برنامج الإدارة العامة من كلية هارفارد للأعمال في الولايات المتحدة الأميركية.
يتمتع الرميان بخبرة تفوق خمسة وعشرين عاما من العمل في عدة هيئات ومؤسسات مالية رئيسة بالمملكة استهلها في البنك السعودي الهولندي، حيث شغل مناصب عليا في العديد من الأقسام حتى أصبح مدير إدارة الوساطة المالية الدولية.
ويمتلك المسؤول السعودي الجديد في أكبر شركة نفط في العالم سجلا حافلا في العمل الحكومي والخاص، تدور غالبية محطاته حول المناصب الإدارية القيادية في المجموعات المالية والبنوك، بجانب مناصب حكومية رفيعة انطلقت بعد شغله منصب مستشار بالديوان الملكي بين عامي 2015 و 2016.
عُين مستشارا في الأمانة العامة لمجلس الوزراء بمرتبة وزير، ثم عُين عضوا في مجلس إدارة صندوق التنمية الصناعية السعودي، وعضو مجلس الإدارة في “مجموعة سوفت بنك”، شركة “أوبر تكنولوجيز”، و”شركة آرم ليمتد”، وهو عضو “الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين”.
مهمة خاصة
ينفذ الرميان مهمة غير مرئية بتوليه رئاسة مركز لا يحظى بالكثير من الشهرة، وهو مركز دعم اتخاذ القرار، وهو جهاز حكومي مرتبط تنظيميا بالديوان الملكي السعودي، ويتمتع بالشخصية الاعتبارية، والاستقلال المالي والإداري.
ويهدف المركز إلى اتخاذ القرار برصد وتحليل الأحداث والتطورات والمتغيرات والظواهر والقضايا الداخلية والإقليمية والدولية وانعكاساتها، وإبداء الخيارات
والبدائل المناسبة حيالها، واقتراح التصورات المثلى للتعامل معها. كما يعدّ المركز الدراسات المستقبلية، ومتابعة المستجدات والتحديات المحتملة في مختلف المجالات، وتقديم المقترحات اللازمة لمواجهتها، ويوفر المعلومات اللازمة لمجلس الوزراء ومجلس الشؤون السياسية والأمنية ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وجمع البيانات والمعلومات ذات الصلة باختصاصات المركز والمهمات المخولة إليه والموضوعات التي يكلف بها، وتوثيق تلك البيانات والمعلومات وتحليلها ومعالجتها وحفظها، والإسهام في تثقيف وتوعية الرأي العام حول القرارات المتخذة والموضوعات المطروحة والقضايا المثارة.
الفضاءات الجديدة
اكتسب صندوق الاستثمارات العامة في السعودية زخما جديدا، بوقوعه ضمن اهتمامات رؤية المملكة 2030 عبر تعزيز دور صندوق الاستثمارات العامة كونه المحرك الفاعل لتنويع الاقتصاد في المملكة، وتطوير قطاعات استراتيجية محددة من خلال تنمية وتعظيم أثر استثمارات الصندوق، ويسعى لجعله من أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم، فضلا عن تأسيس شراكات اقتصادية وطيدة تسهم في تعميق أثر ودور المملكة في المشهد الإقليمي والعالمي.
وقد تولى الرميان مهمته كمحافظ للصندوق في إطار دعم برنامج تطويره. وقفز صندوق الاستثمارات العامة 21 مركزا بين أكبر صناديق الثروة السيادية من حيث الأصول عالميا، ليصعد من المركز 31 في عام 2015، إلى المركز العاشر بعد إعادة هيكلته ورئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لمجلس إدارته.
ويسير صندوق الاستثمارات العامة بخطى ثابتة نحو تحقيق أهدافه الرئيسة المتمثلة في تعظيم قيمة أصوله، وإطلاق قطاعات جديدة، وتوطين التقنيات والمعارف المتقدمة، وبناء الشراكات الاقتصادية الاستراتيجية، وذلك سعيا لتعزيز دور الصندوق كمحرك فاعل لتنويع الاقتصاد السعودي.
الصندوق الذي تأسس سنة 1971، واختص بتمويل المشاريع ذات القيمة الاستراتيجية للاقتصاد الوطني السعودي ، شهد قفزة أخرى بانتقال مرجعيته من وزارة المالية إلى مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية في المملكة، وبعد أن بادر مجلس الإدارة الجديد باتخاذ عدد من الخطوات لتطوير القدرات والاستراتيجية الاستثمارية للصندوق بهدف تمكينه من إدارة محفظة استثمارية أكبر وأوسع من المحفظة الاستثمارية الحالية، وإضافة أصول جديدة، مع الحرص على دعم آليات وأهداف رؤية السعودية 2030 ، وتنويع الموارد الحكومية والدخل الحكومي، والقطاعات الاقتصادية، والمساهمة في فتح آفاق وفرص اقتصادية استراتيجية جديدة. وخلال العام 2015 استثمر صندوق الاستثمارات العامة في عدد من الاستثمارات رفيعة المستوى. وفي أكتوبر 2017 أعلن الصندوق أنه يهدف لزيادة أصوله إلى 1.5 تريليون ريال أي ما يعادل 400 مليار دولار، بحلول عام 2020، مبشرا بتوفير 20 ألف وظيفة محلية مباشرة و256 ألف وظيفة في قطاع التشييد بحلول 2020.
وقد تم الإعلان عن أن ملكية شركة أرامكو السعودية ستنتقل إلى صندوق الاستثمارات العامة، وأن المملكة ستسعى إلى إدراج 5 بالمئة من قيمة أسهم الشركة في السوق المالية. ومن المتوقع أن يصبح صندوق الاستثمارات العامة أكبر الصناديق السيادية في العالم، حيث يقدّر أن تبلغ قيمة أصوله ما مجموعه 2 تريليون دولار أميركي.
بعد اقتصادي غير سياسي
ويبدو اختيار الرميان لتولي رئاسة مجلس إدارة أرامكو السعودية، متسقا مع التوجه الاستثماري الجديد، وإعداد الشركة الأكبر في العالم للطرح العام، إذ بلغت قيمتها السوقية نحو 10 تريليون دولار في عام 2015، وفقا لمجلة إكسبلوريشن. وبلغ إجمالي أرباح أرامكو 111 مليار دولار خلال عام 2018، أي ما يعادل أرباح شركة آبل وغوغل وإكسون موبيل مجتمعة، حسب وكالة بلومبيرغ.
الرميان ليس جديدا على أرامكو، كما أن عضويته في هيئة السوق المالية السعودية كعضو في الفريق المؤسس وتولى فيها منصب مدير إدارة تمويل الشركات، ورئيس القوائم المالية في الهيئة ذاتها، سيكون له أثره في صياغة مقاربة مناسبة في مهمته للخروج بأفضل النتائج.
خبرته الفنية والتقنية البحتة ستكون أرضية رصينة في التعاطي مع الملف ببُعد اقتصادي لا سياسي، وهو الأمر الذي يتمنى خصوم السعودية إيقاعها في ورطة تسييس المشروع ، لكن خبرة ضليعة يتمتع بها الرميان ستنجو بالمهمة من شوك السياسة. وبهذه الخبرات سيكون الرميان مهندس الطرح العام لأسهم أرامكو، والتي من المقرر أن تتم على مرحلتين الأولى في السوق المحلي والثانية في سوق أو أكثر من
الأسواق العالمية، حيث سيكون هذا الطرح هو الأكبر على مستوى العالم من حيث القيمة السوقية للأسهم. والرميان كأول رئيس لأرامكو، بعد فصلها عن وزارة الطاقة، يأتي دوره ضمن استعدادات المملكة لزيادة فعاليتها واستقلاليتها وتجهيزها لطرح جزء من أسهمها للاكتتاب، تعميقا لفصل وزارة الطاقة عن الشركة، وتجنبا لأي تضارب في المصالح.
وتعتبر خطة الاكتتاب حجر الزاوية لبرنامج الأمير محمد بن سلمان، للإصلاح الاقتصادي ووقف ارتهان الاقتصاد السعودي، وهو الأكبر في المنطقة العربية، للنفط وحده عبر تنويع مصادره المتعددة، ومن بينها الموارد البشرية السعودية، وعلى رأسها رجال متميزون في الإدارة من طراز ياسر الرميان.
الرابط :
تعليقات
إرسال تعليق