دور نشر عربية تتبنى مسار الكتب المسموعة ضمن نشاطها لتسهيل عملية القراءة كفعل ثقافي ومجتمعي وتسهيل أدواتها.
الاثنين 2019/11/18
في ظل ما تشهده القراءة من تنامي الإقبال عليها في العالم العربي، بخلاف الصورة النمطية المحبطة عن ضعف القراءة وتراجع أرقامها في مواجهة الأمم الأخرى، تتوفر حلول تقنية لزيادة حجم الإقبال عليها وتسهيل أدواتها وتبديد الصورة النمطية.
وأنت تتجول في أروقة أي معرض عربي تقليدي للكتاب، ستتعامل مع المئات من دور النشر، ستجري محادثة غنية بالمعلومات مع الناشرين ومشرفي الأركان قبل أن تأخذ حصتك من مطبوعاتهم، ستتعرف أكثر على قصة الدار وظروف الكتاب الذي تهتم به، ستسأل عن كبار المؤلفين وقصصهم، ربما تلتقيهم وهذا يثريك أكثر. كما أنك ستجد آلات بيع الكتب كذلك، كل ما عليك هو أن تقف على واحدة من تلك الآلات الموجودة في المعرض، وتطلب الكتاب المرغوب عبر رقمه المسجل، وتزوده بالمبلغ، وستحصل على الكتاب مباشرة، بكل سهولة واختصار.
جرعة ثقافية ممتعة
أصبحت التقنية جزءا لا يغيب من حياة الناس في هذا الزمان، وهي لا تتوقف تجود بالحلول المبتكرة في كل مرة لتسهيل الحياة وتسريع وتيرة نشاطاتهم، تتداخل بذلك في كل التفاصيل المرتبطة بالحياة اليومية، ومن ذلك حقل الثقافة بكل همومه وشؤونه.
معرضا جدة والرياض الأخيران للكتاب استوعبا جانبا كبيرا من الحلول التقنية، وأتاحاها لزوارهما والقاصدين، من ذلك المنصات الإلكترونية والتقنية للنقل وتوزيع الكتب حتى باب البيت لو أردت. هذا ما يقوله الموظف سعود وهو يقف في ركن “بوكس دوت كوم” أحد المتاجر المعتمدة لمعارض الكتاب في السعودية، حيث يقدم الموقع خدمة البيع والتوصيل لأي مدينة بالسعودية و214 مدينة ودولة حول العالم لاختيارات مختلف شرائح القراء والمهتمين بهذه التظاهرة الثقافية الدولية المقامة بالمملكة التي تعكس المنتج الثقافي والأدبي والإعلامي لمختلف الناشرين والكتاب داخليا وخارجيا، إضافة إلى أنه بإمكان أي قارئ للكتب طلب كتاب من “بوكس.كوم” مزودا بتوقيع الكاتب وإهداء شخصي لطالب الكتاب.
منصة "الراوي ميديا" تعمل على توفير خيار الحصول على ملخصات الكتب أو الاستماع للكتاب كاملا
كما يتوافر في المعارض عادة، موقع “جملون” لبيع الكتب على الإنترنت، وهو موقع مشهور يتوسع باستمرار منذ أن نجح علاء السلال مؤسس الموقع الذي استطاع هو وعائلته التي تساعده في إدارة العمل تحويل الحلم الصغير إلى مشروع ضخم تصل شهرته إلى بلدان كثيرة.
ويضم الموقع أكثر من عشرة ملايين عنوان كتاب. ويمكن شراء الكتب من الموقع من أي مكان في العالم، ويتولى عملية إيصالها مجانا دعما لعادة القراءة وإشاعة الثقافة في العالم العربي.
وفيما تتيح معارض الكتاب كل الفرص والمساحات لداعمي الثقافة والقراءة، يتنافس أصحاب المبادرات التقنية والنوعية في ابتكار المؤهلات الجديدة لتسهيل عملية القراءة كفعل ثقافي ومجتمعي مستفيدا من الحشد الجماهيري الذي يتحقق عبر معارض الكتاب ومنصات الثقافة التقليدية.
يقف الشاب البحريني محمد إبراهيم في ركنه الخاص بمعرض المنامة للكتاب، لا كتب تحيط به، سوى هاتفين موصولين بجهازي استماع، إذ يروج عبر منصته بالمعرض لتطبيق “الراوي” الذي يقدم تجربة فريدة انطلقت قبل شهور فقط من العاصمة البحرينية وبدأت أول اتصال لها مع الجمهور السعودي عبر معرض جدة للكتاب.
مشاريع رائدة
كانت مسألة تأسيس مكتبة صوتية في ظل النقص الكبير في سوق الكتب المسموعة العربية فكرة ولدت من رحم معاناة محمد إبراهيم الذي يستغرق الكثير من الوقت في المشاوير وزحام الطريق، فبدأ مع زوجته وبقية فريق العمل تأسيس “الراوي ميديا” المتخصصة في الكتب المسموعة.
وتعمل هذه منصة “الراوي ميديا” على توفير خيار الحصول على ملخصات الكتب أو الاستماع للكتاب كاملا، وتمتلك المؤسسة حصرية الاطلاع على الكتاب بنسخته العربية دون المؤسسات السمعية والمطبوعة الأخرى، وتخوض تحديا مع نفسها، لأنها تعد المشتركين بكتاب كل يوم، كأحد الامتيازات للمستخدمين.
واستطاعت المؤسسة أن تصدر كتابا سمعيا للشاعر السعودي جاسم الصحيح، وهي تحضر الآن لإصدار آخر مع الشاعر نفسه، فيما يضع الشاعر السعودي محمد إبراهيم يعقوب اللمسات الأخيرة على كتابه المسموع عبر المؤسسة نفسها.
ويقول المشرف على “الراوي ميديا” إنها تهتم بتقديم محتوى محلي لكل مجتمع، إذ يكون لهذا وقع وانتشار كبيران، كما يعطي التجربة زخما حقيقيا في مواكبة رغبات الناس وأذواقهم.
ويمتلك تطبيق “الراوي” 300 كتاب في مكتبته السمعية بين شعر ورواية وكتب في تطوير الذات وتنمية المهارات، ولديه خطة عمل للوصول إلى ألف كتاب قبل نهاية السنة الأولى من عمر المشروع الفتيّ.
ويقول إبراهيم إن معارض الكتب تعد فرصة ثمينة بالنسبة له، وقد حصل الكثير من زوار ركنه الخاص على حق تجربة يتيحها البرنامج لسبعة أيام قبل أن يتخذ قراره بالاشتراك.
ويأتي هذا ضمن توجه عام، أخذت تتبناه البعض من دور النشر ومؤسسات التوزيع، وظهرت ملامحه جلية خلال النسخ الأخيرة من معارض الكتب العربية، إذ أضافت بعض الدور مسارا خاصا للكتب المسموعة، فيما انطلقت مؤسسات خاصة بهذا الشأن من بينها “الراوي” كأول تطبيق خليجي يهتم بهذا النوع من طرح الكتب والمؤلفات.
أحمد طابعجي موظف شاب سعودي مهتم بإشاعة عادة القراءة لدى النشء والشباب العربي، يشارك بشغف في تقديم دورات تدريبية وورش عمل تطويرية لتعزيز قيم ومهارات القراءة لدى الفرد.
يحضر طابعجي باهتمام وبلا انقطاع معارض الكتاب العربي في كل العواصم، يلمس بوضوح شيوع القراء في كل مكان، ويؤكد على تأثير التقنيات الجديدة على مستوى ونوع وكمّ القراءة لدى المجتمعات العربية.
لكنه يفضل أن يدعم تنويع خيارات الوصول إلى القراءة واستثمار كل المتاحات والممكنات التقنية لتمكين الشاب العربي من القراءة، فاختلاف الوسيلة لا ينبغي أن يؤثر على المردود المهم للقراءة.
عبر برنامجه الإذاعي في إحدى المحطات العربية، يستقبل استفسارات واتصالات شباب متطلع للتعلق بالقراءة وإدماجها في برنامجه الحياتي. وقال طابعجي، في رده على سؤال حول مدى انتشار الكتب المسموعة وتفاعل الجمهور معها وعن دورها في إشاعة عادة القراءة في المجتمع العربي، إن “الكتب المسموعة والمواد المعرفية الصوتية أصبحت وسيلة ممتعة وجرعة ثقافية تفتح للشخص أبوابا للأسئلة والاستزادة من مصادر أخرى، والكتب الصوتية رافد مهم إذا تم تقديمه بشكل متقن للمستمع فإنه يقوده لقراءة أكثر في الموضوع المتناول”.
لا تزال المبادرات مستمرة سيما من العواصم الخليجية التي يسجل شبابها نشاطا كبيرا وفاعلا على شبكة الإنترنت، حيث ترجمت في كثير من الأحيان إلى منصات تدعم وتروج وتهتم بالكتاب والقراءة، وتستقطب جماهير واسعة تستهلك منتجاتها وتدعم أنشطتها وربما تموّل احتياجاتها. لم يكن لكل هذا أن يتحقق لولا الفرص الواسعة التي أشرعها الإنترنت لمستخدميه وإنعاش الأفكار والمبادرات الفردية التي تصدت لهذه المهمة وانكبت على تنفيذها.
“ساندوتش ورقي” واحد من تلك المشاريع الرائدة في مجال القراءة ونشر المعرفة، يؤمن مؤسسوه ومشغلوه أن القراءة عملية تفاعلية وعلاقة ديالكتيكية بين نص وقارئ جعلتهم يتحركون لإطلاق بودكاست، أو مدونة صوتية، تقدم في دقائق معدودة قصة الكتاب. كتاب غير عربي، لم يترجم، أو لم يأخذ حقه في الانتشار بين العرب لسبب ما.
بدأ المشروع بمايكروفون درجة خامسة واستوديو بسيط، بدأ بارتجال في الإلقاء وطريقة حوارية عادية بين صديقين، بصوت خجول وأداء فيه اجتهاد كبير.
وبفضل التفاعل مع تعليقات المتابعين في تويتر وساوندكلاود، يخوض مشروع “ساندوتش ورقي” الآن مرحلة جديدة، تختلف شكلا ومضمونا، بالعمل في استوديو متكامل، ومناقشة كتب أكثر عمقا وتحليلا للنفس البشرية، بدأت عملية إنتاج حقيقية ومبتكرة للنصوص، للخلفية الموسيقية أو بوسترات الألبومات. ويتوقع أن ينتقل للمرحلة التالية وهي تواصل مباشر حي وتفاعلي كلي مع كل من له اهتمام بالقراءة، سعيا في أن يسهم البودكاست في تحويل الكتاب إلى عرض مسرحي شائق، أو مقطوعة موسيقية أخّاذة، أو لوحة فنية آسرة، وجعل الكتاب وجبة ممتعة منافسة.
إنتاج مبتكر
مشروع “ضاد” من المشاريع الرائدة في العالم العربي الذي قام بتحويل الكتب الورقية إلى صوتية. يهدف المشروع من خلال موقعه الإلكتروني وتطبيقه على الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية إلى إعطائك تجربة مميزة سهلة وميسرة في أي مكان، وتشجيع القراءة بأشكال متنوعة وجديدة والتغلب على العديد من الإشكاليات التي يعاني منها القارئ.
وتسمح المنصة بالاستماع للكتب في أي وقت، دون شرط الجلوس والإمساك بالكتاب. كما تساعد المكفوفين ومن يعانون من مشكلات في الإبصار. وقد تجاوز عدد المستخدمين للمنصة 16 ألف مستخدم. ويمكن الاستماع إلى الكتب الصوتية عبر الموقع الإلكتروني أو التطبيق المثبت على الهاتف الذكي.
الرابط :
شكرا جزيلا لكم انا من محبي الكتب
ردحذف