التخطي إلى المحتوى الرئيسي

هجوم أرامكو يعزز جبهة رفض إيران

تسعى السعودية لأن يشكل الهجوم الإرهابي الأخير على معامل أرامكو، دفعة جديدة من المسببات لخلق مناخ عالمي يرفض سلوك طهران، وأن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته ويتخذ موقفاً صارماً تجاه سلوكيات إيران الإجرامية.

الاثنين 2019/09/23
لا تزال تبعات الهجوم الإرهابي الذي استهدف المنشآت النفطية السعودية، تتلاحق بوتيرة متصاعدة، وهي تجمع قبضتها لخنق تنصل إيران، التي طالما تبجحت بإسقاط طائرة الدرون الأميركية، واحتجاز الناقلة البريطانية، لكنها أنكرت صلتها بحادثة بقيق، لأن نتائج ذلك ستكون مكلفة جداً ومهددة لكل ملحقاتها التي ادخرتها في المنطقة لساعة التمكين المرجوة في حسابات المرشد.
ما بعد حادثة بقيق ليس كما قبله. فالرياض التي تنسج ردا محكما على هذا الهجوم السافر، تستدعي العالم اليوم ليقف شاهدا على حجم التهور الإيراني في جر المنطقة إلى حافة الحرب، وإيذاء الاقتصاد العالمي وهز استقراره. أرسلت السعودية عبر مندوبها في الأمم المتحدة خطاباً لأمينها ولرئيس مجلس الأمن، يشهدهما فيه على مستوى الجنون الذي تقترفه إيران في حق المنطقة والعالم أجمع، ويدعو فريقاً أممياً للمشاركة في التحقيق، ويستضيف إعلاميين من كافة الدول للاطلاع على الأضرار الناجمة عن الهجوم، ويرحب بكل دولة تود المشاركة في التحقيق المفتوح على مصراعيه لفضح سلوك طهران والتقليل من حماس بعض الدول الدائبة لاحتوائها، خاصة وأن المواجهة الصريحة هي وحدها الحل لنزع فتيل الأزمة وخفض منسوب التوتر وقطع التيار الهادر بالكراهية والفوضى من مصدره في طهران.
ليست المواجهة بمعنى الحرب، فذلك آخر ما تنتظره منطقة منهكة بثقوب السياسة وويلات الانفلات، بل بقصد تركيز الجهد الدولي وتكثيفه لوقف استمرار النظام الإيراني في إنهاك المنطقة وتهديد استقرار العالم بسلوكه المتهور، والكف عن تزويد هذا النظام بأسباب الحياة، مثل مشاريع التسوية العرجاء على مثال الصفقة الأوبامية الساذجة، التي تعطيه فرصة للإفلات من نتائج سياساته الفاسدة.
وبالمواصلة في تصميم موقف جاد وحاد يستنزف قدرات الشرّ لديه، وتركيعه اقتصادياً، وفصله عن أدواته الميليشياوية العبثية التي جهزها لبسط سيطرته وتفجير الأوضاع في المنطقة، على نحو ما فعلت السعودية والإمارات في الانضمام إلى قوة بحرية تقودها الولايات المتّحدة لتأمين الملاحة في منطقة الخليج بهدف مساندة الجهود الإقليمية والدولية لردع تهديدات الملاحة البحرية والتجارة العالمية.
وهو جهد حمائي يمنع طهران من ارتكاب حماقات في الخليج العربي لفك الخناق الذي يطوقها ويشل قدرتها على بيع نفطها ويحرمها من توفير سيولة تمكنها الاستمرار في دعم وتمويل سلوكياتها العبثية.
والإعلان عن عقوبات جديدة، تضاف إلى إجراءات عقابية غير مسبوقة فرضتها واشنطن على طهران إثر انسحاب دونالد ترامب في مايو 2018 من الاتفاق الدولي حول البرنامج النووي الإيراني.
وهو جزء من خيار عملي لمعاقبة طهران واستنزاف قدراتها حتى تبلغ درجة من الإعياء يدفعها للقبول بشروط قاسية في حق طموحها التوسعي، لكنها ضرورية لوقف عدوان طهران وإعادة الاستقرار إلى المنطقة.
تسعى السعودية لأن يشكل الهجوم الإرهابي الأخير على معامل أرامكو، دفعة جديدة من المسببات لخلق مناخ عالمي يرفض سلوك طهران، وأن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته ويتخذ موقفاً صارماً تجاه سلوكيات إيران الإجرامية، ويدعم أي تحرك شرعي من شأنه أن يحدّ من سياساتها، دون تهاون قد يشجعها على ارتكاب المزيد من الأعمال التخريبية، وستكون لذلك آثار تمتد على الأمن والسلم الدوليين وليس فقط على المنطقة.
بالعودة إلى الهجوم الإرهابي الذي ارتكب من طرف إيران بحق السعودية، فإن دول العالم سجلت موقفا موحدا يرفض هذا التصرف ويدعم السعودية في مواجهته، ويؤكد ثقته بحكمة الرياض وقدرتها على حماية أراضيها.
وقد زادت الدول على الستين عاصمة رفضت هذا الهجوم ووقفت مع السعودية، سوى بعض المواقف الخجولة التي أبدتها تركيا وقطر وعمان، وصلت إلى درجة تبرير هذا الهجوم بتطورات حرب اليمن، وساوت فيه بين المعتدي والمعتدى عليه، أو استثماره في سياق خصومة سياسية مع الرياض، لم تراع فيها طبيعة الهجوم ولا أهدافه، لكن التاريخ سيحتفظ بهذه الثغرات الأخلاقية في جدار المواقف التاريخية إلى حين.

الرابط :

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

«تتبع الحجارة» عنوان 100 يوم من الفن المعاصر في بينالي الدرعية

السعودية تشهد اليوم واحدة من أكبر المناسبات الفنية العالمية   السبت - 7 جمادى الأولى 1443 هـ - 11 ديسمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15719] الرياض: عمر البدوي أصبح حي جاكس جاهزاً لانطلاق الدورة الأولى من بينالي الدرعية للفن المعاصر، واستقبال المتطلعين لزيارة واحدة من أكبر المناسبات الفنّية العالمية، ابتداءً من اليوم (السبت)، حتى 11 مارس (آذار) المقبل، وهو أول بينالي دولي يتطرق لموضوعات وأشكال الفن المعاصر في السعودية، ويعرض أعمالاً لفنانين عالميين ومحليين، مع مجموعة من الورش الثقافية والتجارب الممتعة. يأتي بينالي الدرعية، كتجربة استثنائية، ومنصة إبداعية تمتد لمائة يوم، تكشف جوهر الفنون السعودية بمختلف أنماطها، وتُفسح للفنانين مساحات للحوار وإثراء تجاربهم، لتعزيز المشهد الثقافي والفني، وتمكين المواهب المحلية، واستقطاب مجموعات الفنانين الدوليين لإغناء الحدث الفني المهم. وقال راكان الطوق، المشرف على الشـــؤون الثقافية والعلاقات الدولية في وزارة الثقافــــة الســـــعودية، إن استضافة المملكة لأول بينالي للفن المعاصر، يعدّ إنجازاً استثنائياً، وإن أهميته تأتي من كونــــه نقطة التقــــــاء للعالم،...