الحملة تحتمل أهمية كبرى لاسيما وأن السعودية مقبلة على مرحلة زاخرة بالكثير من الاستحقاقات والواجبات العملية للنهوض برؤيتها وبرامجها للتنمية.
الأحد 2019/09/01
أعلنت السعودية، مساء الجمعة، عن حركة تعيينات طالت وزراء ورؤساء هيئات بارزة في البلاد. ورغم أن هذه التغييرات تعتبر محدودة إلا أنها مؤثرة وتعكس التوجهات القادمة التي ستشهد مرحلة جديدة من الحرب على الفساد والمحسوبية، والدفع نحو تأكيد الصورة الجديدة للسعودية في الداخل والخارج وفق رؤية 2030.
الرياض - أصدر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، الجمعة، أوامر ملكية تضمنت استحداث عدد من الهيئات الوطنية الجديدة في اختصاصات مختلفة، وتغييرا في بعض الوجوه القيادية، في مؤسسات عليا لدى الدولة. وبمقتضى القرارات الملكية، جرى تعيين مازن بن إبراهيم بن محمد الكهموس رئيسا للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بمرتبة وزير، بعد إعفاء رئيس الهيئة السابق من منصبه.
وجرى تعديل اسم «ديوان المراقبة العامة» ليكون «الديوان العام للمحاسبة»، وهو جهاز آخر يلتقي مع بعض الأهداف الرامية لتقليص هامش التلاعب والفساد والمحسوبية وتحصين المؤسسات العامة من تفشي الظواهر السلبية فيها، بتكثيف الأدوار الرقابية والمحاسبة. ويحمل هذا التعديل الاسمي أكثر من مجرد دلالة لفظية ليكون صوغ وتصميم الأداء بشكل أكثر دقة ومباشرة في استهداف السلوكيات المعطلة لمسير التنمية الجادة والحيوية التي تتمتع بها أجهزة الدولة اليوم.
تأتي التغييرات ضمن جولة جديدة في طريق الحرب المعلنة في وجه الفساد، ومناهضة مظاهره ورموزه، وكل الحيل الالتفافية التي قد تبرع في النفاذ من قبضة أجهزة الدولة الرقابية، وتجديد دماء المؤسسة الأهم في هذا الصدد، لتخوض معركتها ذات النفس الطويل، وتواصل دأبها بنفس اللياقة الواجبة تجاه التحديات الحرجة، لاسيما وأن مشاريع الدولة تتوسع إثر برامج التحول الوطني ورؤية المملكة 2030 التي تحولت بفضلها مناطق البلاد ومدنها الكبرى إلى ورش عمل مفتوحة ومشرعة للنقلة الجديدة التي ستحظى بها على المديين القريب والبعيد.
تتبنى الحكومة السعودية، انطلاقا من رأس هرمها مشروع مقاومة الفساد، ولا يغيب عن عناوين الأخبار كل فترة، تشديد الملك سلمان المتكرر وولي عهده الأمير محمد على موظفي الأجهزة الرقابية، أو التوجيه بالمكافآت التشجيعية التي ينالونها تقديرا لإنجازاتهم المتكررة.
تمتلك السعودية تجربة شديدة التوهج في مكافحة الفساد، أصبحت مضرب مثل ومحط نظر وتداول عالمي، عندما عصفت رياح المواجهة ببنية الفساد في السعودية نتيجة الحملة التي أطلقها الأمير محمد بن سلمان في 2017 لمحاربة الفساد، والتي تم بموجبها اعتقال عدد من الأفراد في فندق “الريتز كارلتون” بتهم الفساد.
التغييرات تأتي ضمن جولة جديدة في طريق الحرب المعلنة في وجه الفساد، ومناهضة مظاهره ورموزه، وكل الحيل الالتفافية التي قد تبرع في النفاذ من قبضة أجهزة الدولة الرقابية
وتكللت تلك الحملة بالنجاح عبر إنجاز تسويات تقدر قيمتها بنحو 400 مليار ريال، تعتبر الأجرأ في تاريخ المملكة من حيث قوتها وضخامة قيمة هذه التسويات، التي ستدر دخلا سنويا على خزينة المملكة العربية السعودية يقدر بـ30 مليار ريال سنويا، بحسب شركة الراجحي كابيتال المالية.
لجنة مكافحة الفساد التي أمر العاهل بتشكيلها قبل عامين برئاسة الأمير محمد بن سلمان وعضوية رئيس هيئة الرقابة والتحقيق، ورئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، ورئيس ديوان المراقبة العامة، والنائب العام، ورئيس أمن الدولة، من أجل متابعة قضايا المال العام ومكافحة الفساد، تبدأ الآن جولة جديدة في حربها المعلنة ضد هذا الداء.
وكشف مازن الكهموس، رئيس هيئة مكافحة الفساد السعودية الجديد، عن استراتيجية العمل خلال الفترة المقبلة حسب توجيهات الأمير محمد بعد تعيينه.
وقال في تصريحات إعلامية إن ولي العهد يواصل حربه على الفساد، وينبه بأن الهدف القادم ستكون الرؤوس الفاسدة المتوسطة والصغيرة بعد ما تخلصت الدولة من الرؤوس الفاسدة الكبيرة. وأضاف بأن الأمير محمد وجّه بإعلامه مباشرة عن أي وزير لا يتعاون مع الهيئة.
ركزت المرحلة الأولى من الحرب على الفساد بالأساس على الجانب المالي، فيما يبدو أن المنهجية الجديدة ستركز على جوانب الفساد الإداري الذي يعرقل حيوية الأجهزة الحكومية، وتفكيك ما قد يعطلها من شبكات المصالح والانتفاع والمحسوبية، ومنظومة البيروقراطية التي توفر فرصا لخلق هذه العيوب في أداء الأجهزة وطبيعة عملها ويعرضها للاختراق من تكتلات الفاسدين.
وتحتمل هذه الحملة أهمية كبرى لاسيما وأن السعودية مقبلة على مرحلة زاخرة بالكثير من الاستحقاقات والواجبات العملية للنهوض برؤيتها وبرامجها للتنمية، ويلزم حيال ذلك توفير شروط النجاح وعلى رأسها مواجهة غول الفساد وتفكيك منظوماته.
وقد طلب الأمير محمد من فريق العمل بحديث شديد اللهجة، البدء في مهامه لمواجهة الفاسدين من الموظفين الحكوميين وأصحاب المسؤوليات المتوسطة والصغيرة، وحدد لذلك اجتماعا شهريا ومجدولا معه مباشرة لمعرفة سير العمل والاطلاع على نتائجه ومستجداته وتقديم التوجيهات اللازمة لقطع دابر الفساد.
الرابط :
تعليقات
إرسال تعليق