التخطي إلى المحتوى الرئيسي

عدسة ترصد المهمل في حوض المدينة المنورة

الفوتوغرافي السعودي معاذ العوفي يعوّض سنوات الشوق بإعادة التعرف على المدينة المنورة ويتتبع المواقع المهملة في مدينته ليجد فيها متعة الاستكشاف والحنين.
الأربعاء 2019/03/06

ينفرد الفوتوغرافي معاذ العوفي بتقديم رؤية استكشافية واجتماعية وأنثروبولوجية للمدينة المنورة – المدينة المقدسة في وطنه الأم المملكة العربية السعودية، إذ يلقي الضوء على جوانب معيّنة من المشهد الإنساني والبيئي والمعماري من منظور تأملي غير متوقع، مثيرا في الوقت ذاته الغموض والتساؤلات حول موضوعات أعماله نفسها.
الرياض  – يعوّض المصوّر الفوتوغرافي السعودي معاذ العوفي شيئا من انقطاعه عن مسقط رأسه في المدينة المنورة، بالبحث فيها والحفر في جغرافيتها، يقطع أميالا ويطفئ أشواطا من الشوق الذي اضطرم في صدره لسنوات، قبل أن يعود إلى محضنه ومدينته الأثيرة إلى قلبه.
وكما أنه عاد محمولا بالشوق، عاد محمّلا بالعزم وقابضا على عدسته التي لا تتخلى عنه في كل جولاته ورحلاته في أطراف المدينة المنورة، لاسيما تلك المناطق المهملة في حوض المدينة وحوافها.
ويعيد العوفي وهو يتنقل ويترحل اكتشاف جنبات مدينة رسول الله، أو هو يختبر حقيقة معرفته بهذه المدينة بعد أن انقطع عنها لظروف ما، وهو مثل بعض جيل من الفنانين الشباب ولّى كل منهم وجهه واتجاه موهبته شطر مدينته التي أنبتت فيه الشعور بالانتماء، وهو يبادلها بالحب والعمل على تقديمها بصورة تليق بهذا الحب، ولذا تتمتع المدن السعودية هذه الأيام بفرصة ثمينة لإعادة اكتشافها والتعريف بها على طريقة أهلها وفنانيها، وقد حازوا شيئا من تجارب ومهارات مقدرة وجديرة بالاهتمام.

استكشاف وحنين

معاذ العوفي مصوّر فوتوغرافي وفنان معاصر مهتم بمنطقة المدينة المنورة ومدير مبادرة “المنورة للفنون”، بدأ لديه الاهتمام بالتصوير في مرحلة الطفولة، ثم تناولها بالتطوير والاهتمام خلال المرحلة الجامعية حتى بلغ طورا من الاحتراف والتمكن جعله محط أنظار المتابعين.
وهو يتتبع المواقع المهملة في مدينته، يجد فيها متعة الاستكشاف والحنين معا، وهي ثنائية فريدة لا يشعر بها سوى الفنان المرهف، الذي ينظر إلى زوايا المكان بطريقة مختلفة، ويتضاعف هذا الشعور حدة ومتعة إذا ما اقترن بالحنين إلى تراب الأرض الذي عجن بماء الطفولة ونمير الذكريات حتى أصبحا شيئا واحدا لا يفترقان.
وأنت تتصفح في الصور التي يلتقطها العوفي عبر منصات الإعلام الجديد، ستشعر وكأن المدينة تتسع بلا توقف، كلما شعرت وكأنها نهاية ما يمكن العثور عليه، تجدّد المفاجآت التي تعترضك الثقة في صدرك، بأن هناك ما يستحق المتابعة وجدير بمشقة البحث وراء الحنين.
التقيت العوفي، سألته عن كون العيش في مدن مثل مكة المكرمة والمدينة المنورة يعطي المصوّر ذوقا من نوع ما، لاسيما وهو يجد فرصة للتعرف على ثقافات مختلفة تحملها جموع الزوار والضيوف من بقاع الأرض المختلفة، ذوق من نوع خاص بتلك الأرض التي يضرب فيها التاريخ بأطنابه، وقد قامت عليها أمم واندرست حضارات.
العوفي يؤكد ذلك، دون أن ينفصل هذا عن نظرة المصوّر المختلفة وقدرته النوعية على ملاحظة التغييرات والتطوير، لاسيما وأن عين المصوّر وعدسته لا تشبهان غيرهما في التعامل مع الأشياء والأنحاء.
ويفضل العوفي في بعض المشاريع أن ينضم لبعض المجموعات، لكنه غالبا ما يكون منفردا، ويجد في كل منهما إيجابياته وسلبياته، لاسيما وأنه كثير الترحال للأماكن والمواقع المختلفة، ليرى ويستكشف ويتعلم، وكثيرا ما يختار مواقع تصويره بعد جولات استطلاعية مكثفة.

آثار وتاريخ


عن أبرز المواقع التي زارها ووثّقها، تأتي خيبر في رأس قائمة تلك البقاع، وهي مدينة سعودية تتبع منطقة المدينة المنورة وتبعد عنها 153 كم إلى الشمال من المدينة المنورة.
ويعتبرها معاذ العوفي غنية بالتاريخ والمعالم والآثار وتعتبر غير مكتشفة بعد وتحتوي على حصون إسلامية وآثار تاريخية.
بالإضافة إلى جبل العهين الذي يحتوي العديد من النقوش التاريخية والتفرد الجيولوجي، ويؤكد حاجتها وغيرها إلى الاهتمام والاستثمار الذكي، حاجة قصوى وملحة وتعتبر فرصة ذهبية. ويستطرد العوفي “من خلال التجول في السعودية واستكشافها عبر الأربع سنين الماضية، هناك الكثير يستحق أن يروى ويوثق وأن يتم إظهار جماله بعدسة المصوّرين والأعمال الفنية”.
ونظم معاذ العوفي وشارك في العديد من المعارض الخليجية والسعودية، ويجد صعوبة في بعض المدن، إذ لا يتوفر مكان العرض بالشكل الصحيح.


الرابط :


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...