الاثنين - 7 ذو القعدة 1443 هـ - 06 يونيو 2022 مـ رقم العدد [ 15896]
تفتح مواقع التراث الثقافي في السعودية، أبوابها لجمهور المهتمين والمتطلعين لاكتشاف كنوز تاريخية ثمينة، تزخر بها أنحاء الجزيرة العربية، بقيت شاهدة على العطاء الثقافي والحضاري الذي عرفه إنسان هذه الأرض خلال العصور الغابرة، وعكست علاقة الإنسان بالمكان، وتسوياته المبتكرة للبقاء منتجاً ومؤثراً ومعمراً للأرض.
28 موقعاً للتراث الثقافي، أصبحت جاهزة لاستقبال الزوار، طوال أيام الأسبوع، تفتح أبوابها كنوافذ إلى ذاكرة التاريخ الحيّة، وتوثيقاً لتراث السعودية، واتصالها بالحضارات المختلفة التي قامت قائمتها في الجزيرة العربية، وامتداد تلك الذاكرة إلى حاضر المجتمع السعودي، الحيوي والمتطلع للنهل من موروثه الوطني، ومعالم الجذب السياحي، بالنسبة لجمهور عالمي متحمس لاكتشاف السعودية والتعرف على كنوزها التاريخية وثروتها الثقافية الفريدة.
وتتوزع تلك المواقع خلال المرحلة الأولى من البرنامج، في 11 منطقة حول المملكة، ومن بينها ستة مواقع سجلت في قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونيسكو»، كان آخرها منطقة حمى الثقافية في منطقة نجران، التي سجلت الشهر الماضي كأحد أكبر مجمعات الفن الصخري.
وقال المهندس عبد الله الشايب، رئيس جمعية الحفاظ على التراث في الأحساء، إن الخطوة مهمة، بعد إنجاز البنية التحتية لهذا النوع من الفعل الثقافي، باعتبار تلك المواقع ثروة وطنية كبرى، لبناء حالة من الارتباط بالأرض وعموم الحس الوطني، في ظل وجود هذه المواقع كشواهد من التاريخ على الثراء والتنوع.
وأضاف الشايب في حديث مع «الشرق الأوسط»، أن تلك المواقع تحتفظ بتاريخ عريق، ولها ارتباط بالسردية التاريخية والاجتماعية والسياسية في المملكة، والحديث عن أهمية هذه الخطوة، يأتي من توجه هذا الفعل الثقافي للمواطنين والسياح على حد سواء.
ونوه الشايب إلى ضرورة زيادة تطوير البرامج المرافقة لهذه المواقع والخدمات المساندة وتوسيع دائرة الحضور لهذه المراكز الثقافية في تجربة الزائر، بما يجعل من زيارتها رحلة مكتملة التأثير والوقع في النفوس، سيما لدى الناشئة، وخلق إطار من التفاعل الحي والمثمر، بما يحقق الاستدامة في استمرار هذا الفعل الثقافي للاستفادة من هذه التجربة بشكل أفضل.
من جهته قال ممدوح بن مزاوم، الباحث في النقوش الثمودية، إن أرض الجزيرة العربية ومنذ فجر التاريخ، جاذبة ومشعة بالتراث الحضاري العريق، وطرق القوافل القديمة خير مثال، والحضارات المتعاقبة، والعصور الثقافية العديدة، التي تركتها الأمم السابقة على أرض الجزيرة العربية، كنقوش توثيقية استودعتها على الصخور والشواهد العمرانية المذهلة، جعلت من هذه الحضارات محط أنظار العالم منذ عقود، وقد ألقى الرحالة والمستشرقون، ممن زاروا مناطق مختلفة في الجزيرة العربية، الضوء لمن خلفهم من أبناء بلدانهم، وسجلوا مشاهداتهم للآثار والمواقع التاريخية المهمة في أرض السعودية.
وأضاف في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «تعطي هيئة التراث اليوم، الفرصة لفتح تلك المواقع الأثرية والتراثية والتاريخية للزوار من داخل وخارج السعودية، بما يسهم في زيادة معدل الرحلات للشركات والمؤسسات السياحية والأفراد إليها، وفي عمل المرشدين السياحيين، وتطوير السياحة، ومضاعفة أثرها الاقتصادي على الفرد والمجتمع».
وأشار بن مزاوم إلى أن كثيراً من تلك المواقع، وإلى جانب إتاحتها للجمهور، هي بحاجة إلى زيادة الدراسات والأبحاث المتصلة بتفاصيلها التاريخية الثمينة والثرية، وقال: «يقع كثير من هذا العبء، على هيئة التراث، لتطوير تجربة الزيارة لهذه المواقع، ونشر الدراسات والأبحاث حولها، وزيادة مردودها الثقافي والحضاري، في الحراك الاجتماعي والاقتصادي والسياسي الذي تتطلع إليه المملكة في إطار رؤيتها النابهة 2030».
تعليقات
إرسال تعليق