التخطي إلى المحتوى الرئيسي

إجراءات دقيقة لحفظ 28 ألف مخطوطة في مركز الفيصل بالرياض

عبر تهيئة جو صحي ملائم لطبيعتها وقيمتها العلمية والتاريخية

الخميس - 7 شعبان 1443 هـ - 10 مارس 2022 مـ رقم العدد [ 15808]

يمتلك مركز الملك فيصل نحو 28 ألف مخطوطة أصلية، اقتنيت أغلبها عن طريق الشراء؛ إذ كان المركز يفتح أبوابه منذ سنوات لاستقبال الراغبين في تقديم أو إهداء المخطوطات التي بحوزتهم، وتقوم لجنة مختصة بتقييم ما يرد إليها، لترشيح النادر منها، وإجراء التفاهم وإمضاء الاتفاق بهذا الشأن.
وتمنح بعض المخطوطات لدى المركز صفة «الفريدة»، وهي التي انفرد مركز الملك فيصل بالحصول عليها، ولا توجد لها نسخة أخرى في العالم، وذلك بعد إجراءات دقيقة من التتبع والبحث والتنقيب في الفهارس واستشارة المختصين والعلماء والأدباء، وهي مراحل يلتزم المركز بالمرور فيها حتى يصدر الحكم بشأن إحدى المخطوطات، ومنحها صفة «الفريدة».
كما يملك المركز بعض المجموعات الخاصة، ومنها مجموعة الملك فيصل بن عبد العزيز، وهي الإهداءات التي كانت تصل إليه إبان توليه مقاليد الأمور في السعودية، وقد قدمها أبناؤه إلى المركز، وجرى حفظها والتعامل معها بعناية، وأتيحت لجمهور المتخصصين والمهتمين للاستفادة منها والاطلاع عليها.
وعن الوسائل المتبعة في المركز لحفظ المخطوطات ورعايتها، أوضح رئيس المجموعات الخاصة بالمركز، فيصل تمالت، بعض التفاصيل بشأن التعامل مع المخطوطات في إطار سلسلة متكاملة تحفظها مادة ومضموناً، تبدأ باقتناء المخطوط، ثم تعقيمه عبر أجهزة تبريد متخصصة لقتل جميع الكائنات الحية التي لا تُرى بالعين المجردة، ثم يتعاهدون تلك المخطوطات بالتعقيم والمعالجة والترميم.
وأضاف تمالت «نضع المخطوطات في قاعة مخصصة، ولها وضعها الخاص في درجة البرودة والرطوبة، والقاعة لها امتيازات بنائية وهندسية، مثل بعدها عن مصادر الشمس والمياه، ولا تتخللها أنابيب لنقل السوائل؛ حرصاً منا في تهيئة جو صحي ملائم لطبيعة المخطوطات وقيمتها العلمية والتاريخية».
وفي حال تعرضت إحدى تلك المخطوطات، لعوامل طبيعية قد تؤثر عليها، وتسمح باستيطان الحشرات فيها، التي تتغذى على الورق، يجري التعامل معها في وقت قياسي لاحتواء أي طارئ قد يلحق بالمخطوطة، فإذا ظهر على إحداها أثر، يبكّر الفريق المشرف بإرسالها إلى «مستشفى» متخصص للترميم، يقوم بمعالجة ورق المخطوطة، وتمنح عمراً جديداً، لا فرق في ذلك بين مخطوطة قديمة أو حديثة، مع زيادة حرص تجاه المخطوطات التاريخية ذات القيمة الكبيرة والنادرة.
والندرة في رأي المركز، لها وجوه عدة، ندرة باعتبار قِدم تاريخها، وندرة باعتبار انعدام نسخ أخرى مماثلة لها حول العالم، أو ندرة في حال كانت بخط المؤلف الأصلي، وهي نادرة لكونها النسخة الأم، أو الندرة باعتبار ترتيب هذه النسخة بين مثيلاتها الأخرى من جهة تاريخ نسخها وكتابتها، وأخيراً الندرة بسبب قلة النسخ المطبوعة والمتوفرة من الكتاب الأم.
وبمجموعها تشكل هذه المخطوطات فرادة، ويحتفظ المركز بقرابة 140 مخطوطة بيد المؤلف، في مختلف العناوين، تتفاوت في تاريخها بين المتقدم والمتأخر.
جزء من تلك المخطوطات ترجم قديماً من اللغات الأجنبية، إلى العربية، ومن أبرزها عن «اللغة الفارسية» التي كانت منتشرة أكثر من غيرها، وكانت صنو العربية، والكثير من المخطوطات بالفارسية، ثم اللغة العثمانية التي كانت تستعمل الحرف العربي، مع ظهور الخلافة العثمانية. ومن أشهر اللغات التي كانت تكتب بها المخطوطات الأجنبية، هي اللاتينية، قبل أن يظهر نجم اللغة الإنجليزية.


الرابط:

https://aawsat.com/home/article/352






تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...