التخطي إلى المحتوى الرئيسي

باحث يقضي 3 عقود في تتبع طريق الهجرة النبوية وتحديد معالمها

عبد الله الشنقيطي أحصى 35 موقعاً من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة وصحح معلومات تاريخية شائعة

الخميس - 24 ذو القعدة 1443 هـ - 23 يونيو 2022 مـ رقم العدد [ 15913]

في تحقيق ميداني لجغرافية طريق الهجرة النبوية من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، قطع أحد الباحثين في علم البلدان ما يقرب من 500 كيلومتر، خلال ثلاثة عقود، بغرض التثبت من المواضع والمواقع التي وردت في كتب التاريخ، رصد خلالها نحو 35 موقعاً، وصحح بعض المعلومات التاريخية الشائعة.

شغف الباحث عبد الله مصطفى الشنقيطي، بدأ منذ طفولته، فقد ترعرع في كنف والدته المهتمة بالسيرة النبوية وتاريخ العرب والمسلمين، والتي كانت لديها مكتبة زاخرة ببعض الكتب التي زادت في شغف الشنقيطي وغذّت ذاكرته الطرية، خلال رحلاتهم المتكررة إلى مكة المكرمة لأداء مناسك العمرة، بأسماء الأماكن والمواقع التي احتضنت بعض قصص وأحداث التاريخ النبوي.

يقول الشنقيطي لـ«الشرق الأوسط»: «طورت هذا الشغف بالقراءة المكثفة، كما أن كتاباً نادراً ونفيساً حصلت عليه من بائع للقطع المستعملة في حراج بن قاسم بمدينة الرياض عام 1409، وهو الطبعة الأولى من كتاب (المغانم المطابة في معالم طابة) للفيروز آبادي، من تحقيق علامة الجزيرة الشيخ حمد الجاسر، قادني إلى استعادة اهتمامي بالمواضع الجغرافية التاريخية للمدينة المنورة، ومن ذلك اليوم بدأ يتبلور هذا الاهتمام ويتحول إلى البداية الفعلية في الميدان».

الباحث عبدالله الشنقيطي

جاب عبد الله الشنقيطي الأودية والقفار للتعريف بها علمياً، مستنداً على العيان والمشاهدة، وتراكم لديه كثير من البيانات والمعلومات والشواهد خلال جولاته الميدانية التي استمرت لثلاثين عاماً، وطوال تلك الفترة كان يدوّن ويلتقط الصور ويقيّد الملاحظات، مستعيناً بالتقنيات الحديثة، لتوثيق وتثبيت وتنفيذ مرئيات على «google earth».

يقول الشنقيطي: «هالني ما تعرضت له بعض المواقع والمعالم من إهمال أو إزالة، خصوصاً ما هو واقع منها داخل المدينة المنورة، لكن نحمد الله أن تم الانتباه في الآونة الأخيرة إلى خطأ ما كان يجري، وصدر أمر خادم الحرمين الشريفين في 1429 للهجرة، بعدم التعرض لأي أثر إسلامي في مكة المكرمة أو المدينة المنورة».

في كتابه الأول، ركز الشنقيطي على أحماء المدينة المنورة، التي أقرها الإسلام للمنفعة العامة، ولأغراض بيئية واقتصادية، كأماكن صالحة للرعي في معظم أوقات العام، في ظل واقع الجزيرة العربية كأرض شحيحة المطر وقليلة الموارد، ومحدودة مواطن الرعي والكلأ، وتغطي الصحاري الجافة معظم أرجائها، وفي كتابه الثاني خلال مشواره الكتابي عن سلسلة معالم المدينة المنورة، ركز الشنقيطي على الأودية الكثيرة والكبيرة التي يتكون منها حوض المدينة الطبيعي، مع إلماحات قصيرة عن الجبال والحِرار التي تشكل السمات السطحية لأرض المدينة.

... ويشير إلى علم ذات الجيش أحد أعلام الحمى في المدينة

وفي كتابه الثالث الذي صدر فبراير (شباط) الماضي، وشارك به في معرض المدينة المنورة للكتاب، جمع عصارة جهود السنوات الثلاثين، في تتبع طريق الهجرة من مكة إلى المدينة بأسلوب قصّ الأثر، معتمداً في ذلك على المصادر التاريخية، والخرائط التفصيلية، والسير في الأراضي الوعرة، والاستعانة بالأدلاء في كل أرض من أهلها، وقال الشنقيطي : «إن ما استنتجته خلال رحلتي البحثية، أن ما أوردته من معلومات لا يلتقي مع الآخرين إلا فيما لا يتجاوز 30 في المائة من الحقائق الشائعة».

يتحضر الشنقيطي لرحلة جديدة لتوثيق مواقع المعارك والسرايا في العهد النبوي، وقد بدأ في بعض البحوث الميدانية في مواضع حول تبوك شمال السعودية، وتسجيل معالم الطريق وإحداثيات المعالم الجغرافية، والانخراط في جولة ميدانية وتاريخية لتحديث ما استقر في أسفار التاريخ من حكايات وملاحم.

الرابط:



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...