جدة - منى المنجومي وعمر البدوي
توفي إمام المسجد النبوي الشيخ محمد أيوب، بعد صلاة فجر أمس (السبت)، عن عمر يناهز 68 عاماً، وشيِّع جثمانه بعد صلاة الظهر بالمسجد النبوي في المدينة المنورة، ووري ثرى بقيع الغرقد، حيث يثوي الخليفة الثالث عثمان بن عفان وبعض صحابة النبي وأئمة الفقه، إلى جانب عدد من أشهر العلماء المسلمين.
وشهدت جنازة أيوب جموع غفيرة حضرت تكريماً له، وعدد هائل من زوار وقاصدي المسجد النبوي، الذين رافقوه خلال عامه الأخير إماماً لهذا المسجد، والمصلّون الذين أمّ بهم صلاته الأخيرة قبيل وفاته، وتداول الناشطون مقطعاً من قراءته فيها، وكأنه يودع به محبيه ومأموميه.
وشغل الشيخ أيوب إمامة المسجد النبوي سبعة أعوام، إذ عُيّن عام 1410هـ، واستمر حتى 1417هـ، ثم انقطع 19 عاماً، ليعود ويؤمّ المصلين في رمضان الماضي.
وولد أيوب في مكة المكرمة عام 1372هـ الموافق 1952، وبها نشأ وتلقى تعليمه الأولي، حيث حفظ القرآن الكريم على يد الشيخ خليل بن عبدالرحمن القارئ، وحصل على الشهادة الابتدائية من مدرسة تحفيظ القرآن التابعة لوزارة المعارف عام 1386هـ، ثم انتقل إلى المدينة المنورة، ودرس المرحلتين المتوسطة والثانوية في معهد المدينة العلمي، وتخرج عام 1392هـ، والتحق بالجامعة الإسلامية، وتخرج في كلية الشريعة عام 1396هـ، ثم تخصص في التفسير وعلوم القرآن، وحصل على درجة الماجستير من كلية القرآن، والدكتوراه من الكلية نفسها عام 1408هـ.
وإضافة إلى الدراسة النظامية، تتلمذ أيوب بالطريقة التقليدية على العديد من المشايخ والعلماء في المدينة، ودرس عليهم ألواناً من العلوم الشرعية، ومنها التفسير وعلومه، والفقه على المذاهب الأربعة، والحديث وعلومه ومصطلحه، والتفسير وأصول الفقه، وغير ذلك. وكان من شيوخه: الشيخ عبدالعزيز محمد عثمان، والشيخ محمد سيد طنطاوي، والشيخ أكرم ضياء العمري، والشيخ محمد الأمين الشنقيطي، والشيخ عبدالمحسن العباد، والشيخ عبدالله محمد الغنيمان، والشيخ أبوبكر الجزائري، وغيرهم.
ويعد الشيخ محمد أيوب من القرّاء المشاهير في المملكة والعالم الإسلامي، وله تسجيلات قرآنية في الإذاعة والتلفزيون، وسَجل له مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف القرآن كاملاً، بالقراءة الحجازية، ويتم بثه من إذاعة القرآن الكريم، كما سُجلت له صلاة التراويح والقيام في المسجد النبوي الشريف.
وعمل أيوب بعد تخرجه في المرحلة الجامعية الأولى معيداً بكلية القرآن عامي 1397 و1398هـ، وتم تكليفه بأمانة امتحانات الكلية 10 أعوام، وأصبح عضو هيئة التدريس في قسم التفسير منذ حصوله على درجة الدكتوراه، إضافة إلى عمله الجامعي عضواً في اللجنة العلمية بمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، وتولى الإمامة والخطابة في عدد من مساجد المدينة، إضافة إلى عمله إماماً للمسجد النبوي، فكان إماماً في مسجد قباء، ومسجد العنابية، ومسجد عبدالله الحسيني، كما عمل قبيل وفاته خطيباً في مسجد الإمام أحمد بن حنبل.
ولعودة الشيخ أيوب العام الماضي إلى إمامة المسجد النبوي مناسبة شهيرة، إذ ظهر في مقطع تلفزيوني مؤثر، عندما سأله أحد مقدمي البرامج عن أُمنية حياته، فتوقف الشيخ عن الحديث، واغرورقت عيناه بالدموع، وتحشرج صوته، ثم تحامل على نفسه وقال بتأثر واضح: «أتمنى أن يوفقني الله وأعود لإمامة المسلمين في مسجد رسول الله».
وبعد انقطاع دام 19 عاماً، ومطالبات شعبية، وجّه الملك سلمان بن عبدالعزيز بإعادة الشيخ أيوب إلى المسجد النبوي، وبالفعل أمَّ المصلين في شهر رمضان الماضي، قبل أن يحين أجله يوم أمس. ولقي خبر وفاته انتشاراً واسعاً، ونعاه عدد من الدعاة والقرّاء، مثنين على صوته العذب في قراءة القرآن وأسلوبه في التلاوة، ونهجه في وقف نفسه وجهده على القرآن الكريم إمامةً وتعليماً، من دون الخوض في ما يعكر صفو التزامه الشخصي، ما أضفى عليه حضوراً مميزاً في وجدان وأذهان المسلمين في أطراف الأرض.
وللشيخ محمد أيوب عائلة مكونة من 13 شخصاً، زوجتان، وخمسة أبناء، وابنتان، وكلهم يحفظون القرآن الكريم.
الرابط :
تعليقات
إرسال تعليق