لماذا نتحدث إلى الأطفال بأحلامنا التافهة، ببعض تجاربنا المؤلمة، بكثير من الأحاديث المختبئة، المؤجلة، المعطلة؟ وبينما يظل الصغير يحملق بعيني الاستغراب، ويحدق بلحظ التعجب والاستخفاف، نحن نغرق في بث التفاصيل والإدلاء بالمزيد.
ندرك كثيراً أنهم قل ما يفهمون أحاديثنا، ولكن يبدو أنهم يشعرون بنا، هل نحتاج من يشعر بنا أكثر ممن يفهمنا؟ قد يمسح طفل ما على رأس رجل كبير عندما تنهمر دموعه لشدة ما أثقل قلبه من الأسى والوجع، قد تسرع طفلة بريئة إلى احتضان أختها التي بدأت تتنفس باختناق شديد من الكلمات القاسية.
من صنع هذا الخجل الذي يتكوم في نفوسنا ويعقد ألسنتنا؟ لماذا نعيد النظر في شكاياتنا ولا نبثها بحرارتها العميقة إلى من نتوسم فيه الثقة والتعاطف والمعونة؟
لا أعرف إذا كانت شبكات التواصل الحديثة جاءت بمثابة حكومة إنقاذ لجمهورية المهمشين، أم لا؟ إذ أصبح تويتر وفيس بوك وأجهزة البلاك بيري ملاذا لمن يبحث عن آخرين يتبادلون معه اهتماماته وربما همومه.
اليوم كثير من الشباب الذي تعرض للانتقاص الاجتماعي أو الانتهاك الحقوقي أو الابتزاز غير الشرعي، يلوذ بشبكات التواصل ليعبر عن همومه ويبث ألمه تجاه جهة ما، أو نقل شعور خانق بالانقباض في إزاء سلوك اجتماعي يسبب الكثير من الألم، وربما كان هذا فرصة لتحريك القضية وتدويل الأزمة وتحقيق انفراجة كبيرة في مستقبلها ما كانت لتكون لولا مثل هذه التقنيات الحديثة.
من جانب آخر ثمة من أخفق في بناء علاقات اجتماعية جيدة وثمينة في واقعهم الحقيقي، ولذا يلجؤون إلى هذا العالم الافتراضي لعل فيه جنّة دون هذه العزلة المقيتة، وآه من إيذاء القلوب!
الحقيقة أنه لا شيء يشبه التجاهل، يجفف منابع الفرح في الصدور، ويخمد جذوة السعادة، يطفئ الرغبة في الانطلاق، ويشلّ الحياة من أطراف الإنسان.
لا شيء يشبه الإهمال، ينشر الشحوب في أرجاء النفس، وينفث دخاناً مسموماً، ويسد مداخل السرور بركام الغبار من شدة الإهمال.
لا توجعوا قلوب أصدقائكم بكثرة الإهمال، كلمة واحدة من شأنها أن تحيي قلوباً بعد الموات، نظرة اهتمام يمكن أن تصنع الفرق، تشبه نزول نبي كريم في أرض أجدبت من شدة الغواية.
لا تسهبوا في تجاهل الأشياء الجميلة ولو كانت بسيطة في زوايا الحياة، إنها مصنوعة لتجلب الانتباه، إنها تتسول الاهتمام والإلمام، لا تبالغوا في غض الطرف إلا من مشتهياتكم.
هناك أشخاص يعيشون إلى جانبكم، خارج صناديقكم المغلقة، ارفعوا رؤوسكم من نكستها، لا تدفنوها في خصوصياتكم الغليظة، واشرئبوا إلى حيث جيرانكم المثقلون بأوجاع النسيان.
إن الكلمة الطيبة صدقة، والابتسامة صدقة، والاهتمام استثمار في بنك الأيام، إنه يقيكم مصارع السوء، ويحميكم من سوءات أنفسكم.
ثمة أناس يجتهدون في الاستغناء عن الآخرين، يقللون من التشارك ويمعنون في فرض العزلة على أنفسهم، إنه نوع متقدم من البخل، ويستخدم معه كلمات التبرير الموغلة في المرضية: ماني في حاجة حد، الناس ما يسوون ريال .....، ويظن أن هذا أصون له وأبلغ في التعفف، ويبدو أنه يختزن ذكريات غير سارة لتجاربه مع الأصدقاء وأسقط هذه النتيجة على العموم وبدأ في معاقبة نفسه، هكذا ينحسر عن المجتمع وتصبح أكثر لحظاته استقراراً وانسجاماً هي التي يقضيها في وحدة وانفراد أو بالأحرى دون بذل أو تقديم معونة لأحد.
لا تعيشوا الحياة مثل حدث يجمع أطرافه في زاوية سجن يعج بأعتى السراق وباعة الموت، عيشوها مثل فيلسوف عبقري يحشد أنصاره لينشر ضياء مفاهيمه ويبعث عبق أفكاره.
أولئك الذين يعيشون الحياة ببخل متزايد، يستحقون الإبعاد من خارطة الدنيا، ينكفئون على أنفسهم وينغلقون على ذواتهم ولا يبذلون كلمة طيبة أو مديحة عابرة يروون بها القلوب العطشى ويسلون خواطر المعدمين.
لا تهمشوا المساكين، انتصروا للقلوب الضعيفة التي لا تملك سوى (البساطة)، تعيش بها وعليها، تقبلوا الحب وانشروه، اسمحوا له بالعبور، لأنه غياث المساكين وطعمة فقراء العاطفة، الذين لم يجدوا من حطام الدنيا ما يغنيهم ويكسو قلوبهم بأردية الاستغناء.
ثمة فقراء مساكين لا يتكومون فقط أمام أبواب المساجد، ولكنهم يستلقون على قارعة الحب، يملؤون الأرصفة التي يستبد بها ظلام التجاهل وصمت الإهمال، ثمة مهمشون لا يرقبون مطعماً ولا مشرباً، ولكنهم ينتظرون كلمة محفزة وسؤالاً عابراً عن الحال، فأفشوا السلام بينكم.
ندرك كثيراً أنهم قل ما يفهمون أحاديثنا، ولكن يبدو أنهم يشعرون بنا، هل نحتاج من يشعر بنا أكثر ممن يفهمنا؟ قد يمسح طفل ما على رأس رجل كبير عندما تنهمر دموعه لشدة ما أثقل قلبه من الأسى والوجع، قد تسرع طفلة بريئة إلى احتضان أختها التي بدأت تتنفس باختناق شديد من الكلمات القاسية.
من صنع هذا الخجل الذي يتكوم في نفوسنا ويعقد ألسنتنا؟ لماذا نعيد النظر في شكاياتنا ولا نبثها بحرارتها العميقة إلى من نتوسم فيه الثقة والتعاطف والمعونة؟
لا أعرف إذا كانت شبكات التواصل الحديثة جاءت بمثابة حكومة إنقاذ لجمهورية المهمشين، أم لا؟ إذ أصبح تويتر وفيس بوك وأجهزة البلاك بيري ملاذا لمن يبحث عن آخرين يتبادلون معه اهتماماته وربما همومه.
اليوم كثير من الشباب الذي تعرض للانتقاص الاجتماعي أو الانتهاك الحقوقي أو الابتزاز غير الشرعي، يلوذ بشبكات التواصل ليعبر عن همومه ويبث ألمه تجاه جهة ما، أو نقل شعور خانق بالانقباض في إزاء سلوك اجتماعي يسبب الكثير من الألم، وربما كان هذا فرصة لتحريك القضية وتدويل الأزمة وتحقيق انفراجة كبيرة في مستقبلها ما كانت لتكون لولا مثل هذه التقنيات الحديثة.
من جانب آخر ثمة من أخفق في بناء علاقات اجتماعية جيدة وثمينة في واقعهم الحقيقي، ولذا يلجؤون إلى هذا العالم الافتراضي لعل فيه جنّة دون هذه العزلة المقيتة، وآه من إيذاء القلوب!
الحقيقة أنه لا شيء يشبه التجاهل، يجفف منابع الفرح في الصدور، ويخمد جذوة السعادة، يطفئ الرغبة في الانطلاق، ويشلّ الحياة من أطراف الإنسان.
لا شيء يشبه الإهمال، ينشر الشحوب في أرجاء النفس، وينفث دخاناً مسموماً، ويسد مداخل السرور بركام الغبار من شدة الإهمال.
لا توجعوا قلوب أصدقائكم بكثرة الإهمال، كلمة واحدة من شأنها أن تحيي قلوباً بعد الموات، نظرة اهتمام يمكن أن تصنع الفرق، تشبه نزول نبي كريم في أرض أجدبت من شدة الغواية.
لا تسهبوا في تجاهل الأشياء الجميلة ولو كانت بسيطة في زوايا الحياة، إنها مصنوعة لتجلب الانتباه، إنها تتسول الاهتمام والإلمام، لا تبالغوا في غض الطرف إلا من مشتهياتكم.
هناك أشخاص يعيشون إلى جانبكم، خارج صناديقكم المغلقة، ارفعوا رؤوسكم من نكستها، لا تدفنوها في خصوصياتكم الغليظة، واشرئبوا إلى حيث جيرانكم المثقلون بأوجاع النسيان.
إن الكلمة الطيبة صدقة، والابتسامة صدقة، والاهتمام استثمار في بنك الأيام، إنه يقيكم مصارع السوء، ويحميكم من سوءات أنفسكم.
ثمة أناس يجتهدون في الاستغناء عن الآخرين، يقللون من التشارك ويمعنون في فرض العزلة على أنفسهم، إنه نوع متقدم من البخل، ويستخدم معه كلمات التبرير الموغلة في المرضية: ماني في حاجة حد، الناس ما يسوون ريال .....، ويظن أن هذا أصون له وأبلغ في التعفف، ويبدو أنه يختزن ذكريات غير سارة لتجاربه مع الأصدقاء وأسقط هذه النتيجة على العموم وبدأ في معاقبة نفسه، هكذا ينحسر عن المجتمع وتصبح أكثر لحظاته استقراراً وانسجاماً هي التي يقضيها في وحدة وانفراد أو بالأحرى دون بذل أو تقديم معونة لأحد.
لا تعيشوا الحياة مثل حدث يجمع أطرافه في زاوية سجن يعج بأعتى السراق وباعة الموت، عيشوها مثل فيلسوف عبقري يحشد أنصاره لينشر ضياء مفاهيمه ويبعث عبق أفكاره.
أولئك الذين يعيشون الحياة ببخل متزايد، يستحقون الإبعاد من خارطة الدنيا، ينكفئون على أنفسهم وينغلقون على ذواتهم ولا يبذلون كلمة طيبة أو مديحة عابرة يروون بها القلوب العطشى ويسلون خواطر المعدمين.
لا تهمشوا المساكين، انتصروا للقلوب الضعيفة التي لا تملك سوى (البساطة)، تعيش بها وعليها، تقبلوا الحب وانشروه، اسمحوا له بالعبور، لأنه غياث المساكين وطعمة فقراء العاطفة، الذين لم يجدوا من حطام الدنيا ما يغنيهم ويكسو قلوبهم بأردية الاستغناء.
ثمة فقراء مساكين لا يتكومون فقط أمام أبواب المساجد، ولكنهم يستلقون على قارعة الحب، يملؤون الأرصفة التي يستبد بها ظلام التجاهل وصمت الإهمال، ثمة مهمشون لا يرقبون مطعماً ولا مشرباً، ولكنهم ينتظرون كلمة محفزة وسؤالاً عابراً عن الحال، فأفشوا السلام بينكم.
الرابط :
تعليقات
إرسال تعليق