هذا العدد الثاني عشر من إثرائيّات، نتناول فيه "الصورة النمطيّة"، عن عمليّة قولبة التصوّرات الجاهزة وصناعة الأطر المحددة.
ونطرق سؤال الفنّ ودوره في مقاومة هذه الصور أو تثبيتها، وعن أدواته إزاء هذه المهمة.
في (ملف العدد) سنكتشف أسباب ودوافع الجنوح المستمر إلى تكوين صورٍ نمطيّة مشتركة وإسقاطها على الآخر.
الأكاديميّة وعضو مجلس الشورى السعوديّ إيمان الجبرين (ضيف العدد)، تحدثنا عن تجربتها في تشتيت الأنماط المحفوظة والأحكام المسبقة على كل ما هو مختلف ومجهول، وعن فهمها للفنّ بين ثنائيّة ابتكار جوهره المفارق للسائد، أو تلبية نداء القوالب الجاهزة وإلحاحها.
فيما يكتب الأديب إبراهيم آل سنان في (إطلالة) عن ابن القرية القصيّة وهو يخوض طريقه لاقتلاع أشواك الصور المتوقعة عن "الآخر"، ونظرات الفضول التي جهرته لحظة وصوله إلى حافة المدينة.
في (بروفايل) نتعرَّف المعروف والمألوف في مجال التصوير، صالح العزاز الذي حضر مبكّرًا، يوم كان فضول العدسة مستثقلًا، ومحرّمًا أحيانًا، لكنه استجمع شجاعته وبدّد سحب القوالب الجاهزة، وأعاد تقديم مجتمع الجزيرة العربيّة على سجيته، وألفته، وتنوعه، وثراء مضمونه.
بقلم المتخصص والمتعمق في مجاله، تكتب دلال العتيبي في (تأمّل فنيّ) عن تنميط الجمال، ومقارنة بين الجيل الجديد والقديم، وتجسيدهم للكمال والمثاليّة في تناولهم لقضايا التنميط التي يشهدها الواقع، وانعكاسها في أعمالهم.
ومجموعة من المواضيع ذات الصلة، تشبع موضوع العدد، وتتناوله من زوايا مختلفة، حسب كل زاويّة من إثرائيّات، ونسعد باطلاعكم.
على الغلاف
يطرح العمل سؤلًا هامًا عما إذا كان يجب رؤية وجه الشخص (شكله الخارجي) للاعتراف بجدارته وانجازاته. إن الشخصيات المجهولة والعاملة بصمت غالبًا ما يساء الحكم عليها، ويتم الاستهانة بقدراتها في الزمن المعاصر، الذي سيطرت فيه ثقافة المجتمع الاستهلاكي، الذي يمجّد الشكل على حساب المضمون. فانقلبت الموازين وتغيرت نظرتنا وحكمنا على الأشياء.
العمل دعوة إنسانيّة للمساواة في حكمنا على الأشخاص، وإعطائهم الفرصة لإثبات ذواتهم، وتعطيل العاطفة وتغليب المنطق عند الحكم. هو دعوة للعودة إلى جوهر الدوافع لفهمها والقدرة على احترام الأشخاص الذين اختاروا اعتناقها،.
العمل شاركت فيه 64 امرأة عاملة سعوديّة من شتى المجالات بتقديم صورة تمثل طفولتهن، تم تثبيتها من الأسفل لتعبر عن فكرة اختلافهنّ جوهريًا ولتعطي وجهًا يعوّض المتفرج عن غياب وجههن وراء الخمار، ويشعره بالطمأنينة حيال شخصياتهنّ المجهولة. بل إن براءة الأطفال وابتسامتهنّ تعكس راحتهنّ النفسيّة، وقناعتهنّ الخالصة بهذا الاختيار، خلافًا لما يعتقده الكثير من أنهنّ مقموعات ومجبرات. ولكن رؤية هذه الوجوه تتطلب بعض الجهد من المشاهد، فعليه أن يتحرك ويمسك القطعة ويقلبها بنفسه ليرى الوجه المختبئ أسفلها تمامًا مثلما نفعل حين نلتقي شخصًا للمرة الأولى، ونجد أنفسنا مضطرين لتقييمه (سواء في مقابلة وظيفية أو غيرها) عندها يجب ان نلزم أنفسنا ببذل الجهد لتعطيل كل ما قد يثيره شكله من مشاعر لدينا، ونتيح له الفرصة ليعرض لنا قدراته.. وهنا يُطْرَح السؤال من جديد: هل أحدث هذا الوجه فرقًا في حكمه على إنجازاتهنّ حين كشفناه؟
الفنان الضيف
الفنّ عند إيمان الجبرين حمّال أوجه، فهو قد يناهض عمليات القولبة القسريّة، ويقاوم حالات التنميط التي تريد إصدار حكم نهائيّ لا يقبل الاستئناف على الأفكار والأشخاص، ويفعل ذلك باستخدام أدواته الناعمة، وإمكاناته المبدعة في التأثير، وتفكيك كتل الأفكار والتصورات الخاطئة والجائرة.
قدمت الجبرين أعمالًا فنيّة وبحثيّة مهمة، تحدّت عبرها العديد من الصور النمطيّة عن المرأة السعوديّة، وعن الثقافة السعوديّة بشكل عام، وحاولت ابتكار طريقة تقديم هذه الثقافة من وجهات نظر جديدة لم تأخذ حقّها في التعبير عن نفسها، مجموعة أعمال رشيقة ومتخففة من عبء الإجابات الجاهزة والقطعيّة، ومنفتحة على مشاركة الآخرين في حوار مفتوح مع الذهنيّات والأفكار، مباشرة وبدون وسيط من الأحكام المسبقة، والوصمات التنميطيّة.
الرابط:
https://www.ithra.com/ar/news/re-understand-our-world/
تأمل فنّي
شجعت مرحلة ما بعد الحداثة، الكثير من مجالات وقطاعات الفنّ على مقاومة السائد، وتحرير التقاليد الفنيّة والتعبيريّة، واجتراح أشكال وفضاءات مغايرة وأكثر جرأة، في استجابة متزامنة لمرحلة جديدة نهاية فترة الستينيّات الميلاديّة، وبزوغ مرحلة السبعينيّات من القرن العشرين، تحضّ على ابتكار الذوات، والخروج عن المألوف، وإعادة الاعتبار للخيال الحرّ واللامحدود. وشكلت مدرسة الانطباعيّة أو التأثريّة خلال القرن التاسع عشر باكورة الانقلاب على الشكل الكلاسيكيّ للفنّ، وارتبط أسلوبها الفنيّ بخطوة تبدو عاديّة، لكنّها تجسد تصميمًا على معاندة السائد، إذ خرج الفنّانون من المرسم، ونفّذوا أعمالهم في الهواء الطلق، لنقل الواقع أو الحدث من الطبيعة مباشرة، وكما تراه العين المجردة، بعيدًا عن التخيّل والتزويق.
الرابط:
https://www.ithra.com/ar/news/painting-and-frame/
الرابط:
https://www.ithra.com/files/7516/1649/7262/IthraeyatMagazine_Issue12_Stereotypes_AR.pdf
تعليقات
إرسال تعليق