التخطي إلى المحتوى الرئيسي

مجلة إثرائيات | العدد الثامن : ترحال

       يرتحل بكم العدد الثامن من مجلتكم "إثرائيات" عبر بساط الريح، مسافرًا في فضاءات التأمل والفن والإبداع، وتحت عنوان "الترحال" يتصفح علاقة الإنسان بين الإقامة والسفر، حاملًا حقائب أفكاره بين الأمكنة والأزمنة، وذاكرة مشبعة بالصور والأصوات واللحظات التي حفظها خلال تنقلاته، منذ كان الارتحال طلبًا للرزق والماء والكلأ، حتى أضحى تجربة غنية لمتعة والتأمل وإخصاب تجربة الإنسان.

تنطلق رحلة العدد مع الفنّانة السعوديّة مها الملوح، التي برعت في نوع أصيل من الفنّ، وهي تحوّل القطع البالية إلى قصّة حيّة، تنعش الذاكرة، وتعيد سرد قَصص المجتمع المستغرق في تحوّلاته، تأخذنا مها عبر فنّها البديع في رحلة لا تنقصها المتعة، للتأمل في طبيعتنا الساكنة والمتغيرة.

    من جهته يكتب الشاعر والأكاديمي د. حاتم الزهراني حول التَّرحال، بوصفه دافعًا لاختراع الاستمراريّة: نرحل، أفرادًا: أممًا وثقافاتٍ، وبينما يخيّل إلينا أننا نبتعد، تتشكل حاجة مُلحة إلى خلق استمراريّة من نوعٍ ما، بين ما قبل الرحلة وما بعدها. يصبح معها الترحال نوعًا من الاقتراب أكثر.

 

    ثم ترتفع بنا المركبة المسافرة في فضاءات الفنّ والجمال، إلى شخصيّة العدد، محمد ناصر العبوديّ، شيخ الرحالة وسندباد هذا القرن، الذي ذرع العالم طولاً وعرضًا، وكتب في هذا الفنّ جواهرَ من الكتب والإصدارات، التي احتفظت بحميميّة تجربته، وحواراته الثريّة مع المكان والإنسان، وجمعت بين: الأدب، والحكمة، والطرافة، والفائدة.

    وخلال رحلة العدد؛ نصطحب حقيبة كاملة من الموضوعات المتنوعة والثريّة عن موضوع الارتحال، تختزن فيها تجارب فنانين، وأفكار مدوِّنين، التحموا مع ثقافات وفضاءات إنسانيّة مختلفة، حرّكت في أذهانهم الأفكار، وفي وجدانهم المشاعر، وكان السفر بالنسبة لهم خط اتصال بالجانب الآخر، الذي يختبر ويعكس ما انطوت عليه قناعاتهم وتصوّراتهم.

وفي لحظة تأمل فنِّي، تدعونا د. سارة الوشمي للوقوف أمام لوحة (نافذة في طنجة) التي أبدعها هنري ماتيس أحد روّاد المدرسة الوحشيّة، والتي كانت مختلفة عن طابعه الفني، وشاهدًا على الأثر الذي تتركه التفاصيل الهادئة الصغيرة في نفس الفنان، وتعيد تشكيل تجربته وأسلوبه.

وقبل أن تصل الرحلة لنهايتها؛ تحط بنا عند تجارب شابة جمعت بين شغف السفر وجمال اللقطة، مع مصورين وفنانين قدّموا خلال رحلاتهم ومغامراتهم الجريئة والغريبة أحيانًا، لقطات مبدعة وملهمة، احتفظت بلحظة كانت ستكون عابرة، لولا عدسة بارعة احتفظت بها حكاية لا تمحى للجمهور.

     ندعوكم لحزم حقائبكم ومرافقتنا في رحلة ماتعة في هذا العدد الثامن من "إثرائيّات"، وتأكدوا من ربط حزام الأمان، والجلوس باعتدال في مقاعدكم.



على الغلاف: رحلة العمر

أنشأت الفنانة التشكيلية السعوديّة مها الملوح عملها "رحلة العمر" تكريماً لليدي إيفلين كوبولد (1867-1963) أول امرأة بريطانية المولد تم تسجيلها لأداء فريضة الحج.

يفتح عمل "رحلة العمر" نقاشاً حول حرية التنقل في مقابل الطبيعة الجامدة للحياة المنزلية، وهو نقاش كان محور حياة ملايين النساء، قديماً وحتى الوقت الحاضر. 

وتمس أيضاً المنظور الأوسع للتبادلات العديدة؛ الثقافية والسياسية وكذلك الدينية، في عالم معولم يتبنى مسائل مراقبة الحدود والتنقل والحرية الدينية والتحديات التي تواجه أساليب الحياة التقليدية.

يتكون العمل من مجموعة حقائب معدنية مثبتة على عربة مُذهَّبة، جميع الحقائب تظهر عليها علامات التقادم، بعد أن كانت تستخدم سابقًا للسفر أو التخزين في منازل خاصة في السعودية. 

تحمل العربة ذات العجلات إمكانية الحركة المستمرة ولكنها تشير أيضًا إلى الحياة المنزلية من خلال التذهيب كتقنية يدوية تُطبّق عادة على الأثاث والتجهيزات في المنازل الخاصة والمباني ذات الطابع الدائم.

وهكذا تصبح العربة ومعها العمل بأكمله رمزًا للحركة والسفر والتغيير المحتمل، ولكنه في الوقت ذاته يمثل رمزًا للانتماء.

أصبحت السيدة كوبولد السيدة زينب فيما بعد، وتمكنت من السفر إلى جدة عبر القاهرة وهي في سن الخامسة والستين.

مها الملوح: الخروج من عاديّتنا بابتكار نظرتنا إلى الأشياء


نحاور في هذا العدد من "إثرائيات" مها الملوح فنانة سعودية، من رواد التعبير المفاهيمي تنتج وتعرض في أنحاء العالم، وأول سعودية تشارك في "بينالي فينيسيا"، لديها العدد من الأعمال الشهيرة ولقيت رواجًا واسعًا.

الفن لدى الملوح له أكثر من وجه، وليس شيئًا ثابتًا، كما يحمل أكثر من تأويل، وله أبعاد وأعماق مختلفة، ومن أجل أن يطور الفنان من بصيرته وذائقته لتحويل المألوف العابر إلى عمل فني وإبداعي مؤثر وعميق، تعتقد الملوح "أن الإنسان يحتاج في البداية إلى شغف وحب في البحث والتأمل في الحياة والأحداث حوله والعمل الدؤوب المتواصل، فالانغماس بالعمل والتجارب يأخذ الفنان إلى نتائج غير متوقعة".


اضغط لقراءة المزيد

https://www.ithra.com/ar/news/guest-artist/


يكشف عمل مها الملوح "الطريق إلى مكة المكرمة" التجارب المتناقضة التي توفرها الوسائل الحديثة للسفر.

لم يعد المسافر يتمتع بحرية العبور، دون عوائق أو خضوع قسري للرقابة، أصبح السفر فعلًا ينطوي على التحقيق والتفتيش وغزو خصوصية المرء، من خلال سلسلة من نقاط التفتيش يتم فحص أمتعتنا وفحص صور جوازات سفرنا وتفتيش هويتنا.

 حتى أكثر أشيائنا خصوصية وما تحتوي عليه أمتعتنا من القطع الحميمة والممتلكات الشخصية، أضحت مكشوفة في المجال العام.

ذكرياتنا الثمينة من الماضي البعيد تقع تحت أشعة الكشف الخارقة التابعة لأنظمة فحص المطارات، يتم تحويل هذه القطع الخاصة إلى صور على الشاشات الأمنية لتصنيفها إلى "آمنة" أو "تهديد". 

يجردنا السفر أحياناً، يخضع جوهرنا الروحي والتكوين التعليمي للمعالجة باستخدام أنظمة تخزين البيانات، يخضعان للتمحيص ويتحولان إلى تهديدات أمنية محتملة.

ذكريات طفولتنا الحميمة لم تسلم هي الأخرى من وحشية النظرة، ما كان يومًا بريئًا وساحرًا يبدأ في إثارة الدهشة.






الرابط:

https://www.ithra.com/files/3816/0610/6851/Ithraeyat_Magazine_Issue8_Travels_AR.pdf







تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

تمجيد صدام حسين المجيد

كان يمكن للقصة الشهيرة التي تداولها عامة العرب عن صورة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين مطبوعة في كبد القمر أن تكون مجرد مزحة عابرة تذوب مثل قطعة ثلج أو تتبخر مثل بؤرة ماء، ولكن القصة المختلقة التي شاعت عشية تنفيذ حكم الإعدام في حقه من قبل الحكومة العراقية بعد إسقاط نظامه وتفكيك الدولة العراقية نتيجة حرب خاضها حلف دولي تقوده الولايات المتحدة، تمكنت في أذهان جيل بأكمله وتطورت إلى أشكال متجذرة لترميز الرئيس العراقي المخلوع. أصبح صدام ذا شعبية أكبر لدى قطاعات واسعة من الشباب العربي، فبإمكانك أن تلاحظ حجم الصور التي تنتشر له والأقوال المختلقة في محاولة لاستنطاقه بما يتمناه الشاب العربي من خطاب مشبع بالأنفة والاعتزاز ضد غطرسة الجانب الغربي من العالم أو الطائفة الشقيقة للغالبية السنية في الشرق الأوسط. لا تبدو سيرة صدام حسين مثيرة للإعجاب في التاريخ، فهو مجرد حاكم عربي عسكري يشبه أترابه ممن يقبض على سدة حكم الجمهوريات العربية المرتبكة في تقديم هوية سياسية ونظام حكم متماسك، يضاف إليه بطش أهوج وديكتاتورية مطبوعة بنزقه الشخصي وجنون العظمة الذي أودى بمستقبل العراق وشعبه في جملة من المغا...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...