جولة جديدة تزيد من تحفيز القلق والتوتر في المنطقة، بسبب رفع الحظر عن تصدير السلاح إلى إيران، وانطلاق مشوار جديد من المتاعب التي تنتظر دول وشعوب منطقة ابتليت بهذا النظام الجار وسلوكه العدواني ضد استقراره واستمراره. وذلك بعد أن امتنع العالم عن تأييد نية واشنطن ودعم دول الخليج العربي لاستمرار قرار الحظر، لما له من نفع في تخليص المنطقة من شرور بؤر التوتر وقطع الطريق على واحدة من أكثر أسبابه فاعلية ونشاطا، طهران التي تتوعد وتنذر بفتح شهية المنطقة للفوضى والخراب وتسعير نيران الشقاق.
بطريقة احتفالية، ربما تمتص بعض الوهن الذي يصيب حكومة طهران، كتب وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف أن نهاية القيود المفروضة على بلده لا تعني بالضرورة تبنيها مبدأ التسليح العشوائي أو افتعال الحروب والعيث فسادا في المنطقة، والواقع أن بلاده تفعل عكس ما يدعيه ويكتبه باللغة العربية هذه المرة، تماما. بدليل تصريح أمير حاتمي، وزير الدفاع الإيراني، عقبه مباشرة وقوله إن مجال بيع السلاح سيكون أوسع بالنسبة لهم، وأن إيران ستكون لاعبا جيدا وناجحا في سوق بيع السلاح، وبالتالي فإن المنطقة مقبلة وموعودة بدفق جديد من أسباب وأدوات نفق الظلام ودوامة العنف ومآلات الخراب والعدوان والتوتر.
ومع ذلك تواجه إيران حقيقة مُرّة، ربما تعطل الكثير من مباهج هذه الانفراجة اليسيرة، ابتداء بسلة العقوبات الكاملة التي فرضتها واشنطن، وأرّقت واقع وكاهل الإيرانيين، فيما تأمل حكومة طهران أن تسفر الانتخابات الأميركية عن انقشاع سحابة الجمهوريين وإعادة وصل آمالهم العريضة بعودة مظفرة لأمين المرحلة الأوبامية، بايدن، ويوتوبيا المظلة الدولية الغامرة.
وبذلك لا يمكن الحديث عن أي ازدهار في الإمكانات العسكرية الإيرانية من جهة الاستيراد أو التصدير في ظل المتاعب المالية التي تثقلها والضغوط الاقتصادية التي تتواطأ على عاتقها، فضلا عن انعدام الثقة في تماسك نظامها المالي أو الرياح السياسية التي تحركها مخاوف غضب أميركي يجره التعامل مع إيران أو التوسع في الشراكة معها والتفاؤل بأفق لا تنقطع أوصاله في لحظة ما من الوقت.
بطبيعة الحال ستكون المنطقة المفضلة بالنسبة لطهران لاستعراض عضلاتها واستثمار الثغرة الممكنة للضغط على المجتمع الدولي واستفزاز واشنطن هي منطقة الشرق الأوسط
في ظل هذا الواقع من ضعف مردود هذه المرحلة، بعد نهاية حظر السلاح المفروض على إيران، يتأتى سؤال عن الانعكاس الحقيقي له، وبطبيعة الحال ستكون المنطقة المفضلة بالنسبة لطهران لاستعراض عضلاتها واستثمار هذه الثغرة الممكنة للضغط على المجتمع الدولي واستفزاز المارد الأميركي، هي زيادة أعباء وتكلفة الدور السلبي لإيران في منطقة الشرق الأوسط، عبر وكلائها المحليين في الدول التي تشكل فرصا ثمينة لإيران وجراحا غائرة للعرب.
من هنا يفهم تصريح لا تنقصه الفجاجة للرئيس الإيراني حسن روحاني بعد انتهاء حظر السلاح عن نوايا لبيعه لمن يريد، وتصريحات عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني أبوالفضل حسن بيكي، عن نية لبيع الأسلحة لميليشيا الحوثي، في مؤشر خطير عن التوجهات الإيرانية لتصعيد وتيرة الصراع في المنطقة.
جاء الرد الخليجي الثابت من الدور السلبي لإيران، ليضع في حسبان المجتمع الدولي، أو أي إدارة أميركية مرتقبة، أن التفاهم مع طهران لا يمكن أن يتم أو يبرم على طريقة تغطية الجرح قبل شفائه، على نحو ما فعلت الصفقة الأوبامية.
ورد ذلك على لسان الأمين العام لمجلس التعاون الدكتور نايف الحجرف، خلال اجتماع مجلس الأمن لمناقشة الوضع الراهن في منطقة الخليج مؤخرا، بأن إيران اتخذت من أسلوب العداء والعنف وزعزعة الاستقرار في المنطقة نهجا لها لتحقيق أهدافها السياسية، حيث تعرضت بعض دول المجلس لاعتداءات متكررة من قبلها ووكلائها في المنطقة كالهجمات بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، والأعمال الإرهابية.
وقام النظام الإيراني مؤخرا بتهريب حسن إيرلو، عضو الحرس الثوري الإيراني المرتبط بحزب الله اللبناني، إلى اليمن تحت غطاء “سفير” لدى ميليشيات الحوثي، ليؤكد نية طهران في سعيها لاستمرار الفوضى، واستخدام وكلائها لتوسيع نفوذها الخبيث في الدول العربية، وتجهيز المنطقة لدوامة جديدة من العنف وحلقة أخرى من مسلسل الفوضى، فيما يمتنع المجتمع الدولي عن تحمل مسؤولياته أو المساعدة في وقف هذا الأذى عن العالم.
تعليقات
إرسال تعليق