التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الفراغ نعمة






الفراغ " أزمة عصرنة " فهناك منطقة فاصلة بين الريف والمدينة ، بين ما نتمناه ونتخيله إلى درجة الهوس وترسمه لنا شبكات التواصل وفضائيات البث العبثي من صور المدنية الراقية وتغذية العقل بلذاذات العالم المتحضر ، وبين ما ينزفه واقعنا من شح الخيارات وضعف المتاحات ، اضطراب ذهني بين الواقع العاجز والمأمول المتجاوز ، بين الحقيقة القاصرة والأحلام الفاخرة ، وليقترب المعنى أكثر بإمكانك أن تقف على مشهد " السهر " وهو منتج مديني بامتياز لأنه يمارس في ظل مدن صاخبة تعج بالسهرات الصباحية حتى أصبحت المدن التي لا تنام عنوان تلك المناطق الجغرافية التي لا تهدأ من إيقاع الليالي المدوية ، ولكنه ينتشر ببشاعة في الأرياف وهي لا تقوى على مثل هذا .
فكرتك عن " الزمن " تنطبع على تعاطيك مع مشتقاته المختلفة ، والفراغ مرتبط في حواضرنا وأريافنا بمعناه السلبي القاتم ، إذ يعني وللأسف الكتلة الزمنية التي تشعر فيها بقلة الحيلة وانعدام الأنشطة ، تطورت الأزمة من حسن استغلاله إلى فزاعة الهروب منه ، وعلى بوابة الخروج القسري تجد أكوام المراهقين مهرولين إلى ما يليق وما لا يليق هرباً من شبح الفراغ الذي يهلعهم ويستبد بهم . كلما امتلكنا فكرة متطورة وعميقة عن الزمن يصبح بمقدورنا أن نعيد صياغة الزمن وتحوير الوقت بناء على جوهرنا ، وعلى أساس ما نقوى عليه وما نميل له ، نخرج باستراتيجية يكون محورها " ذواتنا " بكل نقاط قوتها وضعفها ، نستطيع معها أن نحقق أكبر إمكانات التوظيف لمعاملات الزمن وأحسن فرص استغلال الوقت والفراغ ومساحات العمر الواسعة . وستبقى الحلول الوقتية والتقليدية جزءاً من المشكلة ، مثل الاقتراحات الدينية أو الثقافية وسواها مما يأتي في سياق وعظي وخطابي مكرور يفاقم الأزمة ، إذ كيف تدعو شاباً قليل العبادة إلى استغلال أوقات الفراغ بالاستزادة من الصلاة والاستفادة من المواسم الدينية بالتقرب إلى الله على خيرية هذا الاتجاه ، أو تدعو مراهقاً يستثقل الدراسة النظامية أن ينكب على الكتب ويلتهم المتون ، وسوى ذلك من أنشطة الرياضة والمنافسات مختلفة الألوان فإنها لا تخرج من دائرة المتتالية العبثية التي تغرق الشاب في وهم انشغالي يملأ الوقت ولا يشبع الفراغ ، يفيض لكثرته من فم الكأس ولكنه لا يروي عطشاً ولا يطرد الضمأ .
علينا أن نطور أفكارنا حول الجد والفراغ ، حول الزمن والوقت ، ونصوّبها أكثر ونجعلها بفعل التدقيق والتصحيح والمراجعة والموائمة أقرب لجوهرها الحقيقي وصورتها الأصوب .



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

«تتبع الحجارة» عنوان 100 يوم من الفن المعاصر في بينالي الدرعية

السعودية تشهد اليوم واحدة من أكبر المناسبات الفنية العالمية   السبت - 7 جمادى الأولى 1443 هـ - 11 ديسمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15719] الرياض: عمر البدوي أصبح حي جاكس جاهزاً لانطلاق الدورة الأولى من بينالي الدرعية للفن المعاصر، واستقبال المتطلعين لزيارة واحدة من أكبر المناسبات الفنّية العالمية، ابتداءً من اليوم (السبت)، حتى 11 مارس (آذار) المقبل، وهو أول بينالي دولي يتطرق لموضوعات وأشكال الفن المعاصر في السعودية، ويعرض أعمالاً لفنانين عالميين ومحليين، مع مجموعة من الورش الثقافية والتجارب الممتعة. يأتي بينالي الدرعية، كتجربة استثنائية، ومنصة إبداعية تمتد لمائة يوم، تكشف جوهر الفنون السعودية بمختلف أنماطها، وتُفسح للفنانين مساحات للحوار وإثراء تجاربهم، لتعزيز المشهد الثقافي والفني، وتمكين المواهب المحلية، واستقطاب مجموعات الفنانين الدوليين لإغناء الحدث الفني المهم. وقال راكان الطوق، المشرف على الشـــؤون الثقافية والعلاقات الدولية في وزارة الثقافــــة الســـــعودية، إن استضافة المملكة لأول بينالي للفن المعاصر، يعدّ إنجازاً استثنائياً، وإن أهميته تأتي من كونــــه نقطة التقــــــاء للعالم،...