التخطي إلى المحتوى الرئيسي

النقد.. اللذة واللذعة




  • عمر علي البدوي
(الحكومة تضبط وتزين الشوارع اللي تمشي فيها الوفود، مثل الأم السعودية اللي ما تطلع مواعينها الجديدة إلا للضيوف وعيالها المساكين يشربون الحليب في كأس الجبن).
رسالة بلاك بيري.
هناك أنفة من كل ما هو تقليدي، هناك حالة اعتراض عارمة لدى الجيل الجديد لكل ما ينتمي إلى القديم، رغبة طامحة للتغيير ربما تجرف الهياكل المؤسسية البالية وكل ما ينتمي إلى حقبتها الزمنية من ثقافة واجتماع وتفكير.
نقد لاذع لأبسط الأشياء يأخذ في التطور شيئاً فشيئاً في ظل الإمكانات التي يمنحها الإعلام الجديد للشباب، تحولت شبكات التواصل الجادة إلى مسرح درامي يموج بمشاهد النقد الملحمية، أحياناً إلى مسلخ للفاسدين وأصحاب المشالح الفضفاضة، يشبه استجوابات البرلمانات النزيهة تحت مرأى الشعب ومشهد الأمة.
النقد ليس عملاً اعتباطياً، والمجتمعات التي تؤمن بضرورة النقد ثم تتجاوز هذا الإيمان السطحي إلى ممارسته واقعاً فهي على قدر كبير من الشجاعة، لا تعاني حالة انحباس تاريخي ولا ضعفاً في الثقة تجاه مسبّقاتها الماضوية، مجتمعات النقد لديها إصرار على التقدم، والتقدم نفسه لا يتأتى بغير الاعتراف بالأخطاء والاستعداد لمواجهتها والأمل في بناء المقومات السليمة، وهذه خلاصة النقد.
السخرية ناصية النقد، والنقد اللاذع غاية ما يبلغ الامتعاض من سلوك أو تقليد ما، ولكن عندما يتوقف النقد على مجرد السخرية وجلد الذات فإنه لا يقدم مشروعاً ولا يتقدم بالأمة، يشبه الطائر الطري الذي يبدأ في تحريك جناحيه دون القدرة على الطيران الفعلي، يحتاج إلى مزيد من الوقت والشجاعة لعمل ذلك.
لا أعرف لماذا ارتبط تويتر والطير الذي يرمز إليه بمعنى الحرية، لعل ذلك أكثر ما كان يلح في مجتمعاتنا، قدراً من الحرية والانفتاح للتحرك نحو الفضاء، للانطلاق إلى مأمولات هذه الشعوب ورغباتها المستحقة، لقد احتبست شعوبنا كثيراً دون مطالبها وأحلامها التي بقيت حبيسة الشعارات، اليوم وبفعل الشباب الذي اقتحم الإعلام الجديد بدأت تتنفس الصعداء وتشرئب إلى مستقبل تتدخل في صناعته وتشكيل ملامحه ونحت قسماته.
النقد إذا تحول إلى هدف بحد ذاته، تموت فاعليته إثر الألفة والاستمراء، النقد الجيد هو الذي يجد قنوات لتفعيله وتحويله إلى مشاريع متحققة، النقد الجيد هو الذي ينهض لتصحيح الأوضاع ويجد آذاناً مصغية ومتنفذة لديها الرغبة الجادة والصادقة للتغيير، إذا أصبح النقد مجرد فرقعات وأداة استهلاك محلي فهو يراكم الأخطاء ويوسع الخرق على الراقع المتأخر دائماً.
لم يعد هناك أحد فوق طائلة النقد، سوى ما تواطأت الشعوب والمجتمعات على احترامه وتقديره من مسلمات الدين ومرتكزات الوطن ومقتضى مصالح الأمة، واللافت في هذه الثوابت اختلاف الناس في تعريفها وضبط حدودها وهذا ملمح من الحرية الجديدة نحتاج أمامها إلى إدراك معاني الاحترام المتبادل وضمان حق الاختلاف وتباين الآراء وهذا من متلازمات الحرية التي تمطر تسامحاً فتنبت التنمية.
الحقيقة أن الإعلام الجديد وكبيره (تويتر) الذي علمه الجرأة بدأ بتسريب قيمه الحرة وبث ملامح العالم الحديث، ومجتمعاتنا الشابة استجابت لهذه اللغة الجديدة.
تحولت شبكات التواصل الجادة إلى أكاديميات لتعلم فنون النقد والاجتراء على انتزاع الحقوق من غاصبيها، إلى محاكم عدل للتشنيع بالمظاهر السلبية والمتسببين فيها.
لا يتوقف الأمر على حفريات الطرق وإهمال مشاريع تصريف المجاري والسيول، بل أبعد من ذلك، مثل ردم مستنقعات العقول التي تتسبب في انتشار فيروسات التردد وحشرات التخوف السامة التي تعطل إحساس المواطن بدوره تجاه الإنسان والأرض التي ينتمي إليها.
الرابط : 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

«تتبع الحجارة» عنوان 100 يوم من الفن المعاصر في بينالي الدرعية

السعودية تشهد اليوم واحدة من أكبر المناسبات الفنية العالمية   السبت - 7 جمادى الأولى 1443 هـ - 11 ديسمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15719] الرياض: عمر البدوي أصبح حي جاكس جاهزاً لانطلاق الدورة الأولى من بينالي الدرعية للفن المعاصر، واستقبال المتطلعين لزيارة واحدة من أكبر المناسبات الفنّية العالمية، ابتداءً من اليوم (السبت)، حتى 11 مارس (آذار) المقبل، وهو أول بينالي دولي يتطرق لموضوعات وأشكال الفن المعاصر في السعودية، ويعرض أعمالاً لفنانين عالميين ومحليين، مع مجموعة من الورش الثقافية والتجارب الممتعة. يأتي بينالي الدرعية، كتجربة استثنائية، ومنصة إبداعية تمتد لمائة يوم، تكشف جوهر الفنون السعودية بمختلف أنماطها، وتُفسح للفنانين مساحات للحوار وإثراء تجاربهم، لتعزيز المشهد الثقافي والفني، وتمكين المواهب المحلية، واستقطاب مجموعات الفنانين الدوليين لإغناء الحدث الفني المهم. وقال راكان الطوق، المشرف على الشـــؤون الثقافية والعلاقات الدولية في وزارة الثقافــــة الســـــعودية، إن استضافة المملكة لأول بينالي للفن المعاصر، يعدّ إنجازاً استثنائياً، وإن أهميته تأتي من كونــــه نقطة التقــــــاء للعالم،...

ماذا يخطر في بالك ( 5 ) ؟

هنا أنقل بعضاً من منشوراتي على صفحتي في ( الفيس بوك ) . راجياً لكم النفع والفائدة  . ضعف التقدير يقود إلى سوء التقرير . .................. كلما كان واقعك ثرياً وغنياً ، بارت بضاعة خيالك الواهم . …………… إذا أحببت شيئاً ثم التقيت به بعد غياب فكأن الروح ردت إليك بعد غيبة الموت ، أو العقل عاد بعد جنون ، أو الذاكرة استفاقت بعد غيبة . كل الأشياء الرمادية تسترجع ألوانها الزاهية ، والروائح الزاكية تستجرّ عنفوانها ، والمشاعر اللذيذة تستعيد عافيتها . ما يفعله الشوق بك من ذهاب العقل وغيبة الذاكرة وموات الروح ، يفعل بك الوصل أضعافه من الفرح والطرب والنشوة . لقد جُبل هذا القلب على الإلف بما يحبه والتعلق به حتى يكون بمثابة الطاقة الموصولة بألياف الكهرباء ، أو الزيت الذي يقدح النور ، والجمر الذي يستفز أعواد البخور . وإذا غاب المحبوب واستبد بك الشوق انطفأ نور الوجه وضاقت النفس وذهب الفرح حتى يعرف ذلك في حدة طبعك وانغلاق عقلك وعبوس وجهك ، فإذا التقى المحبوبان والتأم القلب عادت المياه لمجاريها وشعشع الوجه واتسع الثغر وانفرجت الأسارير . سبحان من خلق . ……………… إذا كنت...