مشاريع المطارات التي تنشئها الدول على امتداد أصقاعها وفي أطرافها تعبر عن الخطة الوطنية الاستراتيجية التي تعنى بالجوانب الاقتصادية والاجتماعية والاستثمارية التي تحققها وتهدف إليها .
حتى وإن كنا نعيش على ثرى وطن معطاء مثل هذا لا يبخل على مواطنيه بالخير العميم وإجراء المشاريع التي يكون فيها نفعهم وفائدتهم وغناهم ورضاهم ، ولكن لا تعتبر مثل هذه المشاريع الوطنية هبات ترجى فتعطى ، وليست هدايا تعبر عن وفرة المال واكتناز الذهب ، ولكن يدفعها الجدوى الاقتصادية والحاجة الاجتماعية الملحّة .
وهذا ما ينطبق تماماً على مطلب إنشاء قواعد المطار في محافظة القنفذة وتسيير الرحلات منها وإليها ، وهذا ما يجب أن ينساب في أعماق خطابات المطالبة التي تستبصر جوانب الحاجات الاقتصادية والاستثمارية التي تلحّ على مواطني القنفذة وتجنّب لغة الاستجداء الفارغ والاستعطاف الذي لا يحقق نفعاً ولا يؤتي أكلاً .
كلما زادت الحركة الثقافية المنتجة وارتفع منسوب العطاء الاجتماعي والفاعلية الفردية لأبناء القنفذة ، أصبحت المطالبة بالمطار أكثر صدقاً وأثراً ، كلما توسعت رقع المشاريع الاقتصادية والفرص الاستثمارية وانتعشت الحركة التجارية والسياحية جاء المطلب مذعناً إلى باحات القنفذة ، فضلاً عن مناحي المجتمع الطبية والتعليمية الأخرى التي تحفز الجوانب الأصيلة .
محافظة القنفذة يوم كان البحر سبيل التواصل الأممي وبوابة الاتصال بالعالم الخارجي كانت في صدر المناطق الفاعلة والنشطة في خارطة الجزيرة العربية واستطاعت عبر حراكها الاجتماعي والتجاري الناضج أن تنتج قامات وطنية عملاقة تركت أثراً واضحاً في الحركة الثقافية والاجتماعية والتجارية على مستوى البلاد ، وليس محمد سرور الصبان عن الذاكرة ببعيد . غير أنه يوم أصبح الفضاء بوابة السماء إلى الانفتاح قصرت إمكاناتها وتراجع دورها .
عندما ترسم خطط الملتقيات الثقافية والتعليمية يكف رموز البلاد وقاماتها عن الحضور إلى أرض القنفذة بحجة رهق الطريق وطول المسافة ، يوم يهمّ مريض السرطان أنيؤمّ شطر المراكز الطبية خارج المنطقة فإنه يضيف إلى ألم الجسد همّ السفر ، وعندما يريد تاجر وطني مخلص أن يوسع على الناس ويزيد في مشروعه يكلفه النقل البري مبالغ باهظة بما يكفي ليقصر عن حلمه ، ويوم تريد القنفذة أن تتزين لسوّاحها وزوّارها تتأبى عليهم الطرق وعسف السفر عن الزيارة فتعود الغادة كسيرة حسيرة تتلوى من شدة الفقد ، ويوم يريد جهازها الإداري وحكومتها المحلية أن تمد بجسر من التواصل مع مراكز القوى يشقّ عليهم الطريق إلى التنمية وتنقطع أنفاس الحماس في منتصف المشوار ، وكل هذا يمكن أن ينتهي عند لحظة الإمضاء على قرار المطار فتتعافى القنفذة من أدوائها وتعود للقيام بدورها المحوري في تنمية الوطن وإثراء البلاد .
لا ينبغي أن يبلغ بنا الإياس إلى الكف عن المطالبة بحق مشروع ، ولكن مع المطالبة بذلك علينا أن نرفع من أسهمنا الثقافية والاجتماعية والتعليمية والتجارية والسياحية ، لا يجب أن نتوقف عن العمل ونسرف في الانتظار لأنه لا يحقق كسباً ولن نحصل به على نتيجة .
الرابط :
تعليقات
إرسال تعليق