التخطي إلى المحتوى الرئيسي

في مواجهة الفراغ




كم مرة سمعت عبارات مثل " ملل " أو " طفش " وسواها من ألفاظ ودلالات الفراغ الحاد الذي يعانيه غالب المراهقين ، ولأن شبكات التواصل الجديد تجسد شيئاً من واقعنا ، فإنك ستصادف هذه العبارات بشكل شائع في حالات المستخدمين ومنشوراتهم ، سيصدمك الاستخدام المفرط لعبارات الضجر المضاعف من الفراغ الذي يثقل كاهل شبابنا . يزداد الذهول لديك عندما تزيد حالة الملل والضجر في أوقات الإجازات التي يفترض أن تكون سلسلة متصلة من المتع والانبساط والتفرغ للارتياح والتنزه وسواها من الأنشطة المتحررة من ضابط العمل أو أحمال الدراسة ، ولكن الحال يشير إلى خلاف ذلك ، إذ تصبح العطل الرسمية بالنسبة إلى شبابنا سلسلة متصلة من التململ والروتين البائس والفراغ الحاد الذي يندر أن تجد ما تملأه به . حتى الأنشطة التقليدية التي اتفق الشباب على ممارستها في أوقات فراغهم ، لم تعد تكفي ولا تحقق أدنى مستويات الإشباع ، وتسبب ذلك في حالة هروب جماعي إلى شبكات التواصل وأجهزة الاتصال الجديد على أمل أن يكون ضجيجها الواهم بديلاً لهذا الصمت النشاطي الحاد الذي يعانيه شبابنا ، ولكنها لا تتعدى أن تكون سراباً بقيعه يحسبه الشاب ماءاً يروي عطشه الشديد . هذا يؤكد اعتقادي الذي ينمو باطراد أن مسألة الفراغ الحاد ليست مجرد غياب للأنشطة ولكنه " أزمة وعي " ، هناك اختلالات في التصورات التي يمتلكها شبابنا تجاه أوقات الجد والفراغ ، حول معنى الدراسة وفكرة الإجازة ، حول الإشباع الحقيقي الذي ينتظر أن تزودك به الإجازة استعداداً لمواسم الاجتهاد والكد لتحصيل العلم والتزود من أدوات الحياة السويّة . تحميل المسؤولية لضعف محاضن احتواء الشباب وتنشيط مناسبات وفعاليات رسمية وأهلية للناس مقابل العطل والإجازات صحيح ولكنه لا يكفي لمواجهة أزمة حقيقية تعترض شباب هذا العصر ، الشباب لا يجدون متعة حقيقية في فعاليات جامدة وتقليدية ورتيبة ، فضلاً عن كونهم يعيشون بتفكير تتناوشه صور العالم الافتراضي الخيالية والمغرقة في توهمات الشوارع الباريسية والاحتفالات اللندنية الفاخرة وواقعهم لا يجود بأبسط مستويات التحضر الصناعي والمديني .





تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

«تتبع الحجارة» عنوان 100 يوم من الفن المعاصر في بينالي الدرعية

السعودية تشهد اليوم واحدة من أكبر المناسبات الفنية العالمية   السبت - 7 جمادى الأولى 1443 هـ - 11 ديسمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15719] الرياض: عمر البدوي أصبح حي جاكس جاهزاً لانطلاق الدورة الأولى من بينالي الدرعية للفن المعاصر، واستقبال المتطلعين لزيارة واحدة من أكبر المناسبات الفنّية العالمية، ابتداءً من اليوم (السبت)، حتى 11 مارس (آذار) المقبل، وهو أول بينالي دولي يتطرق لموضوعات وأشكال الفن المعاصر في السعودية، ويعرض أعمالاً لفنانين عالميين ومحليين، مع مجموعة من الورش الثقافية والتجارب الممتعة. يأتي بينالي الدرعية، كتجربة استثنائية، ومنصة إبداعية تمتد لمائة يوم، تكشف جوهر الفنون السعودية بمختلف أنماطها، وتُفسح للفنانين مساحات للحوار وإثراء تجاربهم، لتعزيز المشهد الثقافي والفني، وتمكين المواهب المحلية، واستقطاب مجموعات الفنانين الدوليين لإغناء الحدث الفني المهم. وقال راكان الطوق، المشرف على الشـــؤون الثقافية والعلاقات الدولية في وزارة الثقافــــة الســـــعودية، إن استضافة المملكة لأول بينالي للفن المعاصر، يعدّ إنجازاً استثنائياً، وإن أهميته تأتي من كونــــه نقطة التقــــــاء للعالم،...