التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الخليج وإيران.. الأسوأ لم يأت بعد

إيران وحدها غارقة في خيباتها الاقتصادية، توزع التهديدات، وتشحن طاقتها العسكرية الكاملة، على حدودها المحمومة.
الجمعة 2020/10/02

‏لم تمض أيام على كلمة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز أمام أعمال الدورة الأخيرة لانعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأدان خلالها بشدة النظام الإيراني الذي يعمل على بث “الكراهية والطائفية والتطرف” في منطقة الشرق الأوسط، ووجه اتهامات مباشرة لإيران بالوقوف وراء هجمات على منشآت نفطية سعودية، حتى أعلنت رئاسة أمن الدولة في السعودية عن إحباط مخطط إرهابي واعتقال خلية إرهابية تلقّى عناصرها تدريبات في مواقع تابعة للحرس الثوري الإيراني، وفي غضون أسبوعين من بدء محاكمة مجموعة مشابهة في البحرين تدربت في إيران على “تنفيذ تفجيرات وبث الفوضى” فيها .

وعاد مجلس الوزراء السعودي ليجدد الثلاثاء، تأكيد المملكة على ضرورة اتخاذ المجتمع الدولي موقفا حازما تجاه إيران، والتعامل الجاد حيال تجاوزاتها المرتبطة ببرنامجها النووي أو سلوكها التخريبي.

يشكل هذا الشريط القصير من نشاطات طهران التخريبية في المنطقة وردود فعل جيرانها الغاضبين، نموذجا مثاليا لسلوكها السلبي والسيء، ويؤكد ضرورة التمسك بمعاقبة النظام وتحميله مسؤولية ما يدخره للمنطقة من وعود الخراب والفوضى.

تنشد دول الخليج العربي فرصا مؤهلة للنجاح والخروج بالمنطقة من أزماتها المتلاحقة، السعودية على وشك أن تطلق فعاليات قمة العشرين بوعودها الاقتصادية الزاخرة، والإمارات والبحرين تقودان زخما دبلوماسيا من شأنه أن يغير وجه المنطقة، فيما تعالج كل من عمان والكويت وقائع التغيير في سدة الحكم وتستعدان للسفر الضروري نحو مشاريع التنمية والرفاه الاقتصادي وتثبيت دعائم الاستقرار.

إيران وحدها غارقة في خيباتها الاقتصادية، توزع التهديدات، وتشحن طاقتها العسكرية الكاملة، على حدودها المحمومة، وحسب طاقتها الانتشارية في المياه الإقليمية والممرات الدولية، وتبذل وسعها للحفاظ على أدواتها في غزة ولبنان وسوريا واليمن، في حال اضطرت إلى استخدامها في وجه التآكل الداخلي الذي تقاسيه، إنها وصفة كاملة ومرشحة للانفجار في أي وقت.

في المقابل، قطر عالقة في تناقضاتها، بعد أن اضطرت إلى نفي علمها بنية وزير خارجيتها السفر إلى تركيا للانضمام إلى اجتماع ثلاثي بنظيريه التركي والإيراني في مدينة إسطنبول، وفق ما ذكرته وكالة مهر الإيرانية، لكن سلة العقوبات التي جددت الإدارة الأميركية فرضها على النظام الإيراني، وإعادة الضوء إلى عواقب سلوكه التخريبي في المنطقة، اضطرتا الدوحة إلى التخفيف من علانية تطوير تنسيقها مع طهران في ظل هذه الظروف غير المشجعة.

هل المنطقة مقبلة على سيناريو أسوأ؟

تشدد كل من السعودية والبحرين وحكومة اليمن على ضرورة اتخاذ موقف دولي من سلوك طهران المزعزع لاستقرار المنطقة، وتوجه عدد من الدول الأوروبية سيلا من الانتقادات لأوضاع حقوق الإنسان في إيران، واستدعت بريطانيا وألمانيا وفرنسا، في خطوة مشتركة، السفراء الإيرانيين في لندن وبرلين وباريس للاحتجاج على اعتقال المواطنين والمعاملة السيئة للسجناء السياسيين، في المقابل تتهمها طهران بالتسييس والانتقائية والتقاعس عن اتخاذ موقف تجاه التصعيد الأميركي ضد إيران.

وتهدد إسرائيل بأنها “لا تستبعد توجيه ضربة استباقية إلى إيران لمنع تموضعها قرب الحدود الشمالية للبلاد”، في إشارة إلى الجنوب اللبناني، أو ربما في سوريا، خصوصا قرب مرتفعات الجولان المحتلة.

وتلوم فرنسا وكيل إيران الأصيل حزب الله بتفويت الفرصة الأخيرة لإنقاذ البلد، واتهمته مع شريكه الطائفي وبقية فرقاء السياسة اللبنانية بخيانة التعهدات.

كل المؤشرات ترفع أصابع التحذير والاتهام إلى طهران، ولا يمكن إنقاذ النظام من نتائج أفعاله، فإصراره على المواصلة في نهجه التخريبي يعمق من الثمن الذي سيتكبد دفعه ولو بعد حين، ويؤبد حالة اللااستقرار وعدم اليقين في المنطقة ويجعلها دائما عرضة للأسوأ.



الرابط :



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

تمجيد صدام حسين المجيد

كان يمكن للقصة الشهيرة التي تداولها عامة العرب عن صورة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين مطبوعة في كبد القمر أن تكون مجرد مزحة عابرة تذوب مثل قطعة ثلج أو تتبخر مثل بؤرة ماء، ولكن القصة المختلقة التي شاعت عشية تنفيذ حكم الإعدام في حقه من قبل الحكومة العراقية بعد إسقاط نظامه وتفكيك الدولة العراقية نتيجة حرب خاضها حلف دولي تقوده الولايات المتحدة، تمكنت في أذهان جيل بأكمله وتطورت إلى أشكال متجذرة لترميز الرئيس العراقي المخلوع. أصبح صدام ذا شعبية أكبر لدى قطاعات واسعة من الشباب العربي، فبإمكانك أن تلاحظ حجم الصور التي تنتشر له والأقوال المختلقة في محاولة لاستنطاقه بما يتمناه الشاب العربي من خطاب مشبع بالأنفة والاعتزاز ضد غطرسة الجانب الغربي من العالم أو الطائفة الشقيقة للغالبية السنية في الشرق الأوسط. لا تبدو سيرة صدام حسين مثيرة للإعجاب في التاريخ، فهو مجرد حاكم عربي عسكري يشبه أترابه ممن يقبض على سدة حكم الجمهوريات العربية المرتبكة في تقديم هوية سياسية ونظام حكم متماسك، يضاف إليه بطش أهوج وديكتاتورية مطبوعة بنزقه الشخصي وجنون العظمة الذي أودى بمستقبل العراق وشعبه في جملة من المغا...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...