العدد السابع من "إثرائيات"، ينبت بين يديكم مثل غصن غضّ في سهل واسع الخضرة، سقيناه بنمير الكلمات على أديم العبارات.
يأتيكم معجوناً بطينة الأفكار الخصبة والمبتكرة، مثل سفوح الطائف وهي تبتسم بثغر وردي تبحث عن دفء الأيادي وهي تقتطفها بحب.
مورقاً بالأعمال الفنية والتجارب الثرية، معشباً ببساط أخضر زاهي، مثل مزارع البن الخولاني، التي تعيد حبوبها المطحونة اعتدال المزاج .
ومزارع الأحساء والقصيم والدرعية السخية بالتمر، قوت الصحراء، وأعمدة النخيل المثمرة وهي تقاوم كثبان الرمال الصفراء وترسل إشارتها بحب الحياة وإرادة العيش.
سنتعرف من الفنانة الضيف نوال مصلي، كيف نظرت عبر علبة الألوان إلى اتجاهات السعودية الأربع، ثم أعادت إنتاج أفكارها وتأملاتها في اللوحات التي وثقت رحلة سفر إبداعي وإمتاعي في مناطق المملكة بكل تعددها وتنوعها الثري.
في ملف العدد نتحدث عن الحديقة، بوصفها الوريث العفوي لمزارع الأرياف، وحقول القرى الصغيرة، عن استئناس الطبيعة، ورئة المدن الكبيرة، المساحة الصغيرة التي تتنفس منها وتعالج احتباساتها العصرية، وتطرد عنها شحوب الكتل الخرسانية وجمودها.
يطلّ علينا الشاعر عبدالله السفياني وصاحب أهم مشاريع الأدب العربي على الشبكة العنكبوتية، بجولة في ذاكرته الشخصية وعن ما بقي منها من رحلة أيام الصبا والشباب وصورة مدينته المشرفة من أعالي جبال السروات، بينما كان ينبت الورد الطائفي بين شقوق الصخور وبنبجس من خلالها لونه الزاهي طلباً للنجاة والحياة.
وفيما يشبه رثاءاً يليق بتجربته، نقف في بروفايل على شخصية فنية مهمة، خسرها الوسط الإبداعي السعودي مؤخراً، الفنان التشكيلي سعد العبيد، وعن خطواته الأولى في طريق الرواد، وقد رسم وقسم للوطن من ريشته وعمره الكثير، ثم مضى محفوفاً بالحزن على فراقه والثناء من رفاقه.
في محطات وامتداد وجسور والتأمل الفني وبقية أبواب المجلة، باقة كاملة من الورد، قطفت من أبدع الحدائق الغناء، وضمّت إلى بعضها بحب، نضعها بين يديكم تعبق منها رائحة الامتنان والعرفان على وفائكم واهتمامكم بالاطلاع.
على الغلاف: الجنوب
الفنانة التشكيلية السعوديّة "نوال مصطفى مصلي"، إحدى رائدات الحركة التشكيليّة في المملكة، عرفت بأسلوب اللون الواحد، واختارته نهجًا في مشروعها الرائد "ربوع بلادي"، الذي يعيد تجسيد تنوع وثراء مناطق المملكة، بشكل فنيّ وإبداعيّ في لوحاته التي قسمتها إلى أربع مراحل، كل واحدة منها بلون واحد.
في هذه اللوحة التي تصور جانبًا من طبيعة جنوب المملكة، هو الجزء الأول من مرحلة اللون الأخضر ضمن مشروع ربوع بلادي الكبير، استغرق العمل على سلسلة اللون الأخضر ما يقارب ٧ سنوات من التأمل وتفحص التاريخ التراثيّ والثقافيّ والاجتماعيّ للمنطقة، وانتهت الرحلة بعدد من اللوحات التي تعكس رحلة من البحث والدراسة والتأمل.
نحاور في هذا العدد من "إثرائيات" نوال مصلي، من رائدات الفنّ التشكيليّ السعوديّات، قضت ردحًا من عمرها في دول وعواصم خارج المملكة، مع والدها الذي عمل في السلك الدبلوماسي، مكّنها ذلك من الاطلاع على ثقافات وتجارب وتضاريس متنوعة، وما إن عادت إلى المملكة حتى عوضت ذلك الغياب الطويل عن أراضيها بعمل فنيّ واسع، يوثق طبيعة الاتجاهات السعوديّة الأربعة، وتراثها، وحضارتها.
تقول مصلي: "ما يميز دراستي في بحث جغرافيّة المملكة، الوقوف على ما وهبها الله من مناطق لها تراث وبيئة متعددة، ومناخ متنوع، منها الطبيعة الصحراويّة، والتراث المعماريّ، وكثافة النخيل بها، والطبيعة الزراعيّة بوديانها ومدرجاتها الخضراء وجبالها التي تضم أقدس منطقتين إسلاميّتين: مكة المكرمة، والمدينة النبوية".
تضع نوال مصلي اللون حيث ينبغي له، لأنها تنظر إلى الألوان بصفتها إطاراً يضم بين جوانبه وفي فضائه المعنى والتاريخ والثقافة، في هذه اللوحة عن مدينة الرسول عليه السلام بمحيطها الجبلي (بين حرتين) وجمال نخيلها، تجسيد لنوع إنتاجات مصلي وهي تسافر بالألوان في أعماق المكان، يحيط اللون الأخضر بالمدينة النبوية الشريفة، ويبسط البياض امتداده في الحقل المعشب، ثم يعود الأخضر ويلمع على الهامة المشعّة بالرحمة المهداة.
الرابط:
تعليقات
إرسال تعليق