جاءت "الصحافة الالكترونيّة" تسويةً عادلة بين فعل الصحافة ـ بوصفها مهمة ضرورية في نقل الأخبار، والتعامل مع المعلومات ونقلها إلى الجمهور المستهلك ـ وبين التقنية الجديدة، التي لم يقتصر تجديدها على الوسائل وحدها، بل تركت تأثيرًا على طبيعة عمل الصحافة، وإضافة عوامل جديدة في: بنيتها، وأسلوبها، ووتيرة إنتاجها. وبذلك تكون "الصحافة الالكترونية" أعمق من مجرد تجاور لفظيّ إلى مفهوم جديد لمهنة الصحافة، وتوظيفها الذكيّ والواعي للوسائل الجديدة التي تتيحها التقنية، والبدائل الإلكترونيّة.
في هذه التدوينة سنتعرف عن قرب طبيعة الصحافة الإلكترونيّة: مفهومها، وخصائصها، وأفضل السبل لصناعتها بطريقة سويّة وسليمة.
تعرّف الصحافة الإلكترونية حسب أشهر التعريفات ـ والواردة على موسوعة ويكيبيديا ـ بأنّها: "وسيلة من الوسائل متعددة الوسائط ( multimedia غير ورقية )، تنشر فيها: الأخبار، والمقالات، وكافة الفنون الصحفيّة، عبر شبكة المعلومات الدوليّة الانترنيت، بشكل دوريّ، وبرقم متسلسل، باستخدام تقنيات عرض النصوص والرسوم المتحركة وبعض الميزات التفاعلية، وتصل إلى القارئ من خلال شاشة الحاسب الآلي أو الهواتف النقالة، سواء أكان لها أصل مطبوع أو كانت صحيفة إلكترونيّة خالصة " .
- تحوّلٌ ثوريٌّ في الشكل
من مجرد حبر على ورق من الناحية الفنيّة، إلى عدد من الوسائط المختلفة، بما يحقق إشباعًا كاملًا للخبر، وتشريب المستهلك بتفاصيله المختلفة، فالمواد المصورة والمسجلة صوتيًّا، والرسومات التوضيحيّة المتحركة، والبيانات التداوليّة، وفرص التفاعل مع الجمهور، وربما مشاركته في توسيع رقعة الخبر، وتوفير مصادر محلية تكثف من نواته الأصلية، من شأنه أن يحقق النقلة النوعيّة والثوريّة في شكل العمل الصحفيّ، وإثراء المادة الخبرية .
- تتجاوز مجرد النشر الإلكترونيّ
لا تمثل الصحافة الإلكترونية مجرد تحديث في الوسيلة الناقلة لمضمون العمل الصحفي، ولا محض جداريّة أكثر حيويّة من الصحيفة الورقيّة الرتيبّة، بل أكثر من ذلك. فإلى جانب ما فرضته من تحولات فنيّة على شكل الوسيلة الإعلاميّة والصحفيّة، فإنّها أرست تغييرات عميقة في روح الكتابة الصحفيّة.
ولئن التقنيات الحديثة تجعل من تركيز الصحافة على نشر الأخبار أمرًا غير مفيد، زاد تركيز العمل الصحفي على تحليل الأخبار، وتقديم الوجبات الموسعة التابعة للخبر الحدث، كما أن الشكل الفني الذي حتم على كبريات المؤسسات الصحفية تقليص عدد العاملين، أو ترشيد الإنفاق في كل المجالات، فإن عمليات دمج مكاتب العاملين والمحررين، بلور فكرة المطبخ العام للصحيفة، بما يجعل الخبر تكامليًّا، ويتم تناوله والتفكير فيه بعقليات وأبعاد مختلفة، خلقته حالة التجاور والتماهي بين المشتغلين عليه تحت سقف واحد.
- مرونةٌ في الوسيلة والإبقاء على الأدوات المهنيّة
بدون الأدوات التقليدية لصناعة صحافة حقيقيّة، تخسر المادة الصحافيّة أهم مرتكزاتها، إذ توافر الوسائط المتعددة لا يغني عن المبادئ الضروريّة للصياغة الخبريّة، من ناحية: دقتها، واستيعابها، وتحرّي المصادر، ورفع درجة المصداقيّة، والبعد عن الشخصنة.
خصائص الصحافة الإلكترونيّة
بمعنى: ماذا يجعل من صحافة ما إلكترونيّة وحديثة ، ومتجاوزة لتلك المطبوعة والتقليديّة؟
سعة الخيارات
بإمكان القارئ أن يكون حرًّا ومرنًا في تحديد ما يود قراءته والاطلاع عليه، لتوافر الخيارات المتاحة له، إذ تساعد المرونة في تصميم المحتوى على سعة الخيارات، وتوفير طابع شخصيّ ينسجم مع تفضيلاته اليوميّة .
التفاعليّة
يمكن تبادل الخبرات والأنشطة عبر مساحات التعليق والفضاءات التشاركيّة، بما يحول جدران الصحيفة الإلكترونيّة إلى منتدى مباشر وحيوي، كما يمكن الإفادة من آراء الجمهور في إعداد المواد الصحفيّة، أو المساهمة بالمواد المختلفة التي تعضد المادة الخبريّة وتعمّق محتواها.
سهولة الوصول
الانتشار وتجاوز الحواجز الماديّة التي كانت تمنع بلوغ الرسالة إلى الآفاق من العالم.
المباشرة والتحديث المستمر
تتمكن الصحف عبر قدرتها على الاتصال المباشر والحيّ بالجمهور، من تقديم موادها بطريقة آنيّة ومباشرة ومن موقع الحدث، ويمكن تعديل الخبر أو حذفه أو إضافة ما يمكن إضافته من مستجدات، وهذا ينطبق على النصوص الإخباريّة، والصوت، والفيديو أيضًا.
عامل التكلفة
تساعد الصحافة الإلكترونيّة في الاستغناء عن الكثير من التكاليف الجانبيّة التي كان يلزم توفيرها لإنتاج الصحافة بشكلها التقليديّ والمطبوع، ولكن ترشيق الكثير من التكاليف يوفر جزءًا كبيرًا من الأعباء الماليّة، ويعيد توزيعها بطريقة أكثر جدوى على المهام الجديدة .
الأرشيفُ الإلكترونيّ الفوريّ
كواحدة من أكثر المزايا الاستراتيجيّة للصحافة الإلكترونيّة، بتمكين القراء والباحثين من التجول بيسر وسلاسة في خدمة الأرشيف الخاص بالمؤسسة والصحيفة، وإمكانية البحث، يقدم للمستخدم سياقًا شاملًا حول الموضوع الحالي الذي يتعامل معه ويستخدمه، مما يحقق نوعًا من التكامل والثراء في عرض المعلومات.
الرابط :
http://thatar.com/BlogDetailPg.aspx?Id=lgnMafREGOI=
تعليقات
إرسال تعليق