تتواطأ المشكلات على لبنان، البلد العربي المحبوس في نفق الظلام بلا أفق للخروج، متتالية من المناسبات غير السارّة التي تخيم في سمائه وتزيد من الأعباء عليه، التغيير حتمي لتصحيح واقعه وانتشاله من وحل المشكلات والتأثير في مصيره، لا يمكن انتظار نتائج مختلفة إذا استمر التفكير بنفس العقلية والارتهان للحسابات الداخلية المأزومة، سيستنزف هذا المزيد من عمره ويعرض مستقبل الأجيال لخطر الانهيار وإفلاس الأمل بالإصلاح والتغيير.
حتى وإن ظهر هذا الوصف أقرب للتشاؤم، لكنه أدنى من الحقيقة، وهذا ما قالته الخارجية السعودية في مؤتمر (الدعم الدولي للبنان والشعب اللبناني)، وقد اختارت الصراحة في عرض المشكلة الحقيقية ووضع اليد على الجرح، وتحدث وزير الخارجية السعودي بشفافية وواقعية عن واقع لبنان وخارطة طريق الخروج من أزمته ورفع أغلال المشكلات التي أوهنته وفرضت الشقاء على أهله.
شكل الموقف السعودي إزاء فاجعة مرفأ لبنان، أبعادا مكتملة لحل مقترح قد يساعد في نقل البلد من حال راهن يكون فيه آيلا للانهيار الكامل إلى حال آخر يداعب بصيص أمل بالتغيير والنجاة، وتشكّل الموقف في ثلاث نقاط رئيسية، وهي أن استمرار الهيمنة المدمرة لتنظيم حزب الله الإرهابي يثير القلق ويجب أن يتوقف، وأن الشعب اللبناني له الحق في العيش في بلاده بأمان واحترام، وأخيرا أن لبنان بحاجة ماسة إلى إصلاح سياسي واقتصادي شامل وعاجل، والتشديد على ضرورة إجراء الإصلاحات “الصارمة” المطلوبة من جانب المجتمع الدولي في لبنان.
من جهتها قالت وزيرة الدولة الإماراتية للتعاون الدولي ريم الهاشمي في المؤتمر نفسه، “إنه ولتجاوز المحنة الحالية يجب أن يكون المطار والمرفأ في لبنان تحت رقابة السلطة اللبنانية، ويجب تنفيذ القرار الدولي 1701، الذي يدعو إلى نزع سلاح كل المجموعات المسلحة في لبنان”.
كما تمنى وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش، في حديث تلفزيوني للبنان، أن يستعيد عافيته، ويعود إلى بوصلته والنأي عن الاستقطابات التي تفخخ المنطقة، ويتوقف عن حرق الجسور مع محيطه العربي خدمة لأجندة دول إقليمية لا تتمنى له الخير، وقال قرقاش إن أصواتنا بحّت لكثرة ما نبهنا الساسة اللبنانيين للتوقف عن إقحام البلد في مشاريع العداء ضد العواصم العربية.
استنكرت بعض الأوساط التي تريد للبنان أن يبتلع مأساته، وتستمر هي في الانفراد باختطاف البلد، موقف بعض دول الخليج ورأت فيه استثمارا سلبيا لأوجاع الناس، لكن الحقيقة أن ضيق اللبنانيين بواقعهم، وسلسلة الأحداث المؤلمة التي لا تكف تنهال عليهم، يشكلان أفضل بيئة لتشجيع اتخاذ القرارات المصيرية والجادة لتبنى مشاريع التغيير والتحول، وقد حان الوقت بالنسبة إلى لبنان.
لم يسلم الموقف الخليجي شبه الموحد تجاه الواقع اللبناني، من نتوء السلوك القطري وهو يحاول التغطية على التأثير السلبي لسيطرة حزب الله على الأوضاع في البلد المتوسطي، والتخفيف من حدة الأضواء المسلطة على هذا الدور بإثارة الكثير من الغبار والأخبار التي تشتت الانتباه وتثير الارتياب.
وللدوحة تاريخ من الأدوار الإنقاذية التي تنتشل بها الحزب التابع لإيران من دوائر التهمة والانكشاف، والمساعدة في تمكينه من الهيمنة على الدولة اللبنانية بعد رعايتها اتفاق الدوحة، وتمويل الميليشيا في عدة مناسبات، آخرها القضية التي كشفت عنها فوكس نيوز وانتظام حملة قمع فورية من سياسيين أوروبيين ضد قطر بعد ثبوت تورطها في تمويل وتسليح حزب الله ما يعرض لبنان والنظام العالمي للخطر.
تعليقات
إرسال تعليق