دور كل من السعودية والإمارات تصاعد في كثير من ملفات المنطقة، واكتسب كل من البلدين ثقة المجتمع الدولي في تسيير شؤون المنطقة.
الخميس 2019/11/28
تعد زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى دولة الإمارات العربية المتحدة استمرارا طبيعيا لعلاقة ملفتة تجمع البلدين تزيدها الأيام والمواقف عراقة وصلابة، رغم كل التحديات الشاقة والمسؤوليات الكبيرة التي تقع على كاهلهما وتعصف بالمنطقة، والضخ الهائل من الشائعات المغرضة والغبار المفتعل لإفساد العلاقة وتعكير صفوها.
في الإمارات التي تستعد للزيارة بتقدير وترحاب كبير تمنحه لكل القادمين إليها، تزينت الأبراج الشامخة بالعلم السعودي وعبارات الترحيب، وصور وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي.
فيما أطلق المجتمع الإماراتي هاشتاغ #مرحبا_محمد_بن_سلمان_بدارك احتفاء بزيارة هي الثانية له خلال نحو عام تتناول العلاقات وأبرز المستجدات الإقليمية، وتدعم الدور المشترك للجانبين في الحفاظ على أمن المنطقة وصون مكتسباتها، ورعاية مصالحها والدفاع عنها.
ستتعاطى الزيارة مع الكثير من الملفات، منها الجانب الاقتصادي بعد أن بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين أكثر من 72 مليار ريال. ويلعب مجلس التنسيق السعودي الإماراتي دورا هائلا في توسيع فرص التعاون وتنمية مساحات العمل المشترك، وخلق مناخ حقيقي وداعم بالتئام 16 وزيرا من البلدين بشكل دوري لتعزيز منظومة التكامل، وتتابع اللجنة التنفيذية المندرجة تحته سير أعماله وتطبيق توصياته وإزالة كل المعوقات التي تعترضه.
تأتي الزيارة على مسافة زمنية قصيرة من موعد القمة 39 لقادة دول مجلس التعاون الخليجي التي تنعقد في الرياض للعام الثاني على التوالي. وستعلن السعودية عن موعدها خلال أيام، بعد أن كان من المقرر عقد القمة في أبوظبي، ويبدو أن هذه الخطوة ستعيد الحياة إلى كيان المجلس الذي تأثر خلال الفترة الماضية، وسيعيد تأهيل أدواره وإنعاش قدراته على الفاعلية والتأثير، رغم أن الواقع يشهد بالكثير من التحديات والمعوقات.
ويشهد الملف اليمني الكثير من المستجدات بعد اتفاق الرياض الذي عكس أعلى درجات التفاهم والتعاون بين الرياض وأبوظبي، بضمان خروج طرفين يمنيّين من مأزق الصدام إلى سعة الوئام وتجنيب البلد الدخول في نفق جديد مظلم من التشرذم والفوضى.
لا ينفصل هذا عن المشروع الأكبر لحماية منطقة الخليج العربي من كل التحديات والمخاطر المحدقة، وعلى رأسها إيران التي تعاني واحدة من أكثر فتراتها انحسارا وحصارا اقتصاديا قاسيا خلق اضطرابات داخلية ودفعها بتهور لاقتراف حماقات عديدة عززت من صورتها السلبية لدى المجتمع الدولي وحتمت على دول الخليج العربي اتخاذ كل التدابير اللازمة لحماية أمنها وصون مكاسبها الاقتصادية والتنموية من دولة مارقة ومتخلفة.
وفي هذا السياق، ستكون أبوظبي مقرا لقيادة تحالف أوروبي بحري لمراقبة التحركات في مياه الخليج بالتنسيق مع التحالف الدولي، انضمت إليه بالتتابع البحرين والسعودية والإمارات. كما أن ملفات كل المنطقة العربية ستكون جزءا من نقاش زعيمي البلدين، في ظل الحضور المتزايد لهذا الحلف المشترك في العديد من القضايا المفتوحة في ظل تحملهما أعباء الغياب العربي الحاد ومباشرتهما لمسؤوليات عديدة حتمتها الواجبات القومية والإنسانية.
وستكون أحداث راهنة مثل العراق ولبنان وليبيا على طاولة النقاش على ضوء فعالية الدور المشترك لهما في السودان والذي أنقذ البلد من قلاقل الفوضى وساهم في تجنيبه المصائر المظلمة وأخذ طريقه السويّ والمعتدل لتأهيل نفسه من جديد وبناء قدراته المبددة.
تدشن زيارة الدولة التي يقوم بها الأمير محمد بن سلمان مرحلة جديدة في خط العلاقة الاستثنائية التي جمعت الودّ والمصلحة والنفع المتبادل وتعمّق النتائج الإيجابية لهذا الحلف الثنائي من جدواه وفعاليته واستمراره في بناء تعاضد متين وتشكل مواقف مشتركة إزاء الملفات المختلفة. وقد تصاعد دور كل من السعودية والإمارات في كثير من ملفات المنطقة، واكتسب كل من البلدين ثقة المجتمع الدولي في تسيير شؤون المنطقة والإيعاز إليهما بالملفات المثقلة لهذه البقعة الجغرافية المهمة، كما أن وجهة النظر التي يطرحانها في فهم المعادلات المعقدة والحلول المقترحة غالبا ما تتحول إلى سياسة عمل تدعمها القوى الكبرى وتتبناها مؤسسات العمل الدولي، الأمر الذي ينعكس مباشرة على تعزيز هذه العلاقات أكثر فأكثر.
الرابط :
تعليقات
إرسال تعليق