التخطي إلى المحتوى الرئيسي

منتدى الدوحة: من منبر الفوضى الخلّاقة إلى الأممية الإسلاموية

قطر تحاول عبر منتدى الدوحة ترميم سمعتها والتقاط أنفاس زبائنها لتتمكن من لعب دورها الوظيفي الذي لا يعود بالخير عليها وعلى المنطقة ككل.

الاثنين 2019/12/16
توفر قطر عبر منتدى الدوحة فرصة جديدة للمتربّصين بالمنطقة من خلال إعادة دورة جديدة من الشراكة المشبوهة لاختراقها وبسط نفوذهم فيها، من إيران المرهقة بتأثير العقوبات القاسية، إلى تركيا بكل ورطاتها المتناثرة في الجسد العربي، وصولا إلى جماعة الإخوان، بما يجعل من هذه اللقاء يؤسس لمرحلة جديدة من استقطاب رياح الفوضى للمنطقة.
مجدداً تبحث الدوحة عن فرصة لتأهيل دورها في المنطقة وفي حسابات الفاعلين الدوليين، بعد كمية الخسارات التي تسببت بها لنفسها ولمحيطها العربي، وخراب مشروعها الذي روجت له وبذلت في سبيله الأموال والرجال.
مرة أخرى، وعبر منتدى الدوحة، تحاول إنعاش دورها وترميم سمعتها والتقاط أنفاس زبائنها، بارتكاب محاولة جديدة تسلم المنطقة إلى العواصم الأجنبية التي سدت في وجهها الأبواب، وأبت المجتمعات والحكومات العربية الانضواء تحت راياتها، وقد اهترأت من رياح الرفض وانتكست أمام موجة الامتناع والتأبّي.
منتدى الدوحة الذي عقدت أشغاله مؤخرا في العاصمة القطرية، يؤسس لمرحلة جديدة من استقطاب الرياح الأجنبية لتوافق إعادة الانتشار التي تقوم بها قوى الفوضى في المنطقة، تحضيراً لمرحلة جديدة من تفكيك المنظومة العربية وإحلال مشروع تفتّقت ملامحه منذ عقدين تقريباً.
ويعقد المنتدى على مسافة أيام من قيام القمة الإسلامية المزعومة في العاصمة الماليزية كوالالمبور، ولعل اختيار رئيس وزراء ماليزيا مهاتير محمد شخصية العام في منتدى الدوحة إيذان بانطلاق شراكة الاستهداف التي تتبناها المنظومة الخاسرة في رهان ما يسمى الربيع العربي.
مهاتير الذي رفض ما تواجهه إيران من نتائج سلوكها التخريبي والشائن في المنطقة، والفتك الذي أوقعته بالسوريين، والرفض الذي تواجهه في صنعاء وبيروت وبغداد، عاد عن تقاعده لإحياء أمل الإسلامويين في بسط نفوذهم وفرش مظلتهم في فضاء المنطقة.
ولعلها التقنية نفسها، تلك التي تعتمد على تلميع شخصيات معينة، لتمثل رمزية المرحلة، وقائدة ركب المأخوذين بوهج الزعامات، لاسيما وأن شمس الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أخذت في الغروب، ونجمه باتجاه الأفول الحتمي وقد استنزفته الوعود المهدرة وحجبته الحقائق القاسية.
في منتدى الدوحة الأخير، بحث فايز السراج مع وزيري الدفاع والخارجية التركيين مذكّرتي التفاهم التركية الليبية، وإعطاء صفة الشرعية على التدخلات التركية في أرض عربية جديدة، بعد سوريا التي لاقى فيها العدوان التركي كل الرفض والشجب من الإجماع العربي.
وكذلك فعل من يوصف بمستشار الأمن القومي العراقي فالح الفياض، ولقاؤه بوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، على هامش المنتدى في أحد فنادق الدوحة، وبحث معه القضايا ذات الاهتمام المشترك بين طهران وبغداد كما زعم في الخبر.
وعلى هذا المنوال كان تاريخ هذا المنتدى، محلاً للقاء الأجندة المسمومة، وورشة مفتوحة لتصميم السياسات المشتتة للمجهود العربي، واختراق أركان تماسكه واستقراره، منذ كان تأسيساً لحالة من الشراكة الوظيفية بين اليسار الأميركي وما يسمّى الإسلام المعتدل الذي يضمن لواشنطن مصالحها ويحقق للمنطقة استقرارها والانفكاك من الاحتباس الذي يطبق عليها.
قدم المنتدى تسويقاً دولياً لجماعات الإسلاميين بوصفها بديلاً مناسباً ومواتياً لفرض الديمقراطية في المنطقة الذي تبنته الإدارة الأميركية.
وقد موّلت القوى الشريكة والمستفيدة من وجبات الثورات كل الفعاليات المؤدية إلى مرحلة الربيع العربي. وفتحت الشاشات والمنظمات المشبوهة والصفقات المبرمة واللقاءات الدورية والورش التدريبية، شهية المجتمع العربي المحتبس في نفق مسدود للانقلاب على الأوضاع.
ولكن النتائج كانت مخيبة، والإسلاميون لم يطل بهم المقام في موقع التأثير، والهوى الأميركي تغير إلى مرحلة من الانسحاب البطيء من المنطقة، والكثير من بقع الربيع تحولت إلى بؤر متأزمة ومحتقنة، وتحملت الدوحة عبء الأحلام المكسورة وهياكل الحكم المهجورة، وخسرت الكثير من سمعتها وما ادّخرته لساعة التمكين.
يودّ المتربصون بالمنطقة اليوم، أن يجتمع شتات أمرهم عبر الدوحة، وإعادة دورة جديدة من الشراكة المشبوهة لاختراق المنطقة وبسط نفوذهم فيها، من إيران المرهقة بتأثير العقوبات القاسية، إلى تركيا بكل ورطاتها المتناثرة في الجسد العربي، وجماعة الإخوان التي تكابد إعياء جولة خاسرة من أحلام التمكين المبددة، فيما تستمر الدوحة مجدداً في لعب دورها الوظيفي الذي لا يعود بالخير عليها وعلى المنطقة ككل.


الرابط :



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

«تتبع الحجارة» عنوان 100 يوم من الفن المعاصر في بينالي الدرعية

السعودية تشهد اليوم واحدة من أكبر المناسبات الفنية العالمية   السبت - 7 جمادى الأولى 1443 هـ - 11 ديسمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15719] الرياض: عمر البدوي أصبح حي جاكس جاهزاً لانطلاق الدورة الأولى من بينالي الدرعية للفن المعاصر، واستقبال المتطلعين لزيارة واحدة من أكبر المناسبات الفنّية العالمية، ابتداءً من اليوم (السبت)، حتى 11 مارس (آذار) المقبل، وهو أول بينالي دولي يتطرق لموضوعات وأشكال الفن المعاصر في السعودية، ويعرض أعمالاً لفنانين عالميين ومحليين، مع مجموعة من الورش الثقافية والتجارب الممتعة. يأتي بينالي الدرعية، كتجربة استثنائية، ومنصة إبداعية تمتد لمائة يوم، تكشف جوهر الفنون السعودية بمختلف أنماطها، وتُفسح للفنانين مساحات للحوار وإثراء تجاربهم، لتعزيز المشهد الثقافي والفني، وتمكين المواهب المحلية، واستقطاب مجموعات الفنانين الدوليين لإغناء الحدث الفني المهم. وقال راكان الطوق، المشرف على الشـــؤون الثقافية والعلاقات الدولية في وزارة الثقافــــة الســـــعودية، إن استضافة المملكة لأول بينالي للفن المعاصر، يعدّ إنجازاً استثنائياً، وإن أهميته تأتي من كونــــه نقطة التقــــــاء للعالم،...