أكثر ما تعقد عليه السياسة السعودية نهجها هو صون كل البلاد العربية من الانزلاق في العنف بوصف ذلك انفجارا يقذف بحممه إلى كامل المحيط العربي والإقليمي.
الثلاثاء 2019/08/20
فيما كانت الأطراف السودانية تشارك في مراسم التوقيع الرسمي على الاتفاق الانتقالي، بحضور وفود دولية في الخرطوم، كانت الشوارع السعودية تتزيّن بعلم السودان والأضواء تشعّ بألوانه على أبراج العاصمة الرياض. صباح اليوم التالي تفاجأ المواطنون والمقيمون على الأراضي السعودية بتغيير اسم شبكة الاتصالات السعودية إلى “المملكة تقف مع السودان” في لفتة تضامنية مع الشعب السوداني وفرح بالنتيجة التي توصل إليها والتوقيع على الاتفاق الذي من شأنه أن يؤدي إلى حكم مدني في البلاد.
يعبّر هذا عن صميم الأمنيات الشعبية والرسمية التي تكنها السعودية لكل بلاد العالم والمنطقة العربية، والسودان الشقيق على وجه الخصوص، بفضل العلاقة الأثيرة التي تجمع بين البلدين. وهو النهج الذي عرفته الرياض دائما بمباركة ما تُجمع عليه الأطراف الداخلية دون تبني رأي وتوجه طرف ما، أو شق عصا اللحمة الداخلية بتدخل سافر لا تجد السعودية حماسة أو جدوى من فعله.
كانت السعودية في كل المحطات التي عصفت بالسودان، تشرف من بعيد على حالة تشكله الداخلية، وتمدّ يد العون عندما تشتد به الفاقة، وترسل له الأمنيات المغسولة بالنوايا الصادقة أن يسلم من زيغ أو انحراف نحو هاوية الفوضى أو حافة الانفلات. وهذا أكثر ما تعقد عليه السياسة السعودية نهجها وسعيها، بصون كل البلاد العربية من الانزلاق في العنف والانحدار إلى التفتيت، بوصف ذلك انفجارا لا ينتهي عند خارطة بلاد ما، بل يقذف بحممه إلى محيطه العربي والإقليمي، ويضيف إلى متاعب المنطقة المزيد من خرائط الخراب والدمار.
هناك من يصف دور السعودية بالسلبي، لحاجة في نفسه، يسرد رواية مؤثثة بالتلفيقات والتضليل في إطار خصومته التقليدية، وكون وجود دور سعودي مدعوم عربياً يحجم من نفوذ جماعته التي تريد ذهاب السودان إلى ذات المأزق الذي تورطت فيه خلال الثلاثين سنة الماضية.
تكثّف قطر وجماعة الإخوان من جهودها لتشويه الدور السعودي، وحشره في زاوية المحاور بكل ما تلمح إليه من المعاني السلبية التي يراد لها أن تكسو دور السعودية وتلطخ جهودها السلمية.
لكن الرياض في الواقع، لا تزيد على دعم ما يرتضيه الشعب لنفسه، وتقوم بعملية التسهيل وحشد الدعم الإيجابي. دور ربما يكون هامشيا، عن قصد، ولكنه شديد الفعالية. دور لا يلفت الأنظار للنأي به عن الحمولات غير النزيهة، لكنه حاسم لتعزيز استقرار الدولة وصيانة أمن المجتمع.
وقد أعرب المبعوث الأفريقي محمد الحسن ولد لبات عن تقديره لدور السعودية في تسهيل التوصل إلى اتفاق في السودان، متمنيا أن تواصل مساعي حشد الدعم للسودان، بينما شدد ممثل المجلس العسكري على أن أي تهديد لأمن السعودية هو تهديد لأمن السودان.
وأمام هذه الحملة التضليلية التي تبثها قطر وآلتها الإعلامية، ربما زادت السعودية من الجهر بسياسة دعمها لاستقرار السودان وخيارات شعبه وما توافقت عليه الأطراف فيه، لتؤكد أنها فعلا تريد ذلك وتتبناه دون أجندة خفية أو خلفية، غير آبهة بتعليقات بعض المأخوذين بروايات مضللة تصدر من جهات غير محايدة وتحمل ضغينة تجاه الرياض وقيادتها وتوجهاتها.
وقد شارك في مراسم الاحتفال وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير، وبث على حسابه الشخصي في تويتر أثناء جلوسه في القاعة، أمنياته للسودان وشعبه لبناء “دولة متمكنة أمنيا واقتصاديا تسهم في تحقيق تطلعات الشعب السوداني الشقيق”، وأن “المملكة كانت وما زالت مع كل ما يضمن للسودان أمنه واستقراره ومساهمتها الفاعلة في التوصل لاتفاق الشراكة الموقعة بين الأطراف السودانية ودعمها للجهود التي قادتها دولة إثيوبيا الفيدرالية والاتحاد الأفريقي امتدادا لهذا النهج”.
الرابط :
تعليقات
إرسال تعليق