التخطي إلى المحتوى الرئيسي

إيران ليست مشكلة سعودية

الكثير من الملفات العالقة في المنطقة متوقف على تغيير سلوك إيران، مما يجعل مواجهتها ضرورة وليس ترفا، للحد من تماديها في شق الصفوف العربية حتى داخل الوطن الواحد.

الاثنين 2019/07/29


ثمة طرح إعلامي يريد حرف الحقائق وتشويه الواقع بحصر المشكلة المتصاعدة اليوم في الخليج، في محض خلاف بين السعودية وإيران، وأن الرياض تحشد القوى الدولية والإقليمية لمنافسة ومزاحمة خصمها اللدود في الطرف المقابل من مياه الخليج العربي.
عامدا أو متعاميا يشحذ الإعلام المتماسّ مع قطر وتركيا وإيران والإخوان طاقته لتحريف الواقع، والتخفيف من وطأة ما تقاسيه طهران اليوم من نتائج سلوكها وتمددها غير المحسوب في بعض بلدان المنطقة التي فتكت بها ميليشيات إيران واخترقت وداعتها وسلم أهلها.
لكن الحقيقة أن إيران بسلوكها وإستراتيجيتها ونتائج خياراتها ليست مشكلة سعودية ولا إماراتية ولا خليجية فقط، بل هي مشكلة إقليمية ودولية، فالجهد الذي تبذله طهران للفتّ في استقرار المنطقة، وعلاقاتها مع كل بؤر التشدد والإرهاب في العالم، أمر يهدد سلامه واستقراره ويسير به تجاه حافة الهاوية والفوضى التي تستمرئها إيران.
بازدواجية مزعجة، تصوغ الدعاية المعادية للسعودية ورفاق طريقها، قصة المشهد الراهن على نحو يجعل من الرياض معتدية على إيران، طامعة في الحرب، غير آبهين بالجراح المفتوحة التي نالت الشعوب العربية جراء سلوك إيران وميليشياتها التي تفتك باستقرار سوريا وتفتّ في نسيج العراق وتغذّي تشرذم اليمنيين وتسلب استقلال لبنان وتؤذي جاراتها العربية في كل مناسبة ومكان.
وهي تفعل ذلك وتجاهر على لسان كبار قيادات الحرس الثوري الإيراني، بنفوذهم على قائمة من العواصم العربية، ونواياهم غير المكتومة لزيادة هذه القائمة بدسّ المزيد من فرص الفوضى والعبث باستقرار دول المنطقة المختلة والآيلة للاختراق.
لا أحد يودّ لطبول الحرب التي تدوّي الآن في المنطقة أن تنتهي إلى حالة اشتباك مدمرة لن يسلم منها طرف، ولا أحد في المنطقة ينافس الرياض في نيتها ورغبتها للسلام والاستقرار، وهي التي مدت يدها للسلام في الكثير من المناسبات والفرص الضيقة، ووجدت من طهران وجها ضاحكا ويدا طاعنة، حتى استقرّ لديها أن المواجهة الصريحة هي الحل لوقف نزيف المنطقة وانهيارها أمام جحافل التغوّل الإيراني. وسيحدث هذا بالتنسيق رفيع المستوى مع المجتمع الدولي الذي أعطى طهران فرصة للسلام، ثم قوّضته الإدارة الأميركية الجديدة وقد تبيّن لها أن الصفقة الأوبامية لم تكن إلا بردا وسلاما على سلوك إيران وضوءا أخضر للدأب في نهجها المؤذي للمنطقة والعالم.
الكثير من الملفات العالقة في المنطقة متوقف على تغيير سلوك إيران، مما يجعل مواجهتها ضرورة وليس ترفا، للحد من تماديها في شق الصفوف العربية حتى داخل الوطن الواحد، بما يؤثث لشقوق ينفذ منها المستثمرون في أوجاع العرب، ويبسطون مشاريعهم الانتهازية، على نحو ما يحدث من تعطيل الحياة السياسية في لبنان والعراق، وشلّ أي تقدم في الشأن الفلسطيني بزيادة الفرقة وتفتيت اللحمة ومشاريع الوفاق.
ورغم هذا، بقيت ثلة من الأصوات التي خلعت عنها ثياب الموضوعية والإنصاف، واستجابت لمتبنياتها الأيديولوجية من بقايا القومية الرثّة وخطاب المقاومة المستهلك ضد إسرائيل، بما يتوافق والسردية التي تتبناها إيران وحوضها المزيف للمقاومة، ودعواهم بأن الطريق إلى القدس يبدأ من دمشق أو صنعاء أو بغداد وهلمّ من حواضر العرب وعواصمهم المنتهبة من المشاريع الإقليمية وطابورهم الخامس في أحشاء المنطقة.

الرابط :

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

«تتبع الحجارة» عنوان 100 يوم من الفن المعاصر في بينالي الدرعية

السعودية تشهد اليوم واحدة من أكبر المناسبات الفنية العالمية   السبت - 7 جمادى الأولى 1443 هـ - 11 ديسمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15719] الرياض: عمر البدوي أصبح حي جاكس جاهزاً لانطلاق الدورة الأولى من بينالي الدرعية للفن المعاصر، واستقبال المتطلعين لزيارة واحدة من أكبر المناسبات الفنّية العالمية، ابتداءً من اليوم (السبت)، حتى 11 مارس (آذار) المقبل، وهو أول بينالي دولي يتطرق لموضوعات وأشكال الفن المعاصر في السعودية، ويعرض أعمالاً لفنانين عالميين ومحليين، مع مجموعة من الورش الثقافية والتجارب الممتعة. يأتي بينالي الدرعية، كتجربة استثنائية، ومنصة إبداعية تمتد لمائة يوم، تكشف جوهر الفنون السعودية بمختلف أنماطها، وتُفسح للفنانين مساحات للحوار وإثراء تجاربهم، لتعزيز المشهد الثقافي والفني، وتمكين المواهب المحلية، واستقطاب مجموعات الفنانين الدوليين لإغناء الحدث الفني المهم. وقال راكان الطوق، المشرف على الشـــؤون الثقافية والعلاقات الدولية في وزارة الثقافــــة الســـــعودية، إن استضافة المملكة لأول بينالي للفن المعاصر، يعدّ إنجازاً استثنائياً، وإن أهميته تأتي من كونــــه نقطة التقــــــاء للعالم،...