التخطي إلى المحتوى الرئيسي

بنادق إخوانية وخنادق خليجية

تسليم الكويت لمطلوبين من جماعة الإخوان المسلمين إلى مصر كان بمثابة رفع الغطاء عن الجزء المسكوت عنه في سعي الجماعة للتمكين والاستحواذ.

الأربعاء 2019/07/31


وكأن المنطقة، والخليج على وجه الخصوص كان ينام على بارود خامد تحت الرماد، ينتظر لحظة ما لينفجر في وجه أهل المنطقة، وفي وجه شعوبها وحكوماتها واستقرارها، حيث كانت الخطوة الكويتية لتسليم مطلوبين تابعين لجماعة الإخوان المسلمين إلى مصر بمثابة رفع الغطاء عن الجزء المسكوت عنه في سعي الجماعة ورعاتها للتمكين والاستحواذ.
مشاريع النفاذ إلى البنى الاجتماعية والسياسية والمؤسساتية التي شرعت فيها الجماعة منذ مدة طويلة، وبذلت لها الوقت والجهد والطاقة والوسع، أخذت تتقلص اليوم وتواجه واحدة من أشد مراحل المفاصلة التاريخية في عمر الجماعة، سيما في المناطق التي كانت يوماً ما برداً وسلاماً عليها ، وحواضن مدّخرة للأيام السوداء الكالحة التي توطنت الجماعة على مقاومتها، بعون هذه البنوك الإستراتيجية الوافرة. لكن المواجهة اليوم أشد وأقسى، والترسانة تتهاوى، والحرب توشك أن تبلغ معركتها الأخيرة وأشواط النهايات تلوح في ثنايا الأحداث المتلاحقة .
لقد استثمرت الجماعة طويلاً في التربة الخليجية، وادّخرتها للمناسبات المختلفة التي يمكن أن تعترض طريقها للتمكين، بقيت البؤر الإخوانية في الخليج مصدر تمويل ودعم لوجستي، ومنصات دعاية ذات مصداقية عالية، فضلاً عن أدوار تحريشية كانت تقوم بها في وجه عواصم الخليج المركزية، لأن مرحلة الصدام معها كانت حتمية بالنظر إلى أهدافها بعيدة المدى.
استثمرت الجماعة في مؤسسات المجتمع المدني، في الجمعيات والأحزاب والدوائر الحكومية، سيما في وزارات مثل التعليم والإعلام والأوقاف وشبكة واسعة من نجوم المنابر والخطب الرنانة، ساعدتها الأرضية الاجتماعية المحافظة التي يغلب عليها التدين والحماسة الفطرية لكل ما يتصل بالدين ولو على وجه الشكلانية الظاهرة. وقد تبين أن معظم أفراد الخلية التي اعتقلتها السلطات الكويتية، يعملون في جمعيات خيرية في الكويت وأنهم على ارتباط بكل من تركيا وقطر.
مشاريع النفاذ إلى البنى الاجتماعية والسياسية والمؤسساتية التي شرعت فيها الجماعة منذ مدة طويلة ، وبذلت لها الوقت والجهد والطاقة والوسع ، أخذت تتقلص اليوم وتواجه واحدة من أشد مراحل المفاصلة التاريخية
امتازت خلايا الجماعة في الخليج بسياسة الشعرة الرقيقة، فعلى سبيل المثال اتخذت مواقف حادة تجاه حكومة الكويت عام 2011، وانتهكت مدعومة بقوى خارجية خطوطاً حمراء بعد أن لاحت لها فرصة للانقضاض، وسرعان ما بدّلت جلدها وخفضت من حدة خطابها تجاه الكويت بقيادته وشعبه عندما اضطرت لذلك نتيجة المقاطعة التي ضربتها السعودية والإمارات والبحرين. لكنها عادت اليوم ولوحت بخطاب مؤذٍ تجاه الكويت نتيجة هذه الواقعة ، بعضه اتسم بالتشكيك من داخل البلد، وأخرى بلغت حد الوصف بالغدر من المنابر التقليدية للشتائم الإخوانية في تركيا.
بنت الجماعة في التراب الخليجي، خطاباً مخاتلاً وأبرمت عقده بهدوء لا يخلو من مخالب عند الحاجة، تتملق عندما يشتد الضغط وتساورها القبضة الأمنية ، وتحد ألسنة رموزها وتشحذ سكاكين خصومتها عندما ترتخي القبضة وتغريها ظروف المنطقة.
لطالما اعتبرت الجماعة، منطقة الخليج حديقة خلفية لمشاريعها الكبرى في الإقليم، حفرت عميقاً لتثبيت جذورها، ونقل مركز العمليات إليها بعد أن ضاق بهم المقام في مصر، وتذبذبت سعة صدر تركيا إزاء التحديات الاقتصادية والدولية التي تقاسيها في إطار حسابات محلية بحتة قد تنحو بأنقرة خارج حسابات الإخوان.
كانت قطع الإخوان في دول الخليج تتبنى منهج المواجهة المستترة مع خصمها التقليدي، أي الحكومة، تختبئ وتناور، وتختلف استجابتها للأحداث والظروف حسب ما صممت جيداً لامتصاص الغضبة ، واستثمار الفورة .
لاشك أن الضربة الأمنية الاستباقية كانت قاسية، على اعتبار أن الطعم لم يبلع هذه المرة ، والرقص على الحبال أوقعهم في شرّ مكائدهم، وأكثر من ذلك، إذ يبدو أن المستقبل القريب حافل بالمفاجآت غير السارّة بما يزيد من تضييق الخناق وضبط الخلايا ويقلص من فعالية أحلام التمكين الوردية للإخوان في الخليج.


الرابط :

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

«تتبع الحجارة» عنوان 100 يوم من الفن المعاصر في بينالي الدرعية

السعودية تشهد اليوم واحدة من أكبر المناسبات الفنية العالمية   السبت - 7 جمادى الأولى 1443 هـ - 11 ديسمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15719] الرياض: عمر البدوي أصبح حي جاكس جاهزاً لانطلاق الدورة الأولى من بينالي الدرعية للفن المعاصر، واستقبال المتطلعين لزيارة واحدة من أكبر المناسبات الفنّية العالمية، ابتداءً من اليوم (السبت)، حتى 11 مارس (آذار) المقبل، وهو أول بينالي دولي يتطرق لموضوعات وأشكال الفن المعاصر في السعودية، ويعرض أعمالاً لفنانين عالميين ومحليين، مع مجموعة من الورش الثقافية والتجارب الممتعة. يأتي بينالي الدرعية، كتجربة استثنائية، ومنصة إبداعية تمتد لمائة يوم، تكشف جوهر الفنون السعودية بمختلف أنماطها، وتُفسح للفنانين مساحات للحوار وإثراء تجاربهم، لتعزيز المشهد الثقافي والفني، وتمكين المواهب المحلية، واستقطاب مجموعات الفنانين الدوليين لإغناء الحدث الفني المهم. وقال راكان الطوق، المشرف على الشـــؤون الثقافية والعلاقات الدولية في وزارة الثقافــــة الســـــعودية، إن استضافة المملكة لأول بينالي للفن المعاصر، يعدّ إنجازاً استثنائياً، وإن أهميته تأتي من كونــــه نقطة التقــــــاء للعالم،...

ماذا يخطر في بالك ( 5 ) ؟

هنا أنقل بعضاً من منشوراتي على صفحتي في ( الفيس بوك ) . راجياً لكم النفع والفائدة  . ضعف التقدير يقود إلى سوء التقرير . .................. كلما كان واقعك ثرياً وغنياً ، بارت بضاعة خيالك الواهم . …………… إذا أحببت شيئاً ثم التقيت به بعد غياب فكأن الروح ردت إليك بعد غيبة الموت ، أو العقل عاد بعد جنون ، أو الذاكرة استفاقت بعد غيبة . كل الأشياء الرمادية تسترجع ألوانها الزاهية ، والروائح الزاكية تستجرّ عنفوانها ، والمشاعر اللذيذة تستعيد عافيتها . ما يفعله الشوق بك من ذهاب العقل وغيبة الذاكرة وموات الروح ، يفعل بك الوصل أضعافه من الفرح والطرب والنشوة . لقد جُبل هذا القلب على الإلف بما يحبه والتعلق به حتى يكون بمثابة الطاقة الموصولة بألياف الكهرباء ، أو الزيت الذي يقدح النور ، والجمر الذي يستفز أعواد البخور . وإذا غاب المحبوب واستبد بك الشوق انطفأ نور الوجه وضاقت النفس وذهب الفرح حتى يعرف ذلك في حدة طبعك وانغلاق عقلك وعبوس وجهك ، فإذا التقى المحبوبان والتأم القلب عادت المياه لمجاريها وشعشع الوجه واتسع الثغر وانفرجت الأسارير . سبحان من خلق . ……………… إذا كنت...