أصبحت مفردة "على حد سواء" مبدأ معمولا به في الكثير من القرارات القاضية بمنح المرأة نفس حق الرجل في نيل الفرص على أساس الكفاءة.
الجمعة 2019/08/23
بدأت مصلحة الجوازات في السعودية، مطلع هذا الأسبوع، استقبال طلبات النساء اللاتي يبلغن من العمر 21 عاما فأكثر لإصدار أو تجديد جوازات السفر، والسفر خارج المملكة دون الحاجة إلى تصريح.
وتنفيذا للأمر الملكي القاضي بالموافقة على قرار مجلس الوزراء بتعديل نظاميْ وثائق السفر والأحوال المدنية، باشرت إدارات الجوازات والأحوال المدنية وفروعها في مناطق المملكة كافة، العمل بالتعديلات التي نص عليها الأمر الذي شكل نقلة نوعية في تحسين ظروف المرأة السعودية وتقويض الأغلال التي كانت تكبل حركتها وتقيد حضورها، قبل أن يحلّ موعد حافل بالتحولات الكبيرة في واقع السعودية عموما، وبما يتصل بكثير من الملفات العالقة كانت في وقت مضى محل لوم ومؤاخذة دولية وحقوقية على الرياض.
الكثير من ذلك تغير الآن، وخطوات تحسين ظروف المرأة وتطوير واقعها تتهاطل بلا توقف، ملقية الضوء على تجربة شجاعة أخذت تتكشف منذ ثلاث سنوات، استوعبت الكثير من الحقوق التي كانت في قائمة الأمنيات المعلقة بانتظار من يقطفها ويزرعها في تراب الواقع.
الكثير من العوائق الاجتماعية والدينية والثقافية كانت تحول دون تنفيذها وتحقيقها، لكن قرارا سياسيا جسورا اتخذ من رأس السلطة واستجاب له المجتمع بوعي وهدوء وسلاسة، بخلاف ما كان يروج له رعاة الخطاب المتوجس من كل شيء.
أصبحت مفردة “على حدّ سواء” واحدة من شعارات المرحلة اليوم، ومبدأ معمولا به في الكثير من القرارات والإجراءات المتبعة، والقاضية بمنح المرأة نفس حق الرجل في نيل الفرص والتنافس عليها على أساس الكفاءة والجدارة وحدها، دون غيرها من هواجس العقل التقليدي.
طُوي هذا الملف بلا رجعة، وغبار المعارك القديمة على تفاصيله خمدت، يوم كان يستخدم الجدل مطية لمنح التيارات الحركية الدخيلة شرعية للوجود في الواقع السعودي، وحق احتكار تشكيل الوعي المحلي على نحو يجعله مستقطبا ومستلبا من أيديولوجية ما، رفع عنها اليوم الغطاء وسحبت من بين يديها ملفات الرهان الخاسر، وجرى تصفير إمكاناتها التي ادّخرتها للحظة التمكين.
حدث الأمر بشكل أسرع من المأمول، وتتابعت التحولات بوتيرة ألهبت حماس المتطلعين، والواقع أن الفضل يعود للاستجابة الأهلية المتحضرة والتعاطي الراشد من الوسط الاجتماعي، بما سهّل توطين هذه التحولات بسلاسة وتلقائية بفضل الوعي الذي كان عليه المجتمع، ضدا من صورته عن نفسه التي بقيت منقوصة ومشوهة نتيجة الضخ الهستيري الذي تعرض له خلال عقود ثلاثة كانت خلالها الصحوة سيد الملعب وذات اليد الطولى في تشكيل الوعي.
لم يخلُ الأمر من بعض المقاومة الاجتماعية، لكنها بقيت في مستواها الطبيعي الذي يتعاطى بتردد مع كل جديد، لكنها كانت سلوكا منزوعا من أي محتوى أيديولوجي قد يحرف النقاش إلى خانات ملتبسة.
وهذا أساس ما تقوم عليه المجتمعات السوية، وقد أريد لنوع من هذه الطبيعة الاجتماعية أن تتاح كبيئة حتمية لتحقيق وعد الأمير محمد بن سلمان بتحديث المملكة، في خطته الواعدة “رؤية 2030”، وضمن ما تهدف إليه، زيادة مشاركة المرأة في العمل لتصل إلى نسبة 30 بالمئة ومنع أي قوانين تمييزية ضدها.
ولا تزال سلة الخطوات واعدة وزاخرة في سبيل تعزيز المساواة العادلة بين الجنسين، وزيادة رقعة تمكين المرأة السعودية في واقعها ومقاعد المسؤولية، وتفعيل الجناح الآخر للطائرة السعودية وهي تمخر الرياح في الطريق لعلياء الرؤية التي تطمح إليها.
كان آخرها ما أصدره وزير التعليم السعودي، حمد آل الشيخ، بتكليف المعلمة ابتسام بنت حسن الشهري، بتولي مهمة المتحدث الرسمي باسم وزارة التعليم العام، وذلك للمرة الأولى في تاريخ الوزارات السعودية.
الرابط :
تعليقات
إرسال تعليق