التخطي إلى المحتوى الرئيسي

خيبة ظريف في الكويت

تحاول طهران خائبة، أن تجد خط رجعة بتقديم بعض التنازل، حتى وإن تظاهرت بالقوة، لكنها محكومة بالضعف والاستسلام أو المراوغة والتحايل.

الأربعاء 2019/08/21
مجددا عاد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بخفي حنين من زيارته إلى الكويت، التي ودّ من خلالها أن يضيف رصيدا في حسابه وزاوية تفسيره للأزمة التي تعصف بالخليج. أراد أن يدفع بالكويت خارج كفّة جيرانها العرب، ويسوق من على أرضها المعاهدة المخادعة التي يسميها بعدم الاعتداء، بعد أن ضمن بشكل تلقائي موقف قطر المستجيرة بطهران، وحياد عمان.
لم يحصل ظريف في نهاية زيارته على فرصة الحديث المؤتمري، واكتفى بتغريدات عن فحوى الزيارة، لم يضمنها موقف الكويت الذي تسرّب في ما بعد عن رفضها القبول بالمعاهدة والالتزام بالتقاليد المعروفة في التعامل بين الدول، وضرورة أن تلتزم طهران بهذه التقاليد وحسن الجوار، وسيكون هذا كافيا لحل الأزمة وانصراف التكهنات السوداوية التي تخيم على سماء المنطقة.
كان موقفا واضحا، غير مستغرب، من السلطات الكويتية في وجه الدبلوماسية الناعمة للسلوك الإيراني الخشن، والذي تريد طهران عبره أن تجسد حالة ارتخاء الشعرة التي يشدها الحرس الثوري تجاه دول المنطقة.
كان ظريف طوال عمر الأزمة وفي ذروتها، يروج لسرديته الخاصة في توصيف المشكلة، ابتداء من اختراع “فريق بي” الذي حمله المسؤولية عن تفاقمها، متعاميا عن أصل المشكلة المرتبط بسلوك طهران في المنطقة، وتاريخها الطويل في إشعال الحرائق وبث الفتن ودعم الميليشيات وصناعة الوكلاء في دول الجوار، ومتجاهلا حقيقة أن الحل يبدأ بتغيير إيران لسلوكها العدواني وسعيها للتوسع ومدّ نفوذها على ركام المدن وجثث أطفالها وشيوخها، على نحو ما فعلت ولا تزال في سوريا واليمن ولبنان والعراق.
فضلا عن قائمة طويلة من الدسائس الخبيثة والتدخل الشائن في الشؤون الداخلية للدول المشاطئة للخليج العربي، كان أول من اصطلى بنارها الكويت وبلغت ذروتها باكتشاف خلية العبدلي وحيازتها لذخيرة تكفي لتقويض نهار أمن الوطن وتحيله ليلا أسود شديد القتامة، ولم يتجشم ظريف في زيارته مؤخرا عناء أن يخجل من ذلك وهو يدفع بأوراق فكرته التحايلية لعدم الاعتداء.
تعاني إيران من سطوة الظروف اليوم، وتقاسي الآثار العميقة للعقوبات المفروضة على اقتصادها، وتعتقد أن الدول الخليجية قابلة للاختراق بنفس درجة السهولة التي وجدتها لدى قطر، وأن تقويض الموقف الخليجي الصلب والفتّ في عضده سيكون أول طريق النور للخروج من هذه العتمة الخانقة.
لو أرادت إيران فعلا أن تجنح للسلام، فإن دول الخليج، وعلى رأسها السعودية، ستكون أكثر سعيا لهذا الخيار من طهران، لكن الماضي القريب مؤثث بالكثير من الخيبات التي تعرضت لها المنطقة، نتيجة إصرار النظام الإيراني المضي في خطته للتوسع وتصدير ثورته رغم مرور أربعة عقود على هذا المسعى، ولم يخلف إلا جراحا في بقع مختلفة من العالم العربي.
أما وإن طهران تعاني الآن أقسى حلقات المواجهة السافرة مع رفض المنطقة والمجتمع الدولي لسلوكها، وتتعرض لعقاب دولي نتيجة آثار سلوكها العدواني العقود الأربعة الماضية، يسافر ظريف إلى الكويت والدوحة ليسوق معاهدة عدم الاعتداء الذي يرجو أن تكون حبل نجاة النظام من الظروف التي تزداد حدة، بعد إبطال مفعول استفزازاته التي اقترفها في مياه الخليج ومضيق هرمز وميناء الفجيرة، وعجزها عن تحريك قبضة الخناق الاقتصادي التي تشل قدرته على الحياة.
يحاول عبر عدد من الخطوات أن يخفف وطأة العقوبات، ويستعطف الموقف الخليجي، باستقبال وفد أمني من الإمارات، والتزام حجاجها بتنحية المظاهر السياسية، وبث رسالة النية الحسنة والرغبة الجادة في التواصل والحوار مع الرياض. لكنّ عمر هذه الوعود قصير في حساب دول الخليج العربي، والمحاولات المتكررة لإبداء سلوك مغاير من طهران لن تنطلي على الحكومات قبل الشعوب من نظام عدواني عمل على تصدير ثورته وأثخن في أوجاع العرب.
ولا تبدو لدى دول المواجهة مع طهران نية لإذابة الجليد، طالما أن العقوبات تؤتي أكلها، والنظام تنخره نقمة شعبه المنهك، وسياسة الانتظار الأميركي وعدم الانجرار للحرب تضعف من تماسك إيران التي تغري خصومها بمعاهدة محكوم عليها بالفشل.
تحاول طهران، خائبة، أن تجد خط رجعة بتقديم بعض التنازل، حتى وإن تظاهرت بالقوة، لكنها محكومة بالضعف والاستسلام أو المراوغة والتحايل، بعد أن أضحى مستحيلا على الإيرانيين كسر الحصار الأميركي الذي خنقهم، وخذلان الأوروبيين لمصالحهم، وتردد الروس نتيجة خلافهم معهم في سوريا وإسرائيل، فالتفّوا لمغازلة دول الخليج وقرع بابها الذي أغلقته الكويت.

الرابط :


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

«تتبع الحجارة» عنوان 100 يوم من الفن المعاصر في بينالي الدرعية

السعودية تشهد اليوم واحدة من أكبر المناسبات الفنية العالمية   السبت - 7 جمادى الأولى 1443 هـ - 11 ديسمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15719] الرياض: عمر البدوي أصبح حي جاكس جاهزاً لانطلاق الدورة الأولى من بينالي الدرعية للفن المعاصر، واستقبال المتطلعين لزيارة واحدة من أكبر المناسبات الفنّية العالمية، ابتداءً من اليوم (السبت)، حتى 11 مارس (آذار) المقبل، وهو أول بينالي دولي يتطرق لموضوعات وأشكال الفن المعاصر في السعودية، ويعرض أعمالاً لفنانين عالميين ومحليين، مع مجموعة من الورش الثقافية والتجارب الممتعة. يأتي بينالي الدرعية، كتجربة استثنائية، ومنصة إبداعية تمتد لمائة يوم، تكشف جوهر الفنون السعودية بمختلف أنماطها، وتُفسح للفنانين مساحات للحوار وإثراء تجاربهم، لتعزيز المشهد الثقافي والفني، وتمكين المواهب المحلية، واستقطاب مجموعات الفنانين الدوليين لإغناء الحدث الفني المهم. وقال راكان الطوق، المشرف على الشـــؤون الثقافية والعلاقات الدولية في وزارة الثقافــــة الســـــعودية، إن استضافة المملكة لأول بينالي للفن المعاصر، يعدّ إنجازاً استثنائياً، وإن أهميته تأتي من كونــــه نقطة التقــــــاء للعالم،...

ماذا يخطر في بالك ( 5 ) ؟

هنا أنقل بعضاً من منشوراتي على صفحتي في ( الفيس بوك ) . راجياً لكم النفع والفائدة  . ضعف التقدير يقود إلى سوء التقرير . .................. كلما كان واقعك ثرياً وغنياً ، بارت بضاعة خيالك الواهم . …………… إذا أحببت شيئاً ثم التقيت به بعد غياب فكأن الروح ردت إليك بعد غيبة الموت ، أو العقل عاد بعد جنون ، أو الذاكرة استفاقت بعد غيبة . كل الأشياء الرمادية تسترجع ألوانها الزاهية ، والروائح الزاكية تستجرّ عنفوانها ، والمشاعر اللذيذة تستعيد عافيتها . ما يفعله الشوق بك من ذهاب العقل وغيبة الذاكرة وموات الروح ، يفعل بك الوصل أضعافه من الفرح والطرب والنشوة . لقد جُبل هذا القلب على الإلف بما يحبه والتعلق به حتى يكون بمثابة الطاقة الموصولة بألياف الكهرباء ، أو الزيت الذي يقدح النور ، والجمر الذي يستفز أعواد البخور . وإذا غاب المحبوب واستبد بك الشوق انطفأ نور الوجه وضاقت النفس وذهب الفرح حتى يعرف ذلك في حدة طبعك وانغلاق عقلك وعبوس وجهك ، فإذا التقى المحبوبان والتأم القلب عادت المياه لمجاريها وشعشع الوجه واتسع الثغر وانفرجت الأسارير . سبحان من خلق . ……………… إذا كنت...