التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الدريس : القرارات الدولية ليست " حبراً على ورق "


جدة – عمر البدوي 

قال المندوب الدائم للمملكة لدى منظمة اليونيسكو الدكتور زياد الدريس، إنه طرح مقترحاً بشأن توحيد جهود العرب داخل المنظمة، إلا أنه لم يجد آذاناً صاغية، على رغم أنه لاقى ترحيباً في بداية الأمر، فيما واجه سلسلة من التأجيلات حتى اليوم، إذ ترشح ثلاثة عرب دفعة واحدة لانتخابات ٢٠١٧، وبالتالي بددت الجهود وضاعت الفرص عليهم جميعاً.
وأضاف: «يتمثل المقترح في طرح مرشح واحد يجمع عليه العرب لمقعد المنظمة عبر عملية انتخابية تحت مظلة الجامعة العربية، ويدفع الفائز منها للترشح لمنصب اليونيسكو باسم العرب جميعاً».
جاء ذلك خلال أمسية بعنوان «اليونيسكو: تنتهي الحروب أم تبتدئ؟»، استضافها النادي الأدبي الثقافي بجدة أول من أمس، في قاعة الشربتلي بحضور عدد من المثقفين والأدباء والشعراء والإعلاميين، وقدمها عبدالرحمن السلمي نيابة عن الإعلامي عبدالعزيز قاسم الذي ألمت به وعكة صحية منعته من مرافقة الضيف.
وانتقد الدريس كلمة «حبر على ورق»، التي تتداول بشأن المنظمات الدولية، واستشهد بقيام الكيان الصهيوني الذي كان حبراً على ورق منذ ١٨٩٧ حتى قيامه، واقعاً في ١٩٤٥، داعياً لعدم الاستهانة بمثل هذه القرارات التي تصدر من المنظمات الدولية ووصمها بحبر على ورق لأنها تكون أساساً لقرارات عامة وملزمة مستقبلاً. وقال: «اليوم أكملنا ٩٩ سنة على وعد بلفور لإقامة دولة إسرائيل، وكان في بدايته حبراً على ورق !»، مشيراً إلى أن الغرب يضع يده بشكل قوي على المنظمات الدولية، ومنها اليونيسكو التي تدفع ضريبة أعمالها للديموقراطية في الشأن الفلسطيني، ‏ومن ذلك العقاب المالي الذي نالته اليونيسكو ورئيستها آنذاك بسبب تمرير عضوية فلسطين.
وبدأ الدريس حديثه عن العلاقة مع اليونيسكو عبر الراحل غازي القصيبي، وقدم قصصاً ملهمة جمعته بالقصيبي منذ خسارته انتخابات اليونيسكو عام 1999، متناولاً ذلك ‏بشيء من الذكرى والحنين الذي بقي في ذاكرته، ونال القسم الأكبر في محاضرته، فيما نوه بأنه يكفي فخراً أن تعد معايبه، وأن الناس أصبحت تقول إن هزيمته الوحيدة هي خسارة مقعد اليونيسكو وهذا كفاية للدلالة على قيمته وأثره. وبسط الحديث عن ترشيحه من المملكة ٢٠٠٦، وكيف تلقى الخبر من القصيبي نفسه، وعن عودة الأخير إلى المنظمة عبر أمسية شعرية حضرها قرابة ألف شخص ٢٠٠٩، أحدثت ضجة كبيرة عن عودة القصيبي من عدمها على إثر البلبلة في تلك الفترة .
ثم أسهب عن تفاصيل انتخابات ٢٠٠٩ و٢٠١٣ أو ما سمّاه «معركة اليونيسكو» وهي عنوان لكتابه الجديد الذي حصل ضيوف الأمسية على نسخ موقعة منه نهاية اللقاء.
‏وختم بالكلام عن الهدف من إنشاء المنظمة وهو تفكيك ويلات الحروب التي تحدثها الدول الكبرى، وقال «‏أصبحت قادراً على تجسير العلاقة بيني وبين المخالف عبر تجربتي في اليونيسكو، إذ منحتني رؤية أوسع للإنسان وللتعايش في ظل التنوع ولتجسير المسافة مع من أختلف معهم».



الرابط :


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

تمجيد صدام حسين المجيد

كان يمكن للقصة الشهيرة التي تداولها عامة العرب عن صورة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين مطبوعة في كبد القمر أن تكون مجرد مزحة عابرة تذوب مثل قطعة ثلج أو تتبخر مثل بؤرة ماء، ولكن القصة المختلقة التي شاعت عشية تنفيذ حكم الإعدام في حقه من قبل الحكومة العراقية بعد إسقاط نظامه وتفكيك الدولة العراقية نتيجة حرب خاضها حلف دولي تقوده الولايات المتحدة، تمكنت في أذهان جيل بأكمله وتطورت إلى أشكال متجذرة لترميز الرئيس العراقي المخلوع. أصبح صدام ذا شعبية أكبر لدى قطاعات واسعة من الشباب العربي، فبإمكانك أن تلاحظ حجم الصور التي تنتشر له والأقوال المختلقة في محاولة لاستنطاقه بما يتمناه الشاب العربي من خطاب مشبع بالأنفة والاعتزاز ضد غطرسة الجانب الغربي من العالم أو الطائفة الشقيقة للغالبية السنية في الشرق الأوسط. لا تبدو سيرة صدام حسين مثيرة للإعجاب في التاريخ، فهو مجرد حاكم عربي عسكري يشبه أترابه ممن يقبض على سدة حكم الجمهوريات العربية المرتبكة في تقديم هوية سياسية ونظام حكم متماسك، يضاف إليه بطش أهوج وديكتاتورية مطبوعة بنزقه الشخصي وجنون العظمة الذي أودى بمستقبل العراق وشعبه في جملة من المغا...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...