أفضل مقالة راقت لي عند وفاة العبقري التكنولوجي ستيف جوبز كانت للصحفي علي الموسى من جريدة الوطن ، واختار قيمة " الفرد " عندما يكون إضافة للإنسانية جمعاء مدخلاً لحديثه .
وفي ظل الفردية المسحوقة في عالمنا العربي إلا شخوص الحكّام الذين يختصرون كل معاني العظمة والبراعة في ذواتهم العظيمة - والله المستعان - .
في ظل هذا الطحن السياسي يبزغ نجم الفردية من ثنايا سيرة الدكتور عبد الرحمن السميط ، رجل المبادرة الفذ ، الذي يوزن جهده في خدمة الإسلام بمجموع الأمم العربية والإسلامية .
شعرنا بهول وفاة ستيف جوبز لأنه في أمة تقدر عظماءها ، الآن يمرض واحد من عظماء أمتنا " السميط " ويبقى الخبر طيّ تويتر ، ولا تحرّك امبراطوريات الإعلام أي ساكن ذلك لأن مشروعه لا يتوافق مع شخصيتها المتحضرة ورسالتها الإنسانية الراقية .
ولعمري أن السميط قام بأعظم منجز في حق البشرية ، عندما يقدم للملايين هداية السماء ويأخذ بيدها إلى عتبات الله ويضيء للنفوس طريقها وللقلوب نشديها وللحياة بريقها .
أعظم الوفاء للسميط ، أن نكمل المشوار الذي كاد يتمه ، لولا أن الأعمار أقصر من الآمال ، بئست الأمة إذاً إن لم تخلد لهذا الرجل مشروعه وتستكمل رسالته وتبقي أثره وترفع ذكره .
أكبر درس تعلمناه من حياة السميط هي " قيمة الفرد " والأثر الذي قد تصنعه المبادرة المقتصرة على شخص واحد ، لكنها الهمم !
وأكبر تحدي سيلاقي من يقتفي أثره هو محك الإخلاص والتفاني ، ثم التواضع الذي يزداد انسحابه من حياة الناجحين لصالح العجب بالنفس والاعتداد بهذا المنجز العظيم .
أشعر بالهم والحزن يحاصراني في هذه اللحظات التي تعصف بعظيم الأمة .. يا رب كن له !
والحزن الأكبر يدفعني لحد البكاء هو هذا التجاهل المقيت لرجل بهذا المستوى من الهم والإنجاز والتضحية ، وأكاد أجزم أن السميط ما كان ليلتفت لهذا الاهتمام وقد صرف وقته وفرط في منصبه المرموق قاصداً وجه الله - نحسبه كذلك - .
والله إن السميط يوزن بأمة وحده ، وإن كان زماننا ازدحم بالحكام الفاسقين فسيطهّر زمنهم هذا العظيم .. تولاك الله شيخنا برحمته ونعمائه وقد أتعبت من بعدك .
تعليقات
إرسال تعليق