نموت من أجل الحساب ، فلا يعقل أن تحدث هذه المظالم في أرض الدنيا فيموت الجلادون ولا ينتهون إلى عدالة الله المطلقة ويعرضون على مقصلة الحساب ، نموت ليأخذ كل عامل جزاءه ، لأجل أن ترتهن كل يد بما كسبت وتزر كل وازرة وزرها .
نموت لأن فرصتنا انتهت ، ولأجل أننا نعيش هذه الحياة مرة واحدة ، فإما كيس أخذها بحقها وسار فيها خير سيرة فيجزاه الجزاء الأوفى ، أو خامل فاشل غير موفق فيلقى شر فعاله وسوء أعماله ونهاية مكره وشره .
نموت لأن مقعدنا من الحياة اضطر له شخص آخر ، فالأرزاق مقسومة والله غني لا يحتاج معيناً ولا نصيراً قادر لا يضطر ولا يعنته شيء ، ولكنه - سبحانه - أجرى هذه الحياة الواسعة على الضيق والإبدال والترتيب والتناوب .
نموت لأن القدرة الحياتية فينا قد انطفت ، لقد أعطبها المرض أو فتك بها القدر أو لطف بها الله ، المهم أن الجسد تداعى وانهار وخسر مخزون طاقته وانعدم تماماً عن القدرة على الحياة ، فتوقف القلب وانشلت الأعضاء وتجمد الدم وسرت البرودة في الأطراف وشخص البصر للسماء وأرسلت الروح إلى بارئها فإما سعيدة فتنعم وإما شقية فتندم .
لقد أدرك الشيطان تعلق الإنسان بالحياة وكراهيته للموت ، ولذلك كان أكبر إغراء لآدم لافتعال الخطيئة " حب الخلود " وأن طريقه لذلك يبدأ من أكل هذه الشجرة المحرمة .
وأصبح الموت بعد ذلك يلاحق الإنسان كأكبر تحدي وأعظم مفوّت لهذه الرغبة الجامحة لديه " الرغبة في البقاء حياً " .
يحاول المتصوفة وبعض مفسدي الأديان أن يولدوا أفكاراً تخفف من وطأة حقيقة الموت على الإنسان ، وذلك في سبيل التبرير على أن الدين فيه خلاص الإنسان من الهواجس والمخاوف ، استصدروا فكرة التناسخ أو استحضار الأرواح أو غيرها في مواجهة الموت .
وفي نفس السياق تأتي جائزة الشهادة في القرآن هي استكمال الحياة " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً . بل أحياء " ، وعلى الرغم من قلة المعلومات وانعدام الوضوح حول تفاصيل هذه الحياة ولكن يبدو أنها لا تختلف كثيراً عن الحياة الدنيوية بدليل أنهم " عند ربهم يرزقون " .
نعرف أن الموت ليس النهاية ، وهذا مفطور في تركيبنا النفسي والذهني ، وأنه بداية نحو عالم غيبي لا نعرف عنه سوى شتات أخبار وظنون ، وأن الموت بمثابة نومة يطول أمدها بعض الشيء لكن ما يلبث أن يستيقظ الإنسان ليستقبل حياة من نوع آخر وعالماً تملؤه الغيبيات .
شكر الله لك
ردحذفصادفت هذا الموضوع فتذكرت موضوعا آخر
http://www.p7r-ar.com/?p=1342
تقبل تحياتي
الاستاذ حسن بن مريع
ردحذفشكراً لوجودك واتشرف بمشاركتك