التخطي إلى المحتوى الرئيسي

لماذا تأخرت سوريا ؟

كعادة السياسيين يبقى الشعب العربي هو الأهمية ذات الترتيب المنخفض ، إذ يموت الشعب ويتعرض لأبشع أنواع الإبادة والتعذيب بانتظار الحسم السياسي للقضية السورية في مطابخ دولية وإقليمية .
أهم مشكلة تواجهها الثورة السورية أن الحسم مرتهن بما هو خارج حدود الوطن ولا يمكن حسم الثورة من الداخل كما هو حادث في تونس ومصر وليبيا ، في ظل وجود معارضة هشة تواجه تحديات الاختلاف والتباينات الفجة .
الشعب لا يملك سوى المظاهرات السلمية التي لا تصل إلى القدرة التغييرية اللازمة بفعل التشديد العسكري في أنحاء البلاد ، وفرصة التسليح ضيقة وصعبة والجيش السوري الحر لا يملك إمكانية كسب الموقف على الأرض بالنظر إلى الإمكانيات .
إيران انحازت لمصالحها هذه المرة وشعرت بالخطر على نطاقها الإقليمي وهي تستجدي كل الأساليب المشروعة واللاأخلاقية لإيجاد خيار ينافس إزاحة نظام بشار لأنه خسارة عظيمة في حسابات الملالي الفارسية .
إسرائيل ومن بعدها أمريكا وأوروبا يختلف عندها الأمر عندما يتعلق بسوريا إذ تقع على تخومها المباشرة ، وبالتالي تحتاج اسرائيل لتطمينات مقنعة تتعلق بالبديل لتحريك الغرب ضد سوريا ، لأن بشار رغم بروبغاندا المقاومة فهو لا يتجاوز كلامه الفارغ وهو أخف الضررين لاسرائيل على الأقل .
تركيا تشبه اسرائيل بعض الشيء لأن أي تغيير في سوريا يعنيها بحكم القرب والتواجد الكردي الذي يتهددها طبعاً ، وتركيا لا تريد أن تذهب سوريا الجديدة باتجاه إيران أو اسرائيل والغرب كما حدث للعراق .
أما العرب رغم المحاولات المتحفظة لحل الأزمة في حدودها القومية لكنهم لا يستطيعون القيام بخطوة عسكرية - وهي اللازمة - دون معونة خارجية ، وتركيا الأقرب لتوفير هذا الخيار المشروط بعض الشيء .
حتى لو سقط نظام بشار بأي شكل من الأشكال سيتعين على السوريين مواجهة هذا التحدي ، إذ لا يبدو الخلاف حول إسلامية الدولة أو علمنتها بقدر ما هو موقفها من هذه التوجهات السياسية المتنازعة في المنطقة مثل ما يحدث في مصر .
إذ يبدو أن هناك ترتيبات ما لتهيئة الشارع المصري وتنبيه المكونات السياسية إلى ضرورة التعامل بما يتوافق مع المزاج الدولي فيما يخص اسرائيل وتركيا وايران نظراً لحجم مصر في هذه التجاذبات وإن كان أثرها ضعيف بعض الشيء مع الانشغال بالشأن الداخلي .


جدة
٧ / ١ / ١٤٣٣

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...