التخطي إلى المحتوى الرئيسي

بأعضاء مشلولة !

لا يكفي لنبشر بديننا أن فيه أفراحاً للأرواح !!
إن العقول تحب أن تصدق الواقع وهي رسل الايمان ، وتريد أن تجد مادة ملموسة تبين بوضوح وتجرد أن مبادئ هذا الدين مجدية وليست عبثية ، تتحول إلى واقع عملي وأثر فعلي في صفحة الحياة وعلى وجه الأرض .
علينا أن نبني دنيا مميزة وماكينات متطورة وتقنيات حديثة وصناعات ثقيلة وتكنولوجيا مبهرة ، ولا نظلم الروح ولا نشقي القلب باللهث وراء المادة ، ولكن الحضارة طائر جناحاه من روح ومادة .
وماذا ينفع إذا كانت الروح تسلم من الشقاء ، والنفس تغنم حياة سعيدة وهانئة بينما يتعذب الجسد بالجوع والكد والنكد ؟!

لا تؤمن النفوس بالأديان التي لا تدفع أصحابها الى بناء الدنيا وعمارتها ، ولا تحب أن تتبع شريعة لا توظفهم في تصنيع الرفاه وتشبع نهمتهم المادية وشهوتهم في تسخير المادة وتملّكها .
إننا نسيء إلى الاسلام عندما ندعو الغرب المكتفي بصناعاته والباذخ برفاهه ، ندعوه إلى اعتناق دين يعيش أغلب أهله في حياة دنيوية تعيسة .. ثم نقول لهم أن الله يدخر لنا حياة آخرة أفضل - ونعم بالله - .

وماذا أصنع في هذه الدنيا ؟ أريد أن أعيشها باستمتاع ؟ أو على الأقل بكرامة بل أدنى حظ منها ؟ أريد أن أكون قوياً في هذه الدنيا فلا يستبد بي الأعداء ولا يطمع في أرضي الأغيار ولا يعبثون بأحلامي ومقدساتي ؟



لا يمكن تطبيق الحد الأعلى من التصور الاسلامي لأنه أقرب إلى المثالية ، بينما يعتبر الأكثر واقعية وقابلية للتطبيق هو الأنفع والأجدى ، وبالتالي هذا يعني أن لا نتحمس لبناء جنة أرضية باسم الاسلام لأن الرسول - عليه الصلاة والسلام - كان أولى بهذا من غيره ممن تبعه .


إن المجتمعات الصناعية تشيع قيمها ودينها ومبادئها دون جهد تبشيري أو دعوة الى آلهتها وهي أقرب إلى التصديق ، ولا تعادلها في هذه القوة المجتمعات المتخلفة حتى لو امتلكت أقوى الأديان وأكثرها صدقا وعدلاً وإنسانية وكل المعاني التي تتزين بها الأديان وضعيها وسماويها .

علينا أن نستدعي الأسباب الدنيوية ونستحضر تجارب الأمم والشعوب في عمارة الأرض 
لا نريد لهذا الخوف على خصوصيتنا ومرجعيتنا وثوابتنا أن يعطلنا عن العمل ، ولا بأس أن نستظهر جوانب الجمال والحق والخير من ثقافتنا المليئة بمثل هذا ولكن حجبها الاستعداء والانكفاف حتى غدونا لا نتخاطب إلا بلغة الاتهام والمؤامرة والتشكيك والتخوين .


لقد بخسنا حق الدنيا لصالح الآخرة ، وتوظيف هذه الحياة لصالح الظفر بجائزة الجنة على اعتبار أننا نعيش في دار ممر وفناء ولا دوام ، حتى لم نعد نحسن أن نعيش كما ينبغي في هذه الدنيا وخسرنا كثيراً من مفاتيحها .
مما دعا الأمم الأخرى أن تغالبنا وتغلبنا وتضيق علينا في تديننا فلم نعد نقوى على حمايته لأننا ضعفاء بمنطق الدنيا البسيط .


أفهم جيداً أنه عندما تتصدى أمة ما " لهجمة " تتموقع في " ذاتها " كحصن أخير لحماية وجودها ولكنها ما تلبث أن تنطلق مجدداً ومن ذاتها إلى التنمية والتحديث على جسر من الانفتاح والتسامح والقابلية لمتطلبات العصر والإصلاح والتصحيح .
ولكنها تتخلى عن أسلحة الإقصاء والعنف والتشدد التي احتاجتها أثناء تقوقعها الذاتي إبان الهجمة ، لأن حالة الإصلاح الجديدة تحتاج إلى أسلحة مختلفة تتجاوب مع شروط النهضة .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...