التخطي إلى المحتوى الرئيسي

تداعي الفناء




" الغياب الصامت "


صبيحة عيد الأضحى المبارك وكالعادة أتلقى رسائل التهنئة القصيرة على هاتفي الجوال ، ولكن اسم واحد من أفضل الأصدقاء يغيب هذه المرة ، منذ خمس سنوات كان المبادر إلى هذا الفعل الحسن .
وللحظة تذكرت أنه لم يعد من عداد المشّائين على الأرض حيث وافته المنية وغادر إلى ملاقاة ملائكة السؤال البدهي ، وشعرت حينها أنه في حاجة إلى رسالة نصها " رحمك الله وتغمدك بواسع رحمته " ولكن المستقبل هذه المرة عند من نرجو رحمته ونخاف عقابه .
كان اتصالاً غريباً في منتصف الليل ...
المتصل : عمر ، والله إني أحبك وكم يؤلمني افتراقنا بسبب ظروف الدراسة .
عمر : ..... ( لم يحر جواباً والتزم الصمت ) .
بعدها بشهور قليلة كان يتصل كثيراً ويلحّ في مقابلتي ولكن تواجدي الدائم في جدة كان يحول دون ذلك .
وفجأة وصلني خبر وفاة عبده سنان الخالدي ، ودفن معه السر الذي كان يخفيه اللقاء المرتقب ،
ولكنني على يقين أنك وفيّ بوعدك يا عبده ولو بعد حين .




" انقباض القلب "


انحباس في التنفس وشرود في الذهن وعينان تغرورقان في دمعها وانقباض في القلب ، بفعل الخوف الذي يساورني .
إذ بدى وكأن الموت يحيط بنا من كل جانب ، عندما بلغني خبر موت زميل الدراسة الآخر أحمد عمر السلامي " عميش "  لتنهال ذكرى فقيدنا الأسبق يحيى سويدي السلامي - عليهما من ربي الرحمة ووافر الغفران - .
رسالة رعناء تداعب بصري قبيل الفجر وتطرد النوم من جفني التواق إلى شبعة الرقاد ، لتحوم أفكار العالم الغيبي .
يا الله .. ما أقسى الحقيقة !


" في الطريق الحتمي "


ريم نواوي .. درس في التفاؤل والأمل ، تغادر هذا الكون المحبوس بالأحزان والمسكون بالآلام إلى عالم فسيح ورب كريم .
مقبول حسن الفاهمي ، ارتماءة المتعب في حضن الراحة الأبدية .




" مباغتة القدر "


في ذروة النسيان ، وكأنه استخفاف الزمان بعقولنا الذاهلة وبصائرنا الشاخصة في هذا التتالي المحزن للأخبار .
بينما يحتضنني الهدوء في مدينة مزعجة وتحتويني الغربة في بلد الخلطة ، مرة أخرى يبلغني بكل قسوة رحيل الشاب الخلوق خالد علي الغانمي .


إخواني وأصحاب خالد : أضيؤوا قبر خالد بدعواتكم كما أضاء أيامنا بابتسامته ، هل تعرفون أكبر مكافأة يستحقها هذا الشاب ؟ أن نعيش مع بعضنا كما كان خالد معنا .
قلب كبير يسع صغيرنا وكبيرنا وابتسامة عريضة كإشراقة يوم صافي وسجية عفوية غير متكلفة وطبع متسامح يتعاطى معنا بصفاء سريرة ونقاء سيرة وكلمة طيبة .


حتى لا أكون مبالغاً يا خالد ، سأكون وفياً ، سأحول هذا الحزن العميق إلى مشروع عملي ، وهو أنني سأبيت هذه الليلة وقد عفوت عن كل مخلوق وأسامح كل من أساء في حقي ولن أترك للبغض أن يجد له طريقاً إلى قلبي .


إخواني الشباب .. أصدقاء خالد : أرجوكم تفقدوا كل من تعرفون وأعلنوا أمامهم وأمام أنفسكم أنكم تنازلتم عن أحقادكم وخلافاتكم ، إنك لا تعرف على من سيكون الدور " على الطريقة القذافية " !
أصبح من التافه أن تفرقكم صغائر الأمور بينما تنتظركم حقائق الدهر ومصائب القهر وأنتم أحوج ما تكونون إلى السيرة الحسنة والذكر الطيب والدعوة الصادقة .
خذوا من حياة خالد .. درساً في الخلق والتسامح والطيبة والمعروف والابتسامة والتنازل لأجل الحب الطبعي البسيط ، خذوا من هذا الشاب العادي الذي تعلمنا منه ميتاً وجعل من حياته مشروعاً عفوياً اسمه " التسامح " .

تعليقات

  1. أخي عمر
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    كل مرة أقرأ لك فيها يخالجني شعور أن المستقبل موعود بهامة أدبية تهفو إليها الأبصار غزارة في الطرح كثرة في المفردات جمال في التناول تنبئ عن أديب حكيم واع ... دمت موفقاً

    ردحذف
  2. بارك الله فيك استاذي الكبير : عيسى السليمي
    ولا تنسانا من الدعاء والتوجيه فنحن احوج ما نكون اليهما
    وفقك الله وكتب اجرك واعلى قدرك

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...