التخطي إلى المحتوى الرئيسي

تركيا وإيران: تنسيق محفوف بالقلق

أنقرة الموزعة بين جبهات مختلفة تفوق قدرتها على الاحتمال وطهران التي يأكل الوهن أبناءها من تواطؤ أسباب الضعف عليهم تجتمعان لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من مشاريع التوسع وأحلام التغول الإمبراطوري.
السبت 2020/09/12

مع الوقت يزداد انكشاف المشاريع الإقليمية الدخيلة على المنطقة، ويتكثف التنسيق المستمر لاستهداف ما بقي من روح العمل العربي المشترك الذي تعمل دوله على تطويق التمدد البشع لكل من أنقرة وطهران، بميليشياتهما وأيديولوجيتهما ومشاريع الفوضى والخراب التي تتبنيانها، لاسيما وأنهما تجدان طابورا خامسا من المستعدين للتفريط في استقرار أوطانهم وتقديمها قرابين على خشبة الولاء المطلق والاستسلام لأجندة حزبية مقيتة أو صِلات أيديولوجية خطيرة.

تزداد سخونة الخطوط الأمامية للمنطقة الخليجية، بوصفها جدار الصد المباشر، وراعية مشروع مقاومة جولة جديدة من الاختراق الإقليمي المرتقب، منذ الإعلان عن قرار مباشرة العلاقات الثنائية الكاملة بين الإمارات وإسرائيل، والمنطقة تتبلور على نحو جديد؛ تشعر طهران أن الاتفاق يستهدفها أو حدث نتيجة توجه جديد ستشهده المنطقة يزيد من الأعباء الملقاة على كاهل الإيرانيين.

كما أن منسوب الاستهداف الفاشل من الجماعة الانقلابية في اليمن للأراضي السعودية ارتفع، بالتزامن مع تصعيد إيران لخطوط المواجهة مع جيرانها، وتجلى في المسيرات المفخخة التي تسقط قبل أن تبلغ أهدافها، إلا أنها تعزز صورة الميليشيا الحوثية كأداة في يد طهران، ورهنا لحساباتها ومصالحها دون أن يرف لها جفن وهي تقتل اليمنيين وتنكل بهم أو تحرمهم من حقهم الطبيعي في العيش بطمأنينة واستقرار وسلام.

في لقاء جمع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الإيراني حسن روحاني، اتفق الجانبان على تعزيز التعاون بينهما، وتبادل المهام والأدوار التي تمكنهما من الحفاظ على المكاسب ولو بالحد الأدنى، وتجنب التنافس عليها. مستوى جديد من التنسيق لاختراق المنطقة، أو إعادة تدوير للأجندة التي خسرت البعض من رهانها، في وجه التحديات المحدقة التي عمقت من الاستقطاب، وكلفت العاصمتين الكثير من المتاعب والمشاق.

أنقرة الموزعة بين جبهات مختلفة، تفوق قدرتها على الاحتمال، وطهران التي يأكل الوهن أبناءها من تواطؤ كل أسباب الضعف عليهم، تجتمعان لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من مشاريع التوسع وأحلام التغول الإمبراطوري، لتكشفا عن أقصى حالات الضعف.

ذكر تقرير من “فورين أفيرز” معلومات مفادها أن الحرس الثوري يحضر نفسه لتولي زمام الأمور في إيران، بما معناه المزيد من التعنت والإيغال في خيارات انتحارية تزيد من تصادمها مع محيطها الإقليمي، ويظهر ذلك في شرر التصريحات وتطايرها في كل ناحية على ألسنة المسؤولين، وفي مقدمهم منتسبو الحرس الثوري شديد الانغلاق وعديم السياسة.

في مقابل ذلك، وجّه خط الدفاع الأول عن العمل العربي سهام نقده لتحالف الشر الجديد في المنطقة، وأبدى إصراره واستمراره في خيار منابذة هذه المشاريع الاستقطابية الآيلة للانهيار، وطالبت “اللجنة الوزارية العربية الرباعية” التي تضم السعودية ومصر والإمارات والبحرين، في اجتماعها الذي عقد على هامش أعمال الدورة الـ154 لمجلس الجامعة العربية، بوقف تدخلات طهران ومطالبتها بالتوقف عن دعم وكلائها بالمنطقة، فيما دعت مصر إلى وضع آلية ردع للنظام التركي.

هناك حديث عن تشكل محور جديد في الخليج أو المنطقة، وهوية عمل تتبنى مفردات تكاملية بين بعض عواصم المنطقة، وأن زخم الأحداث التي تشهدها هذه الأيام مجرد بوادر لذلك السياق الجديد المحتمل، والواقع أنه لا جديد سوى إسراف كل من تركيا وإيران في زيادة الانقسام وشحن حالة الاستقطاب الذي يخيّم على المنطقة، عبر الاستمرار في تبني سلوك عدواني وتوسعي يهدد دول وشعوب وعواصم المنطقة العربية ويحثها على اتخاذ تدابير سيادية وردعية حتى ترد عنها خبث الدسائس ومشاريع التفتيت والخراب.



الرابط :



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

«تتبع الحجارة» عنوان 100 يوم من الفن المعاصر في بينالي الدرعية

السعودية تشهد اليوم واحدة من أكبر المناسبات الفنية العالمية   السبت - 7 جمادى الأولى 1443 هـ - 11 ديسمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15719] الرياض: عمر البدوي أصبح حي جاكس جاهزاً لانطلاق الدورة الأولى من بينالي الدرعية للفن المعاصر، واستقبال المتطلعين لزيارة واحدة من أكبر المناسبات الفنّية العالمية، ابتداءً من اليوم (السبت)، حتى 11 مارس (آذار) المقبل، وهو أول بينالي دولي يتطرق لموضوعات وأشكال الفن المعاصر في السعودية، ويعرض أعمالاً لفنانين عالميين ومحليين، مع مجموعة من الورش الثقافية والتجارب الممتعة. يأتي بينالي الدرعية، كتجربة استثنائية، ومنصة إبداعية تمتد لمائة يوم، تكشف جوهر الفنون السعودية بمختلف أنماطها، وتُفسح للفنانين مساحات للحوار وإثراء تجاربهم، لتعزيز المشهد الثقافي والفني، وتمكين المواهب المحلية، واستقطاب مجموعات الفنانين الدوليين لإغناء الحدث الفني المهم. وقال راكان الطوق، المشرف على الشـــؤون الثقافية والعلاقات الدولية في وزارة الثقافــــة الســـــعودية، إن استضافة المملكة لأول بينالي للفن المعاصر، يعدّ إنجازاً استثنائياً، وإن أهميته تأتي من كونــــه نقطة التقــــــاء للعالم،...