مع الوقت يزداد انكشاف المشاريع الإقليمية الدخيلة على المنطقة، ويتكثف التنسيق المستمر لاستهداف ما بقي من روح العمل العربي المشترك الذي تعمل دوله على تطويق التمدد البشع لكل من أنقرة وطهران، بميليشياتهما وأيديولوجيتهما ومشاريع الفوضى والخراب التي تتبنيانها، لاسيما وأنهما تجدان طابورا خامسا من المستعدين للتفريط في استقرار أوطانهم وتقديمها قرابين على خشبة الولاء المطلق والاستسلام لأجندة حزبية مقيتة أو صِلات أيديولوجية خطيرة.
تزداد سخونة الخطوط الأمامية للمنطقة الخليجية، بوصفها جدار الصد المباشر، وراعية مشروع مقاومة جولة جديدة من الاختراق الإقليمي المرتقب، منذ الإعلان عن قرار مباشرة العلاقات الثنائية الكاملة بين الإمارات وإسرائيل، والمنطقة تتبلور على نحو جديد؛ تشعر طهران أن الاتفاق يستهدفها أو حدث نتيجة توجه جديد ستشهده المنطقة يزيد من الأعباء الملقاة على كاهل الإيرانيين.
كما أن منسوب الاستهداف الفاشل من الجماعة الانقلابية في اليمن للأراضي السعودية ارتفع، بالتزامن مع تصعيد إيران لخطوط المواجهة مع جيرانها، وتجلى في المسيرات المفخخة التي تسقط قبل أن تبلغ أهدافها، إلا أنها تعزز صورة الميليشيا الحوثية كأداة في يد طهران، ورهنا لحساباتها ومصالحها دون أن يرف لها جفن وهي تقتل اليمنيين وتنكل بهم أو تحرمهم من حقهم الطبيعي في العيش بطمأنينة واستقرار وسلام.
في لقاء جمع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الإيراني حسن روحاني، اتفق الجانبان على تعزيز التعاون بينهما، وتبادل المهام والأدوار التي تمكنهما من الحفاظ على المكاسب ولو بالحد الأدنى، وتجنب التنافس عليها. مستوى جديد من التنسيق لاختراق المنطقة، أو إعادة تدوير للأجندة التي خسرت البعض من رهانها، في وجه التحديات المحدقة التي عمقت من الاستقطاب، وكلفت العاصمتين الكثير من المتاعب والمشاق.
أنقرة الموزعة بين جبهات مختلفة، تفوق قدرتها على الاحتمال، وطهران التي يأكل الوهن أبناءها من تواطؤ كل أسباب الضعف عليهم، تجتمعان لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من مشاريع التوسع وأحلام التغول الإمبراطوري، لتكشفا عن أقصى حالات الضعف.
ذكر تقرير من “فورين أفيرز” معلومات مفادها أن الحرس الثوري يحضر نفسه لتولي زمام الأمور في إيران، بما معناه المزيد من التعنت والإيغال في خيارات انتحارية تزيد من تصادمها مع محيطها الإقليمي، ويظهر ذلك في شرر التصريحات وتطايرها في كل ناحية على ألسنة المسؤولين، وفي مقدمهم منتسبو الحرس الثوري شديد الانغلاق وعديم السياسة.
في مقابل ذلك، وجّه خط الدفاع الأول عن العمل العربي سهام نقده لتحالف الشر الجديد في المنطقة، وأبدى إصراره واستمراره في خيار منابذة هذه المشاريع الاستقطابية الآيلة للانهيار، وطالبت “اللجنة الوزارية العربية الرباعية” التي تضم السعودية ومصر والإمارات والبحرين، في اجتماعها الذي عقد على هامش أعمال الدورة الـ154 لمجلس الجامعة العربية، بوقف تدخلات طهران ومطالبتها بالتوقف عن دعم وكلائها بالمنطقة، فيما دعت مصر إلى وضع آلية ردع للنظام التركي.
هناك حديث عن تشكل محور جديد في الخليج أو المنطقة، وهوية عمل تتبنى مفردات تكاملية بين بعض عواصم المنطقة، وأن زخم الأحداث التي تشهدها هذه الأيام مجرد بوادر لذلك السياق الجديد المحتمل، والواقع أنه لا جديد سوى إسراف كل من تركيا وإيران في زيادة الانقسام وشحن حالة الاستقطاب الذي يخيّم على المنطقة، عبر الاستمرار في تبني سلوك عدواني وتوسعي يهدد دول وشعوب وعواصم المنطقة العربية ويحثها على اتخاذ تدابير سيادية وردعية حتى ترد عنها خبث الدسائس ومشاريع التفتيت والخراب.
تعليقات
إرسال تعليق