التخطي إلى المحتوى الرئيسي

متغيرات في الحالة اليمنية

لا أمل لجماعة الحوثي في السيطرة على اليمن، لقد أصبح هذا ضربا من المستحيل بعد أن جرى على الأرض الكثير من التغيير جعل اليمن أشد قسوة ومنعة على الابتلاع والهضم.
الاثنين 2020/09/07

لا يزال التحالف العربي يتصدى بنجاح للمسيرات المفخخة التي تطلقها الميليشيات الحوثية باتجاه السعودية، إذ تستمر في بعث رسائل ذابلة إلى مركز القرار في الرياض فحواها أن الجماعة لا تزال تحافظ على حيويتها في الواقع اليمني، فيما يواصل التحالف استهدافه الناجح لمواقع وعناصر تلك الميليشيات في محافظات الجوف ومأرب وهي تتقهقر وتفقد المزيد من الجبهات، إضافة إلى ما تلاقيه من تراجع وضعف، تبعا لمعاناة رعاتها في طهران.

الجماعة الانقلابية في صنعاء تحاول حجب عجزها وضعفها بالإمعان في خروقاتها لأي جهود لخفض التصعيد وتوسيع فرص السلام والتهدئة، وفي زيادة الانتهاكات الإنسانية وغير الأخلاقية بحق الشعب اليمني الذي يواجه تعسفا كبيرا بسبب سلوك ميليشيات الحوثي.

هناك تزامن مريب حدث في المسألة اليمنية، وهو الشبهات عن أعمال عرقلة وتعطيل تخوضها بعض الجهات ذات الجذور الإخوانية في طرف الشرعية، وتزايد الإشارات إلى بروز تعاون بين الحوثيين وجماعات من داعش والقاعدة في تيسير بعض المهام العسكرية والتلاعب بموازين القوى داخل الجبهات، وأخيرا تسريب خطير نقلته الصحيفة النمساوية  “دي بريسه” عن العميل السابق جايسون جي (اسم مستعار) يقول فيه إن قطر “تمول الحوثيين بشكل مباشر، ما يعني أنها تمول كذلك الهجمات بالصواريخ على السعودية”، بالإضافة إلى تمويلها لحزب الله والإخوان.

وتواصل السعودية من خلال دورها في قيادة التحالف تنفيذ مهام إنسانية وسياسية وعسكرية مجتمعة لمساعدة اليمن على تجاوز محنته، كما أنها تحشد دعم وطاقة المجتمع الدولي لإنجاح عملية تسريع وتنفيذ اتفاق الرياض الذي من شأنه موازنة كفة الأطراف الجادة في تطويق الخطر الحوثي.

كما قامت الرياض بتسمية الفريق الركن مطلق بن سالم الأزيمع على رأس قيادة القوات المشتركة، الذي يتوقع الجميع أن تسعفه خبرته في قيادة قوات درع الجزيرة إبان أزمة البحرين، وقبل ذلك في تحرير الكويت، على فك احتباسات الواقع اليمني وتفاصيله العسكرية والميدانية وتثبيت النجاحات الميدانية واستثمار انكشاف الجماعة الانقلابية في صنعاء لتحجيم عدوانها على الشعب والدولة.

ويساعد اتفاق الرياض ثم آلية تسريعه، في تصفية أجواء شركاء العمل من أجل الحدّ من نفوذ وتغول الجماعة الانقلابية، وفي تأجيل اشتباك الملفات المحلية، ليعاد التركيز على المسألة الرئيسة المتمثلة في أولوية الخروج باليمن من مأزقه. وبعد أن تعود الأمور إلى نصابها، يصبح في وسع الشركاء الحقيقيين والمتساوين في البلد إرساء قواعد العمل وتسيير شؤونهم بلغة التفاهم والتلاحم وليس بلغة الحرب والضرب.

لا أمل لجماعة الحوثي في السيطرة على اليمن، وإحكام قبضتها الكاملة عليه، لقد أصبح هذا ضربا من المستحيل وهذيانا من وحي الخيال. لقد جرى على الأرض الكثير من التغيير جعل من التضاريس اليمنية أشد ضراوة وقسوة ومنعة على الابتلاع والهضم.

الآن تحاول الجماعة الانقلابية أن تتحول إلى الوجه الآخر من اللعبة، بأن ترفع من وزنها التفاوضي، لتحصل على حصة ترضي نهمها للسيطرة.

يقبل التحالف بفكرة أن يكون الحوثيون جزءا معقولا ومقبولا من النسيج اليمني، بحكم وجودهم الديموغرافي، لكن الالتحاق بمشروع أجنبي يعادي دول المنطقة ويهدد أمنها، أو التعسف في الحصول على وزن سياسي كبير بمجرد توسيع الجرح اليمني والضغط عليه والاتكاء على سردية أيديولوجية رجعية ومخيال ديني واسع الحيلة، لا يكفي.

رغم ذلك يبدو العقل الحوثي مصرا على النجاح في ذلك، الأمر الذي يتسبب في إطالة أمد الحرب والإمعان في إيذاء الشعب اليمني وتوسيع خارطة وجعه المزمن.



الرابط :



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

«تتبع الحجارة» عنوان 100 يوم من الفن المعاصر في بينالي الدرعية

السعودية تشهد اليوم واحدة من أكبر المناسبات الفنية العالمية   السبت - 7 جمادى الأولى 1443 هـ - 11 ديسمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15719] الرياض: عمر البدوي أصبح حي جاكس جاهزاً لانطلاق الدورة الأولى من بينالي الدرعية للفن المعاصر، واستقبال المتطلعين لزيارة واحدة من أكبر المناسبات الفنّية العالمية، ابتداءً من اليوم (السبت)، حتى 11 مارس (آذار) المقبل، وهو أول بينالي دولي يتطرق لموضوعات وأشكال الفن المعاصر في السعودية، ويعرض أعمالاً لفنانين عالميين ومحليين، مع مجموعة من الورش الثقافية والتجارب الممتعة. يأتي بينالي الدرعية، كتجربة استثنائية، ومنصة إبداعية تمتد لمائة يوم، تكشف جوهر الفنون السعودية بمختلف أنماطها، وتُفسح للفنانين مساحات للحوار وإثراء تجاربهم، لتعزيز المشهد الثقافي والفني، وتمكين المواهب المحلية، واستقطاب مجموعات الفنانين الدوليين لإغناء الحدث الفني المهم. وقال راكان الطوق، المشرف على الشـــؤون الثقافية والعلاقات الدولية في وزارة الثقافــــة الســـــعودية، إن استضافة المملكة لأول بينالي للفن المعاصر، يعدّ إنجازاً استثنائياً، وإن أهميته تأتي من كونــــه نقطة التقــــــاء للعالم،...