التخطي إلى المحتوى الرئيسي

هل فقدت حماس بوصلتها

مجاهرة حماس بالعداء لمركز الثقل العربي في منطقة الخليج ضاعفت من غربة الحركة ذات الجذور الإخوانية وقضت على أي أمل لها بالعودة إلى مياه العقل والمنطق.

السبت 2020/08/29

الاندفاعة التي تقوم بها حركة حماس تجاه تركيا في ذروة الخلاف والاستقطاب الذي تشهده المنطقة، لا تصب في صالح القضية الفلسطينية. المشروع التركي يكشف في كل مرة عن دوره السلبي والمزعج في سوريا وليبيا وخطواته للتشويش والعرقلة في مصر واليمن وربما أخيرا في لبنان.

هذا الأمر يجعل أي اصطفاف مع أنقرة محل ريبة وشك وربما يغضب العواصم العربية التي تواجه المشاريع الخبيثة، وهي تحيق بالمنطقة العربية منفردة وبجسارة.

تعمل حماس على مواصلة نأيها بسرعة الصاروخ عن عواصم خليجية كانت لعقود من الزمن تتكفل بالجزء الأكبر من الدعم والمساعدات للقضية الفلسطينية، وتحمل مطالبها وحاجاتها في حقائبها الدبلوماسية وتتبناها في المحافل الدولية. هذه الدول كانت تؤجل مشاريعها القومية رعاية للأولويات الفلسطينية.

لكن في الفترة الأخيرة، سجلت حماس الكثير من المواقف التي تصب في خانة العداء لدول الخليج، وراكمت عددا من المناسبات التي انحازت فيها إلى عواصم إقليمية تشهر أسنة مشاريعها التدخلية في المنطقة. هذه العواصم تعمل على توظيف عدالة القضية وقيمتها في وجدان العرب لصالح أجنداتها السلبية، الأمر الذي يخصم من رصيد المسألة الفلسطينية ويستنزفها ويعيق أي خطوة تخدم الحل النهائي للقضية.

عملت حركة حماس على إبقاء علاقتها مع قطر المفيدة حيث تلتقي معها في جانبين، الأول مادي وللمفارقة يحدث بالتنسيق مع إسرائيل التي تتحكم في مقدار الدفعات المادية وتوقيتها وتمرير حقائبها إلى قطاع غزة، والثاني أيديولوجي تخادمي ينطلق من خلفية واحدة هي عقيدة الإخوان المسلمين والانخراط في سرديتها التي تضع الخصومة على رأس أولوياتها مع دول الخليج.

تلعب حماس سياسيا للرد على تجاهلها بالارتكان إلى أنقرة وطهران والدوحة، حسب ما يبرر بعض أنصارها، غير آبهة بكل الويلات التي تسببت فيها هذه العواصم وخلقته من مشاريعها التخريبية في المنطقة، وحين تتمنطق بالمعادلات السياسية، فإن ذلك يجردها من كل امتياز ينزهها عن اللوم والعتب ويضع سلوكها ونتائج خياراتها على طاولة النقد والرفض والمحاسبة.

تسبب الانقسام الفلسطيني الذي تشارك فيه حماس كطرف رئيسي في مراكمة الإحباط وارتخاء الحزام العربي الداعم تقليديا للقضية المركزية.

كما أن مجاهرة حماس بالعداء لمركز الثقل العربي الجديد في منطقة الخليج ضاعفت من غربة الحركة ذات الجذور الإخوانية وقضت على أي أمل لها بالعودة إلى مياه العقل والمنطق، بعد أن عملت على توسيع علاقاتها مع إيران ونعي قائد الميليشيا في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني بـ”الشهيد”، والذي بدوره خضّب المنطقة بدماء الطائفية والخراب، وأيضا مبادلتها لرسائل الود والتأييد مع ميليشيا الحوثي في اليمن، وتسجيل تقارب أكبر مع أنقرة في ذروة خصومتها مع العواصم العربية.

لقد تسبب وضع القضية الفلسطينية ضمن خانة المشاريع الاستقطابية في المنطقة بالكثير من الأذى، الذي دفع إلى تأجيل استحقاقاتها الشرعية. لنتذكر كم ترك الموقف غير المحسوب للقيادة الفلسطينية إبان غزو الكويت من استنزاف للقضية أخلاقيا وسياسيا وأحدث ندوبا لا تمحى وشرخا تاريخيا يضاف إلى بقية المصادمات التي وقعت في الأردن ولبنان ومصر وتسببت في تشتيت انتباه القضية والمعنيين بها عن أولوياتها الحقيقية.

يأتي الدور الآن مع دول الخليج بمغازلة خصومها الإقليميين وتمكينهم من توظيف ورقة القضية والانضواء تحت أجندتهم المؤدلجة، وإطلاق العنان لممارسات دعائية تخوّن قيادات البلدان الخليجية وتستعدي شعوبها وتستفز كرامتها ومركزية فلسطين في حساباتها.



الرابط :



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

«تتبع الحجارة» عنوان 100 يوم من الفن المعاصر في بينالي الدرعية

السعودية تشهد اليوم واحدة من أكبر المناسبات الفنية العالمية   السبت - 7 جمادى الأولى 1443 هـ - 11 ديسمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15719] الرياض: عمر البدوي أصبح حي جاكس جاهزاً لانطلاق الدورة الأولى من بينالي الدرعية للفن المعاصر، واستقبال المتطلعين لزيارة واحدة من أكبر المناسبات الفنّية العالمية، ابتداءً من اليوم (السبت)، حتى 11 مارس (آذار) المقبل، وهو أول بينالي دولي يتطرق لموضوعات وأشكال الفن المعاصر في السعودية، ويعرض أعمالاً لفنانين عالميين ومحليين، مع مجموعة من الورش الثقافية والتجارب الممتعة. يأتي بينالي الدرعية، كتجربة استثنائية، ومنصة إبداعية تمتد لمائة يوم، تكشف جوهر الفنون السعودية بمختلف أنماطها، وتُفسح للفنانين مساحات للحوار وإثراء تجاربهم، لتعزيز المشهد الثقافي والفني، وتمكين المواهب المحلية، واستقطاب مجموعات الفنانين الدوليين لإغناء الحدث الفني المهم. وقال راكان الطوق، المشرف على الشـــؤون الثقافية والعلاقات الدولية في وزارة الثقافــــة الســـــعودية، إن استضافة المملكة لأول بينالي للفن المعاصر، يعدّ إنجازاً استثنائياً، وإن أهميته تأتي من كونــــه نقطة التقــــــاء للعالم،...