التخطي إلى المحتوى الرئيسي

حتى في أسوأ ظروفها.. إيران تتمسك بعدوانيتها

كل بؤر الصراع التي غرزتها طهران في جسم المنطقة ترمي بحممها على العمامة الإيرانية وتلحق شرارتها الأذى بأطرافها، وهي تقف أمام ذلك عاجزة إلا عن النفخ في نار التصعيد.
الثلاثاء 2020/08/25

بطريقة هستيرية، توزع طهران تهديداتها في كل اتجاه، وترمي بشرر التصريحات العدوانية التي لا تفتأ تتوعد بإحراق المنطقة وهدمها على رؤوس ساكنيها.

لا يبدو هذا التوتر جديداً في لغة الساسة الإيرانيين، ولكنه زاد كماً ونوعاً هذه الأيام، في مسعى لهندسة أجواء ما بعد رفض تمديد حظر الأسلحة على إيران، لاسيما وأن الولايات المتحدة أعلنت تفعيل “سناب باك” أي العودة السريعة لكافة عقوبات الأمم المتحدة على إيران، في رد فعل سيكون أقوى وأكثر شراسة ولن يمنح طهران الفرصة لتتنفس الصعداء.

نظرة خاطفة على قائمة التصريحات الصادرة خلال اليومين الماضيين فقط من طهران، تظهر أن لغة وكلمات التهديد والوعيد طاغية جداً، وتشعر بحجم التوتر والقلق غير المفهوم أحياناً، بدأ بتناوب رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية الجنرال محمد باقري، وقبله الرئيس الإيراني حسن روحاني على توجيه كلمات خرجت عن الدبلوماسية تجاه دولة الإمارات بشأن قرارها مباشرة العلاقات الثنائية الكاملة مع إسرائيل.

تشعر إيران أن كل التحركات التي تمور بها المنطقة موجهة ضدها، وتضاعف الضغوط الاقتصادية التي ترهق كاهل الداخل من انفجار سياساتها في شكل تصرفات وتحرشات وتهديدات كلامية لا تهدأ

وكان رفض مجلس التعاون لدول الخليج تهديدات الرئيس الإيراني وبعض المسؤولين الإيرانيين تجاه دولة الإمارات وما حملته في طياتها من تداعيات خطيرة على أمن واستقرار منطقة الخليج العربي، ومنافاتها للأعراف الدبلوماسية.

لكن إيران واصلت سعيها إلى زيادة التوتر في منطقة الخليج العربي، بعد احتجاز سفينة إماراتية، وإرسال ثمانية زوارق بزعم الصيد لتجاوز المياه الإقليمية لأبوظبي.

ووسط هذا التوتر الواسع عرضت إيران صواريخ جديدة أبعد مدى وأذى، مع الكشف عن صاروخين جديدين أحدهما باليستي والآخر جوال من نوع كروز.

تعيش إيران واحدة من أكثر المراحل سوداوية في عمر الجمهورية، وينعكس هذا التوتر المتزايد في تصريحات المسؤولين لديها، إذ هددت لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني، ومنظمة الطاقة الذرية الإيرانية بإعادة أنشطتها النووية إلى ما كانت عليه قبل 2015، في حال أعادت واشنطن فرض العقوبات على طهران.

وتحدث الجيش الإيراني بأن قواته والحرس الثوري للبلاد في حالة تأهب لإحباط أي تهديد ضد إيران بصرف النظر إن كان نابعاً عن إسرائيل أو ما سماه “التحالف السعودي الأميركي”، فضلاً عن تصرفات غير مسؤولة من طهران، بتشجيع وكلائها في المنطقة على ارتكاب هجمات متفرقة ومنتظمة لتذكير المجتمع الدولي وجيرانها في المنطقة بترسانة الأدوات والأوراق التي تملك القدرة على تحريكها وإيذاء الجيران بها.

إذ وبالإضافة إلى التحرشات المائية وخطابات التهديد التي تسوقها ضد دول المنطقة، يتكرر إعلان التحالف العربي طوال الأيام القليلة الماضية تعطيل الهجمات الإرهابية العشوائية التي تشنها ميليشيا الحوثي على أراضي السعودية باستخدام صواريخ وطائرات مسيرة إيرانية الصنع.

إيران واصلت سعيها إلى زيادة التوتر في منطقة الخليج العربي، بعد احتجاز سفينة إماراتية، وإرسال ثمانية زوارق بزعم الصيد لتجاوز المياه الإقليمية لأبوظبي

فضلاً عن إمطار محيط السفارة الأميركية في بغداد، والمعسكرات التي يتمركز فيها جنود أو مستشارون أميركيون، وضرب الشاحنات التي تحمل طعاما ومواد لهم. يحدث هذا بالتزامن مع زيارة رئيس الوزراء العراقي إلى واشنطن، وتشعر طهران أن مشروعاً توشك بلورته للحد من نفوذها في العراق، وأن السلطات الأميركية تمنح الغطاء لتبني المشروع وتمكينه، الأمر الذي يزيد من استفزاز طهران ويرفع درجة غليانها.

يضيق الخناق على طهران، وتشعر أن كل التحركات التي تمور بها المنطقة موجهة ضدها، وتضاعف الضغوط الاقتصادية التي ترهق كاهل الداخل من انفجار سياساتها في شكل تصرفات وتحرشات وتهديدات كلامية لا تهدأ ولا تخفت، كل بؤر الصراع التي غرزتها طهران في جسم المنطقة ترمي بحممها على العمامة الإيرانية وتلحق شرارتها الأذى بأطرافها، وهي تقف أمام ذلك عاجزة إلا عن النفخ في نار التصعيد والتهديد وزيادة منسوب القلق منها.



الرابط :



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...